«بعيداً عن النيل».. ما تفرّقه السياسة تجمعه 99 دقيقة موسيقى
من دون تأشيرة سفر أو جواز مرور انسابت الموسيقى في مجرى النيل، فجمعت فناني دول النهر من المنبع إلى المصب ضمن فريق واحد يعزف لحناً للمحبة والتعايش والإخاء في الفيلم الوثائقي «بعيداً عن النيل» للمخرج المصري الأميركي شريف القطشة.
الفيلم يوثق عبر 99 دقيقة جولة فنية لفريق مشكّل من 12 موسيقياً من إثيوبيا والسودان ومصر وكينيا وأوغندا وإريتريا وبوروندي، خلال 100 يوم عبر الولايات المتحدة في إطار مشروع قائم منذ سنوات يهدف إلى تسليط الضوء على الروابط المشتركة بين أبناء شعوب النيل للتغلب على المشكلات السياسية والخلافات القائمة على المياه.
ولأن موضوعه مختلف عن كثير من الأفلام الوثائقية جاء الفيلم بمثابة رحلة على الطريق تحمل في طياتها مشاعر غزيرة من الألم والحزن والفرح والخذلان والغضب، مع كثير من الضحك النابع من مواقف عفوية بسبب تباين ثقافات ولغات وطباع أفراد الفريق.
واستعرض الفيلم أدق تفاصيل الجولة الفنية بين عدد من الولايات، وفي مقدمتها البروفات المكثفة قبل كل حفل، حيث تعتمد العروض على أغانٍ وموسيقى غير مدونة مستمدة من الفلكلور المحلي لكل بلد، ما يضع على عاتق كل فرد التعريف بموروثه الثقافي وتلقينه للآخرين.
ومثل رحلة الحياة لم تخلُ رحلة الفريق من الخلافات التي دبت بين الحين والآخر وكادت تعصف بالرحلة أو تقصي أحد الأعضاء، لكن في النهاية كان حب الفن دائماً هو الغالب، وكان تفاعل الجمهور مع الحفلات هو قطرات المطر التي تنهمر فتطفئ أي حريق صغير ينشب هنا أو هناك.
وقال شريف القطشة، مخرج الفيلم، إنه عرف بالمشروع وتعرف إلى أفراد الفريق في مدينة أسوان قبل أن تبدأ الجولة الفنية، وانجذب إلى نبل الفكرة فقرر حمل كاميراته ومرافقتهم.
وقال: «رافقتهم لمدة أربعة أشهر تقريباً، ثم واصلت التصوير لمدة عام، بينما استغرق إعداد الفيلم وصنعه نحو العامين، لكن هذا كان بسبب تفشي جائحة كورونا».
وأضاف «سافرت بمفردي دون أي معاونين، وكنت أؤدي جميع المهام وحدي، فقط، كنت أضغط زر التسجيل وأدع الكاميرا تلتقط كل شيء، ورغم أن الأمر لم يكن مألوفاً لأعضاء الفريق في البداية أصبحوا بمرور الوقت يتصرفون بمنتهى التلقائية دون تفكير في التصوير».
وأشار إلى أن أصعب مراحل الفيلم كانت عملية المونتاج، لأن عدد ساعات التسجيل بلغ 400 ساعة، تم اختصارها في 99 دقيقة عُرضت على الشاشة.