دعوة لاكتشاف جمال وتفاصيل الطبيعة في معرض ألونسا غيفارا

«عَدّ الأوراق»..11شهراً بين أشجار دبي

صورة

تشكل أعمال الفنانة التشيلية الأميركية، ألونسا غيفارا في معرضها «عَدّ الأوراق» الذي استضافه مركز تشكيل بدبي، دعوة إلى إعادة اكتشاف طبيعة الإمارات المتنوعة، حيث تصوغ من ألوانها والوسائط المختلفة الأشجار، وتنسج من الأقمشة أوراقها المتناثرة وألوانها المتباينة عبر دورة الفصول. ومن الأشجار تنتقل إلى الرمان والتين وغيرهما من الفواكه التي تنقلها بشكل واقعي، مضيفة إلى جماليات الفاكهة، بعض الرموز التي تتجلى في الكلام أو حتى الأشكال، لتضع المتلقي أمام محاولة تفكيك هذه الرموز.

منظور واقعي

قدمت الفنانة معرضها من خلال مشاركتها ببرنامج الفنان المقيم في مركز تشكيل، وأنجزت لوحاتها بوحي من طبيعة دبي وأسواقها وأشجارها، وتحديداً شجرة الغاف. تطرح الفنانة من خلال معرضها الطبيعة من منظور واقعي يقود المتلقي إلى إعادة استكشاف جماليات الأشجار والأوراق، ويتصاعد هذا الاستكشاف مع الغرفة المظلمة التي تدخلك إلى عالم شجرة الغاف، وما تحمله من طيور تختبئ بين أغصانها، ويستكمل المشهد مع أصوات العصافير التي سجلتها في دبي. ومن الغاف، إلى الرمان والتين والبطيخ والزيتون، والعديد من أصناف الفاكهة والخضراوات، حيث قدمت الفنانة لوحات تجمع ما بين الواقعية والرمزية، إذ تدخل على لوحاتها رموز تدعو المتلقي إلى تفكيكها.

البشر والطبيعة

تستكشف الفنانة من خلال ممارستها الفنية، مفاهيم عدة منها الأنوثة والهوية وتسعى إلى تكريس العلاقة بين البشر والطبيعة، فهي تستمد إلهامها من تجربة العيش في دول مختلفة ومنها تشيلي والإكوادور والولايات المتحدة الأميركية، وترسم ذكرياتها بدمجها مع الواقع والمحيط، ما يجعل أعمالها عابرة للزمان والمكان.

وتحدثت غيفارا لـ«الإمارات اليوم»، عن معرضها الذي يستمر حتى 25 أبريل، وقالت: «أمضيت ما يقارب 11 شهراً في الإمارات، حتى توصلت إلى تقديم المعرض، فضلاً عن تقديم العديد من ورش العمل والدروس التعليمية، وقد حملت الكثير من تجربة الإقامة الفنية، بدءاً من العمل في مركز تشكيل المحاط بالكثير من الطبيعة، وهذا بعيد نوعاً ما عن شكل المدينة في دبي، وأسهم في التأثير في الفن الذي قدمته، وصولاً إلى الأجواء العائلية في العمل». وأضافت: «قررت أن أرسم شجرة الغاف، كما أنني قدمت لأول مرة عملاً تركيبياً لشجرة مصنوعة من الأقمشة، وقد وضعت في العمل 580 قطعة من أوراق الشجر التي تمت حياكتها يدوياً، وهذا العمل يعتبر تجربتي الأولى مع الأقمشة». ونوهت بأنها لطالما أرادت تقديم عمل من الأقمشة، ولكن الألوان كانت لغتها الفنية، لكن وجودها في دبي وتنقلها بين الأسواق، ساعدها على أن تدخل الأقمشة على أعمالها الفنية.

تخوف

استلهمت غيفارا الكثير من الأعمال من الطبيعة المحيطة، وأشارت إلى أنها حين أتت إلى دبي، كانت متخوفة من مصدر الإلهام الذي ستحصل عليه من خلال برنامج الفنان المقيم، ولكنها عبرت عن سعادتها بما وجدته من طبيعة جميلة، لاسيما المساحات الخضراء، فيما كانت شجرة الغاف المصدر الأول للإلهام بالنسبة لها. وهذا ما جعلها تقدم عمل الغرفة المظلمة، مشيرة إلى أن أنها حين عملت على اللوحة الكبيرة لشجرة الغاف وما تحتويه من طيور، عمدت لتسجيل أصوات الطيور في مناطق مختلفة من الإمارات، وأغلبها في ند الشبا، وأضافت صوتها إلى صوت الطيور، ووضعت الأصوات وفق طبقات، لمنح المتلقي هذا البعد الحسي.

أما في ما يتعلق برسم الفاكهة، فنوهت بأنها ليست المرة الأولى التي ترسم فيها أنواع الفاكهة، فهي تنجذب إلى ألوانها وشكلها من الداخل، مشيرة إلى أن الأسواق في دبي جذبتها بخصوصيتها، حيث وجدت تنوعاً هائلاً من أنواع الفواكه، موضحة بأنها أعجبت بفكرة وضع أعلام البلدان على الفاكهة في الأسواق، دلالة على مصدرها، وهذا جعلها ترى الفاكهة من منظور مختلف. وأشارت إلى أنها أرادت تمديد عملها على تقديم لوحات حول الفاكهة، ولهذا عملت على تصوير تفاعل الناس مع البوفيه الذي وضع في ليلة الافتتاح، في عمل تفاعلي وتصويري، يتيح لها تطوير آلية عملها على الأطعمة التي تصورها.

تعدد الوسائط

حول التعدد في الوسائط الفنية ضمن المعرض الواحد، أوضحت بأن برنامج الفنان المقيم جعلها تعمل على التنويع في المواد والوسائط الفنية، فلجأت إلى استخدام الطين، وبذور الفاكهة، إلى جانب أخشاب الأشجار التي حصلت عليها من أشجار يابسة، فقد تجاوزت التخوف من استخدام المواد المتنوعة، والوقوف عند حدود مادة واحدة، وهذا بحد ذاته يحمل مفهوم الاستكشاف، ويمنح الفنان حياة جديدة في العمل، موضحة أن الرسومات الواقعية التي تقدمها تحمل الكثير من الرموز، وبعضها أدخلت عليها عبارات باللغة العربية ومنها كلمة حرية، وغيرها بهدف كسر مفهوم الواقعية.

سيرة فنية

تنحدر أصول الفنانة ألونسا غيفارا المقيمة حالياً في الولايات المتحدة الأميركية من تشيلي. وتعتبر لوحاتها نافذة على عالم خيالي، إذ تفصل خطوطها بين الواقع والخيال بشكل مبهم. تستمد أعمالها من التجارب التي تعيشها، وتستكشف من خلال أعمالها مواضيع عدة ومنها الأنوثة والهوية والانتماء. تنقلت الفنانة بين تشيلي والإكوادور وأميركا، وقد أثرت بها كثيراً الحياة في الإكوادور حيث عملت كثيراً على رسم الغابات المطرية لفترة من الزمن. شاركت في العديد من المعارض الدولية، ومنها الصين والمكسيك والدنمارك والأرجنتين وتشيلي، وكان آخر معارضها «أشباح» في فبراير 2021 في مدينة نيويورك.

تطرح الفنانة أعمالها من منظور واقعي يقود المتلقي إلى إعادة استكشاف جماليات الأشجار والأوراق

برنامج الفنان المقيم جعلها تعمل على التنويع في المواد والوسائط الفنية، فلجأت إلى استخدام الطين، وبذور الفاكهة وأخشاب الأشجار

تويتر