أول خريطة لمناجم الذهب في التاريخ.. مصرية
أكد أمين عام المجلس الأعلى للآثار المصرية، الدكتور مصطفى وزيري، أن قدماء المصريين قدموا للعالم أول خريطة لمناجم الذهب في التاريخ، مضيفاً في دراسة تاريخية حديثة، أن تلك الخريطة التي عُثر عليها مكتوبة على أوراق البردي، محفوظة الآن بمتحف مدينة تورينو بإيطاليا، إذ تظهر الخريطة مواقع مناجم الذهب والتلال الجبلية التي تحتوي بين مكوناتها الجيولوجية على «عروق الذهب»، وكذلك أكواخ عمال المناجم.
وحسب الدراسة، التي كشفت عن كثير من أسرار المعدن النفيس في مصر القديمة، عرفت مصر الذهب منذ عصر حضارة نقادة الثانية، وكان يستخرج من مجموعة مناجم كانت منتشرة بصحراء مصر الشرقية، ومن بلاد النوبة، يصل عددها لقرابة 120 منجماً.
ولفت وزيري، في دراسته، إلى ارتباط الذهب بالعقيدة المصرية القديمة، إذ كان يُعرف بأنه أحد معادن الخلود: «الذي انبعثت منه آلهة مصر القديمة»، إذ وظفه المصري القديم في بعض نواحي الحياة الدنيوية، بالإضافة إلى تلك التي تتعلق بالفكر الديني.
وأشار أمين عام المجلس الأعلى للآثار، إلى أن المصري القديم حرص على تغطية المومياوات بصفائح من الذهب والفضة، لكي يضمن لها الخلود، خصوصاً أن هذه المعادن النفيسة كانت ترمز إلى كل من عظام وأجساد وأطراف المعبودات، وبالتالي فإنها لا تفنى مثل أجساد المعبودات وبصفة خاصة أوزير.
ولذلك، طبقاً لوزيري، فإن عملية تذهيب جسد المتوفى يجعله محاكياً لجسد أوزير، غير أن هذه المعادن غير قابلة للتآكل أو التحلل أو الفناء، ومن ثم فإن وجودها على الجسد يحفظه من التحلل، ويضمن له الخلود وعدم الفناء.
وربط المصري القديم بين الشمس والذهب، وبين القمر والفضة، إذ ربط بين معدن الذهب ولونه الأصفر وضيائه وحيويته والشمس المانحة للضوء والحرارة، وربط معدن الفضة باللون الأبيض ذي البريق (ضياء الشمس ونور القمر).
وذُكر في النصوص المصرية القديمة أن الشمس هي عين رع، والقمر هو العين اليمنى لحورس، وإن عيني حورس ورع بمثابة عيني الكون، فالعين الأولى هي عين الصباح، والأخرى هي عين المساء.
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، إن الذهب لعب دوراً مهماً في تطور الفنون والصناعات في مصر القديمة، ولعب دوراً مؤثراً في الحياة السياسية والاقتصادية والدينية على مدار تاريخ الحضارة المصرية القديمة.
واعتبر المصري القديم أن الذهب أثمن المعادن، لكونه «مادة الشمس»، والذي «انبعثت منه الآلهة»، كما اعتُبر تجسيداً للمعبودة «حتحور الذهبية».
ووفق وزيري، كان الذهب أيضاً رمزاً للحياة الخالدة للشمس والآلهة، بحسب المعتقدات المصرية القديمة، التي كانت ترى أن إله الشمس رع كان «جبل الذهب الذي ينشر أشعته على العالم».
وحسب الدراسة، كان المصري القديم، يقوم بصياغة الذهب من خلال طريقتين، هما الطرق والصب، وكانت تنقش عليه نقوش، واستُخدم الذهب للأغراض الزخرفية، وعلى هيئة رقائق لتذهيب الأثاث والتوابيت.
مهارة كبيرة
تسجّل نقوش ورسوم جدران المقابر، بعض عمليات صياغة الذهب المسجلة على جدران بعض المعابد والمقابر، خصوصاً مقابر الدولة القديمة التي توضح أن الفراعنة أدخلوا النار في صناعة الذهب، وتصور هذه المناظر العمال وهم يصهرون المعدن في أوعية كبيرة من الخزف، يقف حولها عدد آخر من العمال وهم ينفخون النار بأنابيب طويلة من الغاب، أطرافها من الخزف الذي لا يحترق، ثم يصبون الذهب بعد صهره في قوالب لعمل الحُلي.
وكان يُطلق على غرف المقابر الملكية وعلى ورش صناعة التوابيت «منزل الذهب»، وبالنظر إلى ما حُفظ من آثار مصنوعة من الذهب، فإن الصياغ في مصر القديمة كانوا على جانب عظيم جداً من المهارة.