من أبوظبي إلى باريس.. جسور ثقافية عابرة للحدود
تمثل الروابط الثقافية بين الإمارات وفرنسا، ركيزة أساسية ضمن ركائز العلاقة المتينة بين البلدين، التي بدأت منذ ما يقرب من 50 عاماً، وحققت تطورات كبيرة خلال السنوات الماضية، وهو ما جعل التعاون الثقافي بمثابة «درة» العلاقات بين البلدين، وأبرز تجلياتها، خصوصاً مع افتتاح متحف «اللوفر أبوظبي» في نوفمبر عام 2017، وهو أول متحف دولي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي لفرنسا في الخارج. الذي وصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، في حفل الافتتاح، بأنه «سيشكل علامة ثقافية فارقة في المنطقة، ورمزاً للتلاقي الفكري والإنساني، وعنواناً للتسامح والتواصل». لافتاً إلى أن العلاقات الإماراتية الفرنسية المتينة أسهمت في بناء هذا الصرح الحضاري.
من جانبه، عبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في كلمته خلال الحفل، عن اعتزازه بعلاقة الصداقة التي تربطه بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، واصفاً سموه بالأخ والصديق المقرب. كما أعرب عن إعجابه بالنموذج التي باتت تقدمه دولة الإمارات العربية المتحدة في العالم. واصفاً إياها بنقطة التقاء العالمين الغربي والعربي، وملتقى الشعوب والحضارات، والصديق الأقرب لأوروبا. مؤكداً أن الإمارات نجحت وبشكل كبير في تحقيق توازن استراتيجي في علاقتها بالقارات الأوروبية والإفريقية والآسيوية.
ويتواصل التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي على نحو مستمر عبر الفعاليات العديدة التي ينظمها «اللوفر أبوظبي»، من معارض وندوات وعروض ثقافية وفنية وورش عمل والإعارة الفنية، وغيرها من أوجه التعاون التي تهدف إلى تعزيز مكانة المتحف كمنارة ثقافية تروي قصة الإنسان والحضارة عبر التاريخ، وملتقى للحضارات والثقافات، ومركزاً للتبادل الفكري والمعرفي ونشر قيم التسامح والمحبة والحوار المتبادل بين مختلف جنسيات العالم.
وفي عام 2017 أيضاً، أسهمت دولة الإمارات بمبلغ خمسة ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس. بالإضافة إلى ذلك، أسهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر فونتينبلو بالقرب من باريس، بمبلغ قدره 10 ملايين يورو، وبناءً عليه سُمي المسرح باسم المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيّب الله ثراه.
كذلك انعكس التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ALIPH) في عام 2016، حيث أسهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار أميركي، بالتعاون مع «اليونسكو» لإنشاء صندوق دعم للبرامج والمشاريع الرامية إلى حماية التراث الثقافي، وكذلك خلق شبكة دولية من الملاجئ لصون الممتلكات الثقافية المعرّضة للخطر. وأصبحت المؤسسة حقيقة واقعة في شهر مارس 2017. وفي مارس 2023 احتفل التحالف بمرور 6 سنوات على إنشائه، عبر منتدى تم تنظيمه بالشراكة مع دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، وكشف عن الدور الرئيس الذي لعبته المؤسسة خلال السنوات الست في تمويل ودعم نحو 200 مشروع في 31 دولة على امتداد أربع قارات.