عرض أعمال الفنانة الراحلة في مركز جميل للفنون

باسيتا أباد.. وجوه وملامح بالأقمشة الملوّنة

تعتمد أعمال باسيتا أباد على تقنية خياطة «اللحف» التي تركّز على الحشوات والتطريز. تصوير: باتريك كاستيلو

تعتمد أعمال الفنانة الفلبينية باسيتا أباد على تقنية خاصة، أُطلق عليها اسم «التربونتو»، والتي تأخذ أصولها من الكلمة الإيطالية «ترابونتاري»، وهي تقنية خياطة «اللحف» التي تركز على الحشوات والتطريز. عملت الفنانة الراحلة من خلال هذه التقنية على تجسيد البشر وحياتهم ومتاعبهم والثقافات المتنوعة من خلال الأقمشة المطرزة، فرسمت الوجوه وعرضت المشاعر بألوان صاخبة وغزيرة تجعل المساحة التي تعمل عليها مفعمة بالحياة.

عُرضت مجموعة من أعمال الفنانة في مركز جميل للفنون في دبي في معرض نظم بالتعاون مع مؤسسة باسيتا أباد الفنية والفنان بيو أباد، وقدمت الأعمال التي أنتجتها بين عامي 1975 و2004، والتي تبرز كيف كانت الفنانة غزيرة الإنتاج، وغالباً ما كانت تنجز مجموعاتها الفنية في وقت واحد.

تنتمي الأعمال الخاصة بالفنانة، الى أربع مجموعات رئيسة من أعمالها، وهي «أقنعة وأرواح»، وعملت عليها الفنانة في الفترة الممتدة بين 1979-1991، و«تجربة المهاجرين» وتعود للفترة الواقعة بين 1983-1995، و«أبواب إلى الحياة»، وهي أعمال أنتجتها عام 1998، بالإضافة الى مجموعة من الأعمال التجريدية من مختلف مراحل حياتها المهنية.

كما عرض مركز جميل للفنون، مجموعة واسعة من أعمالها التي تعكس تنوع الموضوعات وأنماط الرسم التي تناولتها خلال حياتها المهنية، بدءاً من الأعمال المستوحاة من أقنعة الطقوس والزخرفة إلى اللوحات التي تعكس الحقائق اليومية للمهاجرين والعمالة الفلبينية في الخارج والتجريدات الضخمة.

أنتجت أباد مجموعة كبيرة من الأعمال التجريدية التي شكلتها خلال أسفارها، واستوحت موضوعاتها من انغماسها في تقاليد الشعوب الأصلية وعلوم الكون عندها. وعملت على هذه اللوحات التجريدية بالتزامن مع عملها على أقنعتها وأعمال التربونتو الواقعية الاجتماعية، فاستحالت هذه التجريدات إلى إنتاجات غنية بالتلميحات الثقافية، تتمرد على الحدود بين التجريد والتمثيل التي أنشأتها الأنماط الغربية في عالم الفن، وتحتفل بالنمط والديكور وتعدّهما من العناصر المركزية في الحياة اليومية.

إن أساس فهم أعمال أباد يتمثل في فهم مدى تأثير حياتها التي داومت فيها على التنقل والسفر، فقد شكّل فضولها الشديد ورغبتها في التعلم من الأشخاص الذين قابلتهم، سواء كان تعلّم تقنيات الخياطة والتطريز من زملائها الفنانين في الولايات المتحدة أو من نساء راباري في راجاستان، أساس لغتها البصرية، وهو ما دفعها لتجربة هذه المواد واختبارها والعمل بها. نستكشف من خلال أعمالها البعد عن الاستحواذ المبسط للثقافات أو ادّعاء امتلاكها، فأعمالها كانت مشاركة حقيقية مع الناس وتاريخهم الاجتماعي والمادي مدفوعة بفهم ما يعنيه العيش على الهامش.

صاغت أباد طوال حياتها المهنية مفردات رسمية غنية.

ويمكن قراءة أعمالها المجردة من خلال الحواس المتنوعة، حيث يعكس اختلاط الحواس بطاقة وحيوية اللون والقوام والموسيقى.

انجذبت أباد خلال فترة سفر مكثفة عبر كينيا والسودان ومصر والكونغو في عام 1979 إلى الفنون الشعبية والمنسوجات التقليدية للشعوب التي صادفتها، فجمعت العديد من القطع، سواء كانت منسوجات أو أقنعة أو سلالاً أو خرزاً.

كما أنها سافرت الى اليمن، ويبرز تأثرها الواضح بأشكال الأبواب في المنطقة، إذ جسدتها في أعمال فنية، تحاكي الروح.

زوج الفنانة الراحلة، جاك، قال لـ«الإمارات اليوم»: «كانت أباد تتميز بكونها تحب الألوان كثيراً، الى جانب حبها للاختبار، فكانت تستكشف كثيراً من خلال العمل، وسافرت إلى كثير من دول العالم، وقد استلهمت أفكارها وفنها من هذه الأسفار».

ولفت جاك الى أنها بدأت في الفلبين بعد أن درست الفن، وكانت عائلتها تعمل في الحقل السياسي، وبعدها انتقلت الى الخارج، وبدأت تعمل على دراسة التاريخ والفن، وقد أسهمت الاسفار الكثيرة في تكوين عملها الفني. وأشار الى أنها كانت شغوفة بدمج الأقمشة والألوان لتبرز الثقافات المتعددة، وتعتمد على حشو الأقمشة وتلوينها.

سيرة فنية

 

ولدت باسيتا أباد في باتانيس في الفلبين عام 1946، وتوفيت في سنغافورة في عام 2004. درست الرسم في كلية كوركوران للفنون في واشنطن العاصمة ورابطة طلاب الفن في نيويورك، وعرضت أعمالها في العديد من المعارض الفردية، التي ضمت «حياة على الهامش»، و«باسيتا أباد: الملايين من الأشياء لقولها» في متحف الفن والتصميم المعاصر في مانيلا، و«دوائر في ذهني» في معهد تايلر برنت سنغافورة في سنغافورة، و«استكشاف الروح» في المتحف الوطني بإندونيسيا في جاكرتا، و«الحلم الأميركي» في المتحف الوطني للمرأة في الفنون بواشنطن العاصمة، و«أقنعة من القارات الست» في مركز فنون ميترو في واشنطن العاصمة.

كما شاركت في العديد من المعارض الجماعية، مثل معرض «العقول تنهض والمعنويات تتناغم» في بينالي جوانجو 13، و«عرق» في هاوس دير كونست في ميونيخ، وغيرهما من المعارض الجماعية.

• تتمرّد على الحدود بين التجريد والتمثيل، وتحتفل بالنمط والديكور، وتعدّهما من العناصر المركزية في الحياة اليومية.

تويتر
log/pix