الأسواق التراثية في الإمارات.. عبق الماضي يفوح خلال «أجمل شتاء»
يحظى الزوار والسياح بترف لا مثيل له عندما يلبون الدعوة لاستكشاف أمكنة جديدة في دولة الإمارات، فحيثما توجهوا وجدوا كنوزاً حضارية، ودفئاً إنسانياً وتاريخاً عريقاً في بيئات البر والبحر والجبال، وفي كل مدينة مزجت ببراعة استثنائية بين الأبراج الشاهقة والعمارة الحديثة المبهرة ومراكز التسوق العصرية العملاقة، وبين المناطق الأثرية والأسواق التراثية التي احتفظت برونقها وأصالتها وجاذبيتها الكبيرة لمحبي التراث والتقاط الصور الفريدة للأزياء القديمة والمشغولات اليدوية، وسط عبق العطور والبخور، ونكهة القهوة العربية الأصيلة.
الأسواق التراثية على امتداد الإمارات وجهة رئيسة في النسخة الثالثة من حملة «أجمل شتاء في العالم»، التي تحمل شعار «موروثنا». وهذه الأسواق تضم الكثير من مفردات الموروث الإماراتي الأصيل، وإبداعات وعادات وتقاليد أهلها، وأصبحت بفضل الاهتمام الكبير بترميم القديم منها وتوسيعه والتعريف به مقصداً مهماً للتجارة والسياحة على مدار العام.
وتستقطب الأسواق التراثية خلال «حملة أجمل شتاء في العالم»، أعداداً كبيرة من الزوار المحليين والسياح من خارج الدولة، وإضافة إلى البعد الاقتصادي فإن تلك الأسواق تعكس ثقافة متجذرة في المجتمع الإماراتي، من أبرز ملامحها أصالة الضيافة وصفاء الترحيب، وإحساس الجميع مهما تعددت جنسياتهم ولغاتهم بألفة خاصة وأمان.
وجهات مثالية
وتضم إمارة أبوظبي أسواقاً شهيرة، منها سوق الزعفرانة في مدينة العين، ويعرف بالسوق المركزي أو السوق القديم، ويُعدّ وجهة مثالية للاستكشاف والتقاط الصور، ويمتاز بطابعه التراثي الأصيل، ويعكس الثقافة والتقاليد الإماراتية، ويشتهر ببيع العبايات التقليدية والبخور والتوابل والحنة والعود.
ومن الأسواق الشهيرة في أبوظبي أيضاً سوق القطارة الذي يضم العديد من المنتجات التراثية، ويتصل بقلعة القطارة التي أُعيد تطويرها لتضمّ حالياً مركز القطارة للفنون، وهو عبارة عن برج ومنزل تقليدي يتربّع على تلّ مطلّ على حدائق النخيل في واحة القطارة بالعين. ويعكس المركز الهندسة المعمارية المحلية التقليدية، إذ شهد أعمال ترميم دقيقة، ليوفر حالياً وجهة مناسبة للعائلات، كما يحتضن المركز برامج ثقافية وفنية تتناول التقاليد والممارسات الفنية المحلية التي تُعتبر مثالية للزوار من مختلف الأعمار.
خيارات متنوعة
وتكثر الأسواق التراثية في إمارة دبي، من أقدمها سوق الراس الذي احتفظ بجاذبيته لدى الزوار بسبب عراقته وتنوع منتجاته المعروضة، فيما يقدم سوق نايف عبر عشرات المحال قائمة طويلة من المنتجات التراثية والحديثة.
ويستقطب «سوق الذهب» في ديرة بدبي الزوار من جميع أنحاء العالم، ويتيح لهم الاختيار بين مختلف أنواع الحلي النفيسة والمشغولات الذهبية النادرة.
ويضم السوق محال كبيرة تعرض تشكيلات واسعة من المشغولات مثل السبائك الذهبية، والأساور، والأطواق، والخواتم، والماس، وأحجار الزمرد والياقوت واللؤلؤ وغيرها،
بينما يتميز سوق الفهيدي في دبي بتصميمه المعماري التقليدي، ومحاله المتخصصة في بيع الأقمشة والذهب والإكسسوارات والأشغال اليدوية والذهب والمطرزات التراثية والتحف.
وأطلقت على سوق نايف العديد من الأسماء، إذ كان في السابق عبارة عن أكشاك خشبية، إلا أن اسم سوق نايف هو الأكثر شهرة، وسمي به نسبة إلى «قلعة نايف» الموجودة في المنطقة ذاتها، والتي تعد من المعالم الأثرية البارزة في مدينة دبي.
رائحة الماضي
ويمثل سوق الشناصية في الشارقة مكاناً أثيراً لزوار المدينة، بموقعه الاستراتيجي المطل على الواجهة البحرية، وبضائعه المتنوعة، وتعرض عشرات المتاجر في السوق المشغولات اليدوية والمقتنيات ذات القيمة التاريخية والتحف الخشبية والصناديق العربية المطعمة باللؤلؤ وأباريق القهوة النحاسية والمصوغات اليدوية والمجوهرات التراثية والعطور والبخور والملابس المصنوعة يدوياً والسلال المصنوعة من سعف النخيل والأعشاب الطبية والسجاد والهدايا التذكارية. ويعد سوق الشناصية من أقدم وأكثر الأسواق حيوية وشهرة، إذ كشفت أعمال الحفريات والتنقيب في المنطقة الواقعة بين حصن الشارقة والكورنيش عن أساسات السوق القديم الذي يرجع تاريخه إلى فترة الخمسينات من القرن الماضي، ورمم السوق على الأساسات التي اكتشفت، ويستقطب حالياً العديد من السياح.
هوية أصيلة
وفي إمارة عجمان يعد سوق صالح التراثي من الوجهات السياحية المهمة، ويقع مقابل منطقة الحي التراثي الذي يضم معالم تراثية وتاريخية أخرى مثل متحف عجمان. وبني السوق في الخمسينات من العقد الماضي ولايزال محافظاً على طرازه المعماري القديم، ويمتاز بالأزقة الضيقة والمحال المتراصة التي تأخذكم في رحلة إلى الماضي مع العديد من خيارات الأقمشة والقطع المطرزة والمشغولة يدوياً وتصاميم «المخاوير» المميزة.
أما سوق الجمعة في الفجيرة فيتمتع بشهرة كبيرة، ويتميز بوجوده بين سلسلة جبال في منطقة منخفضة تكثر فيها الأمطار، ما ساعده على استقطاب أعداد كبيرة من الزوار لممارسة أنشطة عدة، بسبب اعتدال المناخ في المنطقة، والتنوع في خدماته، بما في ذلك المحال التي يضمها. واستطاع سوق الجمعة أن يحافظ على مكانته في قلوب الزوار المحليين والسياح.
ونشط سوق النخيل في رأس الخيمة منذ الخمسينات، نظراً لموقع المنطقة الاستراتيجي النابض بالحياة، حيث يقصده السكان المحليون والسياح من دول شتى. ويحتضن السوق مئات المحال التي تقدم السلع المتنوعة.