علياء الشامسي ترسم بـ «الفن الرقمي» قصص الأجداد
تحف فنية ولوحات تشكيلية ساحرة، تقدمها الفنانة الإماراتية علياء الشامسي، صاحبة علامة «إلياز آرت»، المتخصصة في فنون الرسم الرقمي، جمعت فيها صاحبتها بين موهبة الفن وعشق التكنولوجيا، لتعيد ترتيب أولويات هذا الخط الفني الجديد، وتشارك تجاربه على نطاق واسع، ومن ثم رسائله الهادفة للعالم، عبر «بورتريهات» تنطق بالمعنى، تستند إلى كنوز بيئة الإمارات لتعكس قيم الامتنان لجيل الأجداد.
مسيرة صعبة
في البداية، أكدت الشامسي، التي انطلقت في ميدان الرسم الرقمي منذ عام 2014، انسجام هذه الهواية مع شغفها واختصاصها الأكاديمي في تكنولوجيا المعلومات، قائلة «بدأت مسيرتي في هذا اللون من الفن بالاعتماد على أول جهاز لوحي (آيباد) حامل للقلم، تم طرحه في ذلك الوقت في الأسواق. وبالتوازي مع تعلمي واطلاعي على تجارب الفنانين الأجانب المتخصصين في المجال، اكتشفت أن الأجهزة اللوحية الحديثة تضم مجموعة ضخمة من البرامج المتنوعة التي تحاكي طرق الرسم التشكيلي المعروفة بالألوان المائية والزيتية نفسها، فكان التحدي أن أقتحم هذا الميدان في وقت لم يكن وقتها معروفاً ومتداولاً بشكل موسع في الإمارات».
أما الوقت الذي تكفل بتنمية تجربتها، فأكدت أنه امتد لنحو 4 سنوات، خصصتها الشامسي للتعمق في تفاصيل الميدان، واكتشاف فنونه وتقنياته المعقدة التي يشكك كثيرون فيها، ويعتبرونها غير معتمدة على براعة الفنان أو مهاراته وعكسها دلالات على مساحة اللوحة، بقدر ما هي استثمار محكم لعدد من البرامج والتطبيقات الإلكترونية التي تتيحها الأجهزة اللوحية الحديثة والحواسيب، لتحويل بعض الصور إلى رسومات وتشكيلات فنية معينة، وهو الأمر الذي نفته الشامسي، مؤكدة أنها تعمل باجتهاد لتغيير هذه الاعتقاد، اعتماداً على مشاركاتها الفاعلة في عدد من الفعاليات المتنوعة التي تستقطب المهتمين بهذا الفن في الدولة، لطرح أعمالها والتعريف بهذا الأسلوب الاستثنائي والمغاير في الفن التشكيلي.
خيارات ورسائل
ومنذ انطلاقها في المجال، اختارت الشامسي الخوض في مسالك التراث والهوية والنبش في الموروث الثقافي والإنساني لبلادها، لتسرد بالأشكال والألوان والملامح، قصص شخوص رسموا لوحة التاريخ الماضي، ليظلوا راسخين في ذاكرة الحاضر.
من ذلك، جاءت لوحاتها قطعاً فنية بديعة محملة بالرسائل الهادفة التي تحاكي نفائس البيئة المحلية، وحكمة كبار المواطنين، وعن هذا، قالت الشامسي «لدي ثقة لا متناهية بملامح الوجه والانفعالات البشرية، وما لها من دلالات عظيمة تعكس عمق المشاعر الإنسانية، وهذا ما دفعني نحو توثيقها في بورتريهات قادرة على ملامسة من يشاهدها. أما الغرض من اختيار رسم الجيل القديم من الأمهات والأجداد والجدات، وتوثيق قصص الملامح التي شقت إليها التجاعيد طرقاً ومسالك واسعة، فأعتبرها رسالة تقدير وامتنان لنضالهم وعطائهم اللامتناهي طوال هذه السنوات، من أجل تمهيد الطريق للجيل الجديد».
تحديات
وفي معرض حديثها عن أبرز التحديات، قالت الفنانة الإماراتية التي انحازت إلى اقتناص الملامح البشرية وتوثيق تجلياتها الإنسانية في «بورتريهات» «تماماً مثل الرسم التقليدي، يتطلب فن البورتريه باستمرار مراعاة القياسات الصحيحة للوجوه المرسومة، وتعد هذه الخطوة، الأكثر صعوبة في جميع مراحل العمل، وصولاً إلى مرحلة الرسم باستخدام (الآيباد). علاوة على هذا، تعد تجربة الرسم على الورق، عملية متشعبة وفي غاية الدقة، تتطلب حنكة ومهارة متنامية، وبالتالي، تمريناً مستمراً وتجربة من أجل تلافي فقدان المهارة، وتكريس نوع من السلاسة في التعامل مع فضاء اللوحة».
وفي السياق نفسه، تابعت الشامسي «كما في تجربة التشكيل، يستعمل الفنان في عملية دمج الألوان، الفرشاة، أما في الرسم الرقمي، فتتم العملية بوساطة قلم واحد، ما يدفع الفنان إلى مراعاة التدرج الصحيح، وحركة اليد الخفيفة على الشاشة، ما يجعل الحصول على النتائج المرجوة أمراً غير مضمون».
مشاركات متنوعة
مع تطور تجربتها، تطلعت الشامسي إلى سلوك طريق المشاركات والتجمعات الفنية والمعارض المتنوعة في أنحاء عدة من الدولة، وأبرزها مشاركتها لأربعة أعوام على التوالي، في الحدث العالمي الضخم «معرض أبوظبي الدولي للصيد والفروسية»، الذي كان منصتها الأولى لعرض أعمالها، وتحدياً حقيقياً لطرح تجربتها في الرسم مباشرة أمام جمهور عالمي متنوع، مؤكدة «خضت غمار التحدي ورسمت لوحاتي أمام الناس، ليستوعبوا تفاصيل فني الذي لا يقل قيمة عن الفن التشكيلي، ولتتضح الصورة أمام أولئك الذين اعتقدوا أن هذا الفن قبل تجربة إدماج الألوان في اللوحات، هو رسم بالفحم وليس رسماً رقمياً».
مشروع «إلياز آرت»
تحمست الشامسي للانتشار الذي بدأ يشهده الفن الرقمي أخيراً، وذلك، في ظل التطور التكنولوجي وانتشار المنصات الاجتماعية التي أسهمت في تغيير النظرة الشائعة قديماً، مشيرة إلى التقدير الذي بات يوجه لجهود فناني هذا النوع، وأعمالهم التي انطلق الناس لاقتنائها، الأمر الذي دفعها لترجمة هذا النجاح في عام 2019، في شكل علامة تجارية حملت اسم «إلياز»، تبيع من خلالها إلى جانب لوحاتها الفنية، مجموعة من القطع الفنية التي تضم رسومات متحركة ورسائل طريفة وهادفة من الأمهات والجدات، استوحتها الفنانة من بيئتها المحلية وتراث المنطقة.