تجربة بسيم السباعي في أولى فعالياته
«وللإبداع بيت» يبدأ رحلته
خلاصة تجربة فنية متكاملة قدمها الفنان السوري بسيم السباعي، في محاضرة نظمت أول من أمس، في «وللإبداع بيت» بدبي، لتكون المحاضرة الأولى بعد الافتتاح الرسمي لمتحف الفن الإماراتي الذي أسسته الدكتورة رفيعة غباش. واستعرض الفنان في الجلسة خلاصة تجربته منذ البدايات وحتى آخر معارضه، فيما قدمت الدكتورة رفيعة غباش بعد انتهاء المحاضرة، جولة خاصة للحضور، على مختلف معارض البيت، والأعمال الفنية التي تشكل إطلالة على ساحة الفن الإماراتي، بدءاً من رواد الجيل الأول مع عبدالقادر الريس، وصولاً إلى الجيل الجديد مع تسليط الضوء على تجارب لم تعرض من قبل.
تفاعل ثقافي
وتحدثت الدكتورة رفيعة غباش، لـ«الإمارات اليوم»، عن تنظيم هذه المحاضرة، وقالت: «أردت من خلال المحاضرات التي أنظمها تقديم رسالة مهمة، وهي أن هذا البيت غير مخصص لعرض الأعمال الفنية فحسب، وإنما أيضاً للتفاعل الثقافي، أي لنقل اللون والعمل الفني من الصورة البصرية إلى الصورة الذهنية، وقدمنا مجموعة من المحاضرات قبل الافتتاح الرسمي، وكلها تصبّ في هذا الإطار». وأشارت إلى أن هذه المحاضرة تعد أول محاضرة بعد الافتتاح الرسمي لـ«وللإبداع بيت»، وتحمل الكثير من العمق، فهي تشير إلى ما يوجد بداخل الفنان، والمراحل النفسية التي يمر بها. وتسعى غباش من خلال البيت، إعطاء فرصة لعملية التثقيف، موضحة أن الناس انشغلوا عن الثقافة، وباتوا يلهثون وراء المعلومة العابرة التي تُسمع وتُنسى في الوقت ذاته، وهذا يُشكل خطورة على أي إنسان، فحين يترك عقله للمعلومة الخاطئة، تضعف قدراته وكذلك يضعف تقبله للمسائل العميقة، بينما فهم الفن يمنح الإنسان القدرة على التعامل مع الروح الداخلية والمحيط الذي يعيش فيه بشكل عميق.
تحقيق حلم
وعبرت الدكتورة غباش، عن سعادتها بافتتاح البيت الفني وهو البيت الذي نشأت فيه، مشيرة إلى أنها استغرقت سنوات في السعي لتحقيق هذا الحلم، وقد واجهت العديد من التحديات، ومنها إقناع المحيطين بإمكانية إقامة هذا المشروع في هذا المكان، لأن البعض يربط الفكرة بالموقع الجغرافي. وشددت على أن الموقع الجغرافي هو الأهم بالنسبة لها، مؤكدة أن ما يحركها هو الأماكن والتاريخ والذكريات، فإصرارها على وجود متحف المرأة في سوق الذهب نابع من إيمانها بأن هذه المنطقة هي قلب دبي النابض، وفيها نوع من الحركة والحياة الإنسانية والتجارية التي تعتمد على الإنسان، فالجذور العميقة تجعلها تفكر بطريقة مختلفة. وأشارت إلى أن هذا البيت مرّ بتجارب قاسية بعد رحيل والدتها، ولهذا أصرت على تنفيذ المشروع في بيت العائلة، لأن ما يحركها قلبها قبل عقلها.
مراحل فنية
وتحدث الفنان بسيم السباعي لـ«الإمارات اليوم» عن فنه واستضافته في «وللإبداع بيت»، وقال: «تشاركت الأفكار حول هذا البيت مع الدكتورة رفيعة غباش منذ أن كان مجرد فكرة، ولهذا أرادت أن تكون أول محاضرة فنية بعد الافتتاح الرسمي للبيت من قبلي، ويسعدني تقديم خلاصة تجربتي هنا». وأشار إلى أنه أراد استعراض مراحل فنية كثيرة من حياته الفنية، موضحاً الاختلاف بين مرحلة البدايات التي استخدم فيها الألوان المائية، ثم انتقل إلى الألوان الزيتية، وبعدها انتقل إلى الحديث عن المربع الذهبي، وكيف أن الإنسان هو من اخترع المربع ولهذا يسعى دائماً إلى إكماله. ولفت إلى أن المربع الذهبي الناقص شغل عمله كثيراً في الفترة الأخيرة، موضحاً أن اللوحة دائما تشرع الأبواب على الأسئلة، ولا تكتمل، حتى وإن ارتأى الفنان أنها اكتملت، فهذه الرؤية تكون رؤية آنية وقد تتغير مع مرور الزمن. واعتبر أن لا وجود للكمال في الحياة، حتى في الأشكال والمشاعر، وحتى في الكائنات الأخرى والطبيعة، ولكن يوجد تعايش مع هذا النقص، وتسليط الضوء عليه يعني الاعتراف بوجوده، ولو أن البشر يمتلكون رغبة رؤية الأشياء المتكاملة.
من التجسيد إلى التجريد
ونوه السباعي بأنه انتقل من التجسيد في اللوحة إلى التجريد، مشيراً الى أنه عندما كان يشعر بالحاجة للتشخيص (جسد المرأة والرجل)، ولكنه في ما بعد بات التجريد اللغة التي تعكس عوالمه تكوينياً ولونياً، ولهذا خاض التجربة إلى الحدود التي دفعته إلى استخدام الأكريليك أيضاً، فالفنان في حالة تطور دائم. وعن وصفه للمرأة في لوحاته وفي الواقع، قال: «المرأة هي الكائن الأجمل والملائم للحياة أكثر من الرجل، وكأنها متواطئة مع الخلق الجميل والذي يعتبر أكثر مناسبة للحياة، فالرجال صداميون أكثر، فكل الحروب والصراعات أنشأها الرجال، ولهذا أنا أكثر ميلاً للمرأة». وأشار إلى أن التجربة اللونية في مرحلة ما استكملت بالكتابة، ولهذا قدّم ديواناً شعرياً مع معرض نظم في بيروت، واحتوى على وجهة نظره الكاملة حول المرأة.
وختم السباعي حديثه عن الجمال في اللوحة الفنية، رافضاً المدارس الفنية التي تجسد القبح، ولفت إلى أنه لا يفضل التوجه من خلال الفن إلى الألم، بل يفضل أن تكون اللوحة مساحة للفرح والسرور، فالفن قد يكون مساحة للهروب من الألم الحقيقي الموجود في العالم.
معارض فنية
يعكس الشعار الذي كتب على البيت من الخارج «هنا يقيم الفن الإماراتي»، محتويات «وللإبداع بيت»، إذ يشتمل على مجموعة من المعارض، والأعمال الفنية لمجموعة من الفنانين الإماراتيين. وأكدت الدكتورة رفيعة غباش، أنها في البدء بدأت بوضع مجموعة من الأعمال التي اقتنتها بشكل شخصي، كما قدم لها بعض الفنانين لوحات كهدية للبيت، فيما توجد بعض الأعمال التي تُعد إعارة. واللافت في البيت أن الدكتورة رفيعة غباش تعرض عملاً فنياً قد نفذته منذ 45 عاماً، ونفذته باستخدام الكرتون والصمغ.
بسيم السباعي:
«لا أفضل التوجه من خلال الفن إلى الألم، بل أن يكون مساحة للفرح والسرور».
رفيعة غباش:
«الناس باتوا يلهثون وراء المعلومة العابرة التي تُسمع وتُنسى في الوقت ذاته».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news