جمعة الجنيبي يحمل تراث النّهمة الإماراتية إلى أميركا
تتمتع دولة الإمارات بتراث غني متنوع يعكس طبيعتها التي تنقسم إلى بيئات بحرية وجبلية وبدوية وزراعية، ولكل منها ما يميزها من ملامح أصيلة ومهن تقليدية وأسلوب حياة. ويمثل التراث البحري جزءاً رئيساً من تراث الإمارات، إذ شكل البحر منذ زمن بعيد مكوناً أساسياً في طبيعة حياة أهل الإمارات، ومنطقة الخليج ككل، خصوصاً أن جانباً كبيراً منهم عمل في حرفتي صيد الأسماك والغوص لصيد اللؤلؤ، بالإضافة إلى الصناعات التقليدية التي ارتبطت بهاتين المهنتين، مثل صناعة السفن وقوارب الصيد التقليدية، وصناعة الشباك والقراقير، ومهنة الطواشة التي ارتبطت بتجارة اللؤلؤ، كذلك كان للبيئة البحرية فنونها الشعبية، من أبرزها فن النّهمة، وهو نوع من الأغاني التي كان يؤديها شخص ضمن طاقم سفن الصيد والغوص يطلق عليه «النّهام»، حسب النهام الإماراتي جمعة يوسف الجنيبي.
وأوضح الجنيبي لـ«الإمارات اليوم» أن السفن خلال رحلات الغوص للبحث عن اللؤلؤ كان لابد أن يكون ضمن طاقمها «نّهام» وهو أحد أعضاء فريق العمل، يتولى تأدية وإنشاد قصائد وشلات وأهازيج ترتبط كلماتها بالبحر والسفر والدعاء بأن يكلل الله رحلتهم بالنجاح والرزق الوفير والعودة سالمين، مشيراً إلى أن قصائد النّهمة تهدف إلى بث الحماس في نفوس البحّارة وتشجيعهم على مواصل عملهم الشاق، كما يسهم مؤدي هذا الفن في ضبط إيقاع العمل على السفينة أو «المحمل».
وأعرب الجنيبي عن سعادته واعتزازه باختياره ضمن وفد يضم 80 فناناً ومبدعاً من الإمارات لتمثيل الدولة في مهرجان سميثسونيان للفنون الشعبية الذي يعد أحد أبرز الأحداث الفنية والثقافية على مستوى العالم، والذي ينظم سنوياً في العاصمة الأميركية واشنطن، وتستمر فعالياته هذا العام في الفترة من 23 حتى 27 الجاري، ومن 30 الجاري إلى الرابع من يوليو المقبل، ويستضيف الحدث دولة الإمارات فقط في دورته هذا العام، بدعم كامل من وزارة الثقافة والشباب وبالشراكة مع وزارة الخارجية والتعاون الدولي وسفارة الدولة في الولايات المتحدة الأميركية.
ولفت إلى أنه تعلم «النّهامة» من والده وجده، وارتبط بها ويأمل أن يظل هذا الفن وغيره من فنون التراث حاضراً بين الأجيال المقبلة، مضيفاً: «من أجل الحفاظ على النهمة كموروث ثقافي إماراتي وخليجي، تقدمنا بمشروع إلى الجهات المسؤولة لتدريب النشء عليه ونقله إليهم بطريقة مشوقة حتى يظل حاضراً في نفوسهم وينقلونه بدورهم إلى الأجيال التالية»، مشدداً على أهمية أن يتم الحفاظ على التراث ونقله دون تغيير والتمسك بهويته وجوهره حتى لا يصاب بالضعف ويصبح هزيلاً خاوياً من المضمون.
وتابع الجنيبي: «في السابق لم يكن هناك وعي وحرص كافيين في تدوين التراث البحري الغنائي ونقله وحفظه، كما كان العمل في هذا المجال ينطلق من مبادرات واجتهادات فردية تفتقر إلى الإطار المؤسسي الواضح، لكن في السنوات الأخيرة أصبح هناك اهتمام لافت ومتزايد بهذا الأمر، وأصبح العمل على حفظ الموروث أكثر انضباطاً واجتهاداً، وهو ما انعكس في العديد من المهرجانات والفعاليات التراثية التي تقام في الدولة، وتعدد المشاركات الخارجية والدولية وما تحققه من نجاح لافت».
فن شديد الخصوصية
رأى النهام الإماراتي جمعة يوسف الجنيبي أن مشاركته في مهرجان سميثسونيان للفنون الشعبية في الولايات المتحدة الأميركية تمثل فرصة مهمة لتعريف الجمهور الأميركي بتراث الإمارات، وما يتميز به من خصوصية، إذ إن الفنون بمختلف أشكالها لها مكانة متميزة في الموروث الشعبي والثقافي للدولة والمنطقة، لاسيما فن «النهمة» الذي يعد أمراً غير مألوف بالنسبة للجمهور الأميركي والغربي عموماً.
دولة الإمارات ضيفة دورة هذا العام من المهرجان الذي يعد أحد أبرز الأحداث الفنية والثقافية على مستوى العالم.
جمعة الجنيبي:
«قصائد النّهمة كانت تهدف إلى بث الحماس في نفوس البحّارة، ومؤدي هذا الفن كان يسهم في ضبط إيقاع العمل على السفينة».
«تعلمت النّهامة من والدي وجدي، وارتبطت بها وآمل أن يظل هذا الفن وغيره من فنون التراث حاضراً بين الأجيال المقبلة».
80
مبدعاً من دولة الإمارات يشاركون في المهرجان.