دلال السمك محمد المرزوقي: «هل من زود»
بصوته الجهوري، وندائه المميز «هل من زود»، بنغمة صوتية خاصة، لتشجيع التجار على المشاركة في مزاد الأسماك، والحصول على أعلى سعر؛ يمارس دلال السمك الإماراتي عمله اليومي في إدارة المزاد، والذي يبدأ بعد الفجر، وفق ما أوضح الدلال ومدير المتابعة العامة في جمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك محمد حسن المرزوقي، لـ«الإمارات اليوم»، مشيراً إلى أن تراث الإمارات يتضمن العديد من المهن التقليدية التي عرفها سكان المنطقة منذ تاريخ طويل، وارتبطت بالبيئة المحيطة بالسكان ومصادر الرزق المتاحة لهم، وتعد مهنة الدلالة من أبرز المهن التي عرفها أهل البحر وسكان المناطق الساحلية في الإمارات، حيث يمثل الدلال ميزان سوق الأسماك ومقياسه.
مقياس السوق
وقال المرزوقي: «السمك مثل الذهب كل يوم بسعر، والدلال مقياس السوق، وهو المنصف بين الصياد والتاجر، فهو الذي يقدر كمية الأسماك المعروضة في المزاد بالنظر إليها، سواء من حيث الكمية والأحجام والنوعية، وبناء على هذا التقدير يحدد السعر الذي يفتتح به المزاد، بعد أن يراعي عدداً من العوامل الأخرى مثل حالة الطقس وغيرها، كما يشرف على سير المزايدات بين التجار إلى أن يرسو المزاد على أعلى سعر». ولفت المرزوقي إلى أن أسعار الأسماك تختلف وفقاً لقوانين العرض والطلب، فهناك مواسم يزيد فيها الصيد والمعروض للبيع، فينخفض السعر مثلاً في الشتاء مع اعتدال الطقس، بينما يقل المعروض في حالة تقلبات الطقس مثل العواصف والرياح لعدم خروج الصيادين للصيد للحفاظ على سلامتهم من تقلبات البحر، كما يقل الصيد والعرض ويزيد السعر في فصل الصيف بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
صفات الدلال
وأشار المرزوقي، الذي عمل في الدلالة منذ طفولته قبل أن ينتقل إلى العمل في تقييم ومتابعة الأسماك في جمعية أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك منذ عام 2006، إلى أن عدد العاملين في مجال دلالة السمك تراجع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وهو أمر طبيعي مع تطور الحياة، مثل ما يتراجع كثير من المهن التقليدية الأخرى، ولذلك هناك جهود كبيرة لتعريف الأجيال الجديدة بهذه المهن لتظل باقية ولحفظها من الاندثار، موضحاً أن الدلال يجب أن يتمتع بسمات من أهمها أن يمتلك شخصية قوية جداً وحزماً حتى يتمكن من السيطرة على مجريات المزاد وتحقيق العدل والإنصاف، وأن يكون صاحب قرار ولا يتأثر بآراء المحيطين سواء من الصيادين أو التجار، كما يجب أن يكون فطناً ولديه الخبرة والنظرة الفاحصة التي يتمكن من خلالها من تحديد قيمة السمك ووضع سعر منصف له، مبيناً أنه تعلم الدلالة من سعيد راشد الزعابي، رحمه الله، حيث كان من رواد هذا العمل.
حفاظ على التقاليد
وذكر المرزوقي أن مهنة دلال السمك مازالت تمارس حالياً بالطريقة نفسها التي كانت تمارس بها قديماً، فالأداء والأسلوب لم يتغيرا، ولكن قد يكون هناك تغيير في طريقة عرض الأسماك في المزاد، فقد كانت في السابق توضع على الأرض، والآن تغيرت طريقة العرض، موضحاً أن المزاد يقام في العادة بعد صلاة الفجر بعد عودة الصيادين من البحر، حيث يقومون بعرض أسماكهم، ثم يبدأ المزاد، كما يقام أحياناً مزاد آخر في الفترة المسائية، وهو أمر يختلف من إمارة إلى أخرى، ومن المقرر أن تشهد الفترة المقبلة عودة المزادات المسائية في أبوظبي بعد أن توقفت فترة.
• «عمل المرزوقي في دلالة السمك منذ طفولته قبل أن ينتقل للعمل في (أبوظبي التعاونية لصيادي الأسماك)».
مهرجان التراث البحري
أشاد الدلال محمد حسن المرزوقي، الذي شارك في مهرجان التراث البحري، الذي يختتم فعالياته الأحد 26 فبراير الجاري، بحرص المهرجان على تنظيم مزاد للأسماك ضمن فعالياته، ووجود الدلال ليشرف على المزاد، ليتعرف زوار المكان خصوصاً من الأطفال إلى فكرة المزاد وكيفية تنظيمه، وإلى هذه المهنة باعتبارها جزءاً من الموروث البحري في الدولة، لافتاً إلى أن المزاد يقام مرتين في اليوم ويتم تقديم العرض بأسلوب يحاكي الطريقة التي كان يقام بها في الماضي دون تغيير، حتى يتمكن أكبر قدر من الزوار من متابعته والتعرف إلى هذا الجزء من حياة البحر وأهلها.