حققت سبقاً علمياً باكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن إصابة فئة الصم

مريم العوبثاني: الوطن في حاجة دائمة لأبنائه المبدعين

مبكراً جداً، دفع شغف الإماراتية مريم غالب العوبثاني ورغبتها في تكريس تجربة معرفية متميزة، إلى تقديم أبحاث علمية مبتكرة، استطاعت من خلالها، وبعد محاولات طويلة ومضنية، اكتشاف الطفرة الجينية المسؤولة عن إصابة فئة الصم، وذلك، للمرة الأولى في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج العربي، محققة سبقاً علمياً جديداً يضاف إلى قائمة الأبحاث الخاصة في هذا المجال، بعد تخصصها في مجال دراسة جينات علم الإنسان ونيلها درجة الماجستير من جامعة الشارقة.

مؤكدة أن «ما قدمته حتى الآن هو مجرد بداية، والقادم أفضل، ما أدعو إليه دوماً الشباب الطموح إلى العلم والمعرفة الذين أنصحهم بعدم التوقف عند محطة معينة، وإنما الاستمرار في البحث عن الفرص والآفاق المتاحة في كل المجالات، فالوطن في حاجة دائمة إلى أبنائه المبدعين».

تميز مهني

وتحدثت مريم العوبثاني التي تعمل الآن أستاذ ضابط مختبر في جامعة الشارقة لـ«الإمارات اليوم»، عن طبيعة عملها في قسم التقنيات الحيوية مسؤولة عن مادة الأحياء وعن عمليات تحضير التجارب العلمية من ناحية الأمن والسلامة، في ما يتعلق بالطلاب والبيئة المحيطة، بالإضافة إلى اعتمادها مدربة حاصلة على شهادة «البورد البريطاني» في مجال تطوير الذات، في محاولة منها لتقديم خبراتها العلمية والأكاديمية للجيل الجديد من الطلاب والباحثين في الإمارات.

مثابرة وتجارب

وحول ظروف اكتشافها للطفرة الجينية المسؤولة عن حالات الإصابة بالصم لدى فئة معينة من البشر، أكدت العوبثاني أنها وبحكم تخصصها العملي، خاضت مجموعة من التجارب العملية والمحاولات العلمية المتعاقبة قبل أن تستقر على موضوع بحثها الذي أشرف عليه الدكتور عبدالعزيز التليلي واصفة محطات تجربتها بالقول «كان لابد في البداية من جمع العينات الخاصة، فاندفعت نحو عملية بحث شخصية واسعة عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعن طريق الأصدقاء والجامعة، إلى أن اكتشفت مدرسة الأمل المتخصصة في رعاية الصم في الشارقة، التي بنيت عليها تجاربي».

تسهيل المهمة

وأكدت مريم ضرورة توجيه الشكر الجزيل للأخصائية فاطمة الدرمكي التي لم تدخر جهداً في دعمها لإنجاز مهماتها ومساعدتها على حضور الفصول الدراسية ومن ثم تسهيل مهمتها في هذا الإطار ومساعدتها في تعلم لغة الإشارة لسهولة التواصل مع الطلبة»، متابعة «استطعت من ثم جمع 124 عينة من لعاب المصابين بالصم، في الوقت الذي تطلبت شروط البحث العلمي، دراسة ما لا يقل عن 50 عينة، لأبدأ مباشرة بعد ذلك، مرحلة سلسلة البحوث المختبرية، التي كانت بمثابة امتحان حقيقي لقدرتي على تحمل مشاق الطريق وتحدياته وجهدي ومثابرتي من أجل تحقيق أهدافي، خصوصاً مع مسؤولياتي المتعددة التي أقتسمها على الدوام بين متطلبات وظيفتي الصباحية كضابط مختبر أقوم بتجهيز التجارب العلمية للطلبة، والوقت الذي تتطلبه في المساء، تجارب أبحاثي العملية التي استغرقت مني نحو عام ونصف العام».

تحديات

لا تتردد المكتشفة الإماراتية مريم العوبثاني في الحديث عن أصعب المواقف والأزمات التي واجهتها والتي أسفرت عن اكتشافها الأخيرالذي يضاف إلى سلسلة الاكتشافات الرائدة في مجال علم جينات الإنسان، قائلة «لم تكن المهمة سهلة كما يتخيل البعض، فقد فشلت في الحصول على نتائج الاختبارات وأعدت العملية 10 مرات متتالية، فيما اضطررت للانتظار أسابيع قبل الحصول على النتائج المرتقبة، لكنني حرصت على مسابقة الوقت والتمسك بأهدافي في النجاح من خلال تكثيف وجودي في المختبر لربح الوقت وتحقيق النتائج المرجوة بشكل أسرع.

وأضافت «لا أنكر أنني مررت بلحظات تعب ويأس ورهبة من الإخفاق وصولاً إلى اللحظة الحاسمة التي ترافقت آنذاك مع التجربة العاشرة التي أسفرت وقتها عن اكتشاف الطفرة الجينية النادرة التي تسمى (تي إم سي 1) والتي لا تزيد نسبتها عن 5% من إصابات الصم حول العالم، بخلاف الطفرة الجينية المعروفة باسم (جي جي بي 2)، خصوصاً إذا علمنا أن الطفرة الجينية هي عبارة عن خلل جيني يحدث في أي عضو في جسم الإنسان ليؤدي إلى فشل في أداء هذا العضو لوظائفه ومهامه الاعتيادية».

قيمة علمية

وحول أهمية اكتشافها العلمي الجديد، أكدت مريم العوبثاني، أن بحثها العلمي متوفر لجميع الأوساط العلمية العالمية، وذلك بعد أن بادرت صاحبته بتوثيقه من الناحية العلمية ومن ناحية حقوق الملكية الفكرية، على اعتبار ترافقه مع شروط مناقشة شهادة الماجستير في مجال تخصصها الذي تطلب نشر مقالة علمية ذات فائدة قيمة في إحدى المجلات العلمية المحكمة ذات المصداقية العالمية، مؤكدة في الوقت نفسه أن الأهم هو الاستمرار في اكتشاف المزيد من الجينات والطفرات في هذا المجال وتحقيق الفائدة العامة.

مريم العوبثاني:

• «الطفرة الجينية عبارة عن خلل جيني يحدث في أي عضو ويؤدي إلى فشل في أدائه».

• «الأهم هو الاستمرار في اكتشاف المزيد من الجينات والطفرات وتحقيق الفائدة العامة».


تطوير الذات

لا تتوقف طموحات مريم العوبثاني عند حدود الاكتشاف العلمي والتميز في مجال الدراسات الأكاديمية، بل تتخطاه إلى تقديم خبراتها ومعارفها المتنوعة في مجالات موازية أبرزها تجربة التدريب الذي انخرطت فيه مريم لتطوير إمكانياتها ومعارفها في مجال تطوير الذات، ومن ثم دعم تجربتها في المجال، مؤكدة «بعد حصولي على شهادة الماجستير، كان لدي فائض كبير من الوقت، ففكرت في تقديم دورات علمية متخصصة مثل آلية حساب الجينات المسؤولة عن نقل صفات الوالدين إلى الطفل وغيرها من الدورات التي يمكن أن تساعد في نشر المعرفة على نطاق واسع».

تويتر