التراث الإنساني تهدده النزاعات والتغيرات المناخية
أكد مسؤولون وخبراء في مجال الثقافة والتراث أن هناك العديد من المخاطر التي تهدد التراث الثقافي والإنساني في مناطق مختلفة من العالم، من أبرزها الحروب والنزاعات، والتطرف الفكري والديني، والتغيرات المناخية. مؤكدين على تكاتف الجهود كافة للتصدي لهذه التهديدات والمخاطر. مشيدين بالدور البارز الذي تقوم به دولة الإمارات العربية المتحدة في هذا المجال سواء من خلال عضويتها في التحالف الدولي من أجل حماية التراث في مناطق النزاعات (ألف)، أو غيره من المؤسسات.
وأشار رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، ونائب رئيس مؤسسة التحالف الدولي من أجل حماية التراث في مناطق النزاعات، محمد خليفة المبارك، في كلمته الافتتاحية للمنتدى الأول للتحالف، والذي انطلق صباح أمس في المجمع الثقافي بأبوظبي بالشراكة مع دائرة الثقافة والسياحة، إلى الجهود الكبيرة التي تقوم بها المؤسسة لحماية وإحياء التراث الإنساني.
وأوضح أن اهتمام الإمارات بحماية التراث والتاريخ ليس جديداً، ولكنه نابع من نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، والذي يقوم على أن الماضي هو الذي يصنع الحاضر والمستقبل، ولذلك من الضروري نقل التراث للأجيال الجديدة. مؤكداً أن التعامل مع الملفات المطروحة على التحالف يتم بعيداً عن أي انحياز أو دوافع سياسية.
خطط مستقبلية
وكشف المدير التنفيذي لـ«ألف» فاليري فريلاند، لـ«الإمارات اليوم» أن التحالف، والذي يحتفي بمرور ست سنوات على تأسيسه، يعمل على دعم وتنفيذ 180 مشروعاً في 30 دولة، بعضها تم تنفيذه، والبعض مازال في طور التنفيذ.
وأشار أن المؤسسة حرصت على جمع كل المشاركين والداعمين لها بمناسبة مرور ست سنوات على إنشائها لبحث الخطط المستقبلية لها، بمشاركة عدد كبير من الخبراء والمتخصصين في هذا المجال. وأضاف: «نعمل في ظل تعاون وثيق مع دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي منذ البداية، وبدعم كبير من حكومة دولة الإمارات ووزارة الثقافة والشباب بها، وهو تعاون لا يقتصر فقط على الدعم المادي، ولكنه يشمل جوانب معنوية ومعرفية عدة».
واعتبر فريلاند أن الاهتمام بالحفاظ على المواقع الأثرية والتراثية لا يعني الاهتمام بالمباني والأحجار، ولكنه حفظ وحماية للتاريخ ولذاكرة الشعوب والعمل على نقلها للأجيال المقبلة، حيث يعد تدمير هذه المواقع بمثابة تدمير للتاريخ الإنساني وذاكرة المجتمعات. في المقابل يأتي التعاون والتكاتف بين الأعضاء في (ألف) والمؤسسات الأخرى، والعمل المتواصل من أجل التنمية المستدامة، ليمثل الضوء الذي يشع في قلب الظلمة.
تجارب من دول مختلفة
من جانبه، استعرض مدير مجلس الدولة للآثار والتراث بالعراق وعضو اللجنة العلمية لـ(ألف) الدكتور ليث مجيد حسين، في مداخلته، جانباً من الدور الذي تقوم به المؤسسة في العراق لإعادة إعمار وحماية المواقع التي تأثرت بهجمات الجماعات المتطرفة «داعش» والتي قامت بتدمير العديد من المباني التاريخية خاصة في الموصل والمناطق المحيطة بها لم تترك أثرا يعكس التجانس بين شعب العراق. لافتا أن هناك أكثر من 25 مشروعا ل(ألف) في العراق، ولا تقتصر مساهمات المؤسسة على التعمير والحماية فقط، ولكنها تشمل إعداد وتدريب كواد بشرية مؤهلة لاستدامة هذه المواقع وصيانتها.
بينما تحدثت نائبة وزير الثقافة وسياسة الإعلام بأوكرانيا كاترينا تشوييفا، على الأوضاع في بلادها في ظل الظروف الراهنة، والتي تهدد تاريخ وتراث البلد، موضحة أن هناك ألفي متحف في أوكرانيا، و12 مليون قطعة فنية موزعة على تلك المتاحف الوطنية والمجموعات الخاصة، و160 ألف قطعة فنية تم تسجيلها، بالإضافة إلى القطع التي لم تسجل.
وذكرت أن العمل على حماية تراث وتاريخ أوكرانيا بدأ منذ اليوم الأول للصراع بدعم من أكثر من 160 منظمة سواء بالتعاون مع (ألف) أو غيرها من المؤسسات الدولية المختلفة. مشيرة أن هناك العديد من التحديات من أبرزها الهجمات.
بينما أشار المدير العام للشؤون الخارجية بإدارة التراث الثقافي الوطني في الصين وممثل الصين في مجلس إدارة (ألف) وين داين، إلى حرص بلاده على المشاركة بفاعلية في جهود حفظ وحماية التراث، وبناء علاقات تعاون مع مختلف الأطراف. متطرقاً إلى أبرز التهديدات للتراث الإنساني مثل التخريب والتهريب والسرقة وتوظيف التكنولوجيا الحديثة في تزييف القطع التاريخية.
كما استعرض مدير عام الحديقة الوطنية المدير العام السابق للمتحف الوطني في مالي وعضو اللجنة العلمية لـ(ألف) الدكتور صمويل سيديبي، جهود المؤسسة لحماية التراث والمواقع التراثية والتاريخية التي تعرضت لهجمات الجماعات الإرهابية خصوصاً في شمال مالي.
180
مشروعاً ينفذها ويدعمها «التحالف» في 30 دولة.