«التلي» الإماراتي يزهو في قائمة «اليونسكو»
أكدت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، وعضو مجلس دبي، أن جهود دبي مستمرة في مجال حفظ التراث المحلي وعناصره الثقافية، مشيرة إلى أن تسجيل حرفة التلي على قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي، يُعد إنجازاً يحفظ هذه الحرفة التراثية، ويضمن ديمومتها، تناغماً مع نهج دولة الإمارات في صون التراث والاحتفاء به كمصدر إلهام للأجيال المقبلة يزيد من ارتباطهم بهويتهم الوطنية.
وأثنت سموّها على نجاح الجهود الكبيرة التي بذلتها دبي وأثمرت عن تسجيل حرفة التلي على قائمة «اليونسكو» للتراث الثقافي غير المادي خلال الاجتماع الـ17 للجنة الدولية الحكومية للدول الأطراف في اتفاقية صون التراث الثقافي غير المادي، التي عُقدت في مدينة الرباط المغربية.
وقالت سمو الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد آل مكتوم: «تواصل دولة الإمارات ودبي تحقيق مزيد من الإنجازات في مجال صون التراث الثقافي المادي والمعنوي، انطلاقاً من نهجها الراسخ في حماية تراثها الثقافي بكل أشكاله المادية والمعنوية، ما يرسم صورة شاملة عن هويتها الفريدة وتراثها الغني».
وأشادت بالجهود التي دعمت ملف الإمارات في تسجيل حرفة التلي على قائمة «اليونسكو» للتراث الثقافي غير المادي، وتوجهت بالشكر إلى وزارة الثقافة والشباب، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، وفريق «دبي للثقافة» الذي تولى إنجاز الملف، وأثنت على إسهاماتهم في التعريف بالتراث المحلي على الساحة الدولية.
وأضافت سموّها: «يُعد نجاح الإمارات في تسجيل حرفة التلي على قائمة اليونسكو، تتويجاً للجهود المبذولة للحفاظ على التراث الإماراتي، ويعكس التزام (دبي للثقافة) وحرصها على حفظ هذا التراث الغني وصونه، والتعريف به عالمياً وتسليط الضوء على قيمه الثمينة، والتأكيد على أهمية خلق البيئة الملائمة لضمان استدامة الصناعات التراثية».
وأشارت إلى أن نجاح تسجيل حرفة التلي يُضاف إلى رصيد الإنجازات الثقافية للدولة، لافتة إلى أنه «على مدار السنوات الأخيرة نجحت الإمارات في إدراج العديد من العناصر التراثية والوطنية الفريدة ضمن قائمة اليونسكو، وتسجيل حرفة التلي يسهم في حمايتها وصيانتها وتعريف العالم بهويتنا الوطنية وعمق أصالتها.. نفتخر بتراثنا الذي تتجسد فيه قيمنا وحضارتنا، ونسعى لغرسه في نفوس الأجيال الجديدة ليتناقلوه جيلاً بعد جيل، حفاظاً على الموروث المحلي والهوية الوطنية».
تطوّر الحرفة
ويسهم إدراج حرفة التلي على القائمة في توسيع مجالات تطور الحرفة على مستوى التدوين البحثي والفكري والتوظيف في مجالات الحياة المختلفة، ما يعزز طرق حمايتها من الضياع، فيما تعزز هذه الخطوة من حضور الثقافة الإماراتية على الساحة الدولية، وتعكس التطلعات الحضارية والثقافية للدولة، لما ينطوي عليه التراث من قيم رمزية وإنسانية من شأنها أن تجسر الهوة بين الثقافات وتقرّب فيما بينها.
وكانت «دبي للثقافة»، بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة، قد تقدمت بملف حرفة التلي تحت عنوان «التلي: مهارات التطريز التقليدية في دولة الإمارات العربية المتحدة»، وسعت فيه إلى إبراز أهمية وتاريخ حرفة التلي في الإمارات، إذ أشارت في ملف الترشيح إلى أن عدد النساء اللواتي يمارسن هذه الحرفة يتجاوز الـ4000 امرأة، يمثلن مختلف شرائح المجتمع المحلي.
وتواصل «دبي للثقافة» عبر مركز تراث للحرف اليدوية التقليدية، الذراع التعليمية لمتحف الشندغة، أكبر متحف تراثي بدبي، الجهود الرامية لصون وحماية حرفة التلي من خلال التركيز على نقل أسرارها للأجيال المقبلة، لإكسابها الخبرات والمهارات والمعارف التي تحتاجها لتعلم هذه الحرفة التقليدية، إلى جانب رفع مستوى الوعي المجتمعي بأهميتها وتاريخها وأصولها، حيث يأتي ذلك كجزء من مسؤوليتها الثقافية ويصب في إطار التزام الهيئة بدعم ورعاية المهارات والمعارف الحرفية وتطويرها والاستثمار في الطاقات الشابة والمبدعة، كما يعكس ذلك إيمان الهيئة بضرورة ترسيخ التراث المحلي في نفوس الأجيال الناشئة، وتوثيق علاقتها بالهوية الوطنية وتاريخ الدولة.
أسماء
وتُعد التلي حرفة تقليدية تمارسها النساء داخل البيوت الإماراتية، وهي إحدى مكونات التراث الثقافي المحلي التي توارثتها الأجيال عبر الزمن، وحرفة نسيج يدوي تقليدي تتميز بألوانها الزاهية وتصميماتها الجميلة، تقوم فيها النساء بإنتاج تصاميم مختلفة تستخدم في تزيين ملابس النساء، وتتميز القطع بأنماطها المستلهمة من عناصر البيئة المحلية، ويراوح إنجاز تصميم التلي ما بين بضع ساعات وأشهر عدة، بناءً على طبيعته ومدى تعقيده، وعدد الخيوط المستخدمة فيه. ويطلق على تصاميم التلي أسماء مختلفة نسبة إلى الطريقة المستخدمة في إنتاجه، من بينها «ساير ياي» (الذهاب والإياب) و«بوخوصتين» أو «بوفتلتين» و«بوخوصة» أو«بوفتلة»، وغيرها.
ويُستخدم التلي في تزيين جميع أنواع الملابس النسائية، من فساتين الأعراس والفساتين الرسمية إلى الملابس اليومية. وانتقلت مهاراته من الأمهات إلى الفتيات جيلاً بعد جيل حتى يومنا الحالي، باعتبارها جزءاً مهماً من التراث الشعبي، ومهنة متوارثة عبر الأجيال في الإمارات. والتلي هو شريط مطرز منسوج من خيوط قطنية ممزوجة مع الشرائط الذهبية أو الفضية، وينسج التلي باستخدام «الكاجوجة»، وهي وسادة مستندة على قاعدة معدنية على شكل قمعين ملتصقين من الرأس. وتُستخدم الآن الخيوط الاصطناعية كبديل لخيوط الفضة أو الذهب الخالص، ويُعد الأسود والأخضر والأحمر والأبيض أكثر الألوان استخداماً في تصميمات التلي الإماراتي التقليدي، إضافة إلى اللون الفضي.
لطيفة بنت محمد:
«جهود دبي مستمرة في مجال حفظ التراث المحلي وعناصره الثقافية، ونفتخر بتراثنا الذي تتجسّد فيه قيمنا وحضارتنا، ونسعى لغرسه في نفوس الأجيال الجديدة ليتناقلوه جيلاً بعد جيل».
التلي يُستخدم في تزيين جميع أنواع الملابس النسائية، من فساتين الأعراس والفساتين الرسمية إلى الملابس اليومية.
العنصر الـ 13
تمثل حرفة التلي العنصر الـ13 الذي تنجح الإمارات في إدراجه بقائمة التراث الثقافي غير المادي لمنظمة «اليونسكو»، إذ استطاعت منذ عام 2010، تسجيل 12 عنصراً في «اليونسكو»، باعتبارها تراثاً ثقافياً إنسانياً يخص البشرية، وهي، الصقارة، السدو، التغرودة، العيالة، المجلس، القهوة العربية، الرزفة، العازي، النخلة، الأفلاج، وسباق الهجن، إضافة إلى الخط العربي.
كما أعلنت اللجنة الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي في اجتماعها بالمغرب، أخيراً، تسجيل عناصر أخرى تجمع بين الإمارات ودول شقيقة، مثل حداء الإبل، وهو تقليد شفهي للنداء على قطعان الإبل، ويجمع بين الإمارات والسعودية وسلطنة عمان. وكذلك المعارف والمهارات والتقاليد والممارسات المرتبطة بزراعة النخيل، وشمل الملف دولاً عدة أيضاً هي الإمارات، السعودية، البحرين، الكويت، سلطنة عمان، مصر، الأردن، العراق، قطر، فلسطين، المغرب، تونس، اليمن، السودان، وموريتانيا.