بعد فراق 240 عاماً.. قطعتان فنيتان نادرتان تلتقيان في «لوفر أبوظبي»
أعلن متحف اللوفر أبوظبي، أمس، عن انضمام قطعتين فنيتين مُميزتين، معارتين من المتحف الوطني للآثار في فاليتا، ومتحف اللوفر في باريس، وذلك على هامش احتفال دولة الإمارات بمرور 50 عاماً على نشأة العلاقة الدبلوماسية الراسخة التي تربطها بجمهورية مالطا، ومن المقرر أن يشهد متحف اللوفر أبوظبي عرض نُصُبين زخرفيين للمرة الأولى، بعد افتراقهما لأكثر من 240 عاماً، ليكونا متاحين أمام الجمهور لمدة عام كامل وحتى يونيو 2024.
يُذكر أن عرض نُصُبي مالطا - الموجودين حالياً بشكل منفصل في متحف اللوفر والمتحف الوطني للآثار في فاليتا - في متحف اللوفر أبوظبي، يجسد عملية لم شملهما بعد فراقهما الذي استمر منذ عام 1782، ويأتي عرض هذين النُصُبين في سياق السعي لتجسيد التقاء التأثيرات بين الشرق والغرب.
وقالت ماريا كاميليري كاليجا، سفيرة جمهورية مالطا في الدولة: «يمثل عام 2023 فترة مهمة لبلدينا، مالطا ودولة الإمارات، حيث نحتفل باليوبيل الذهبي بمناسبة مرور 50 عاماً على نشأة العلاقة الدبلوماسية الراسخة التي بدأت بين البلدين عام 1973، والآن نعيش رحلة نعرف خلالها كيف فرّق القدر بين هذين النُصُبين المُكتشفين في مالطا، وكيف اجتمعا عن قصد».
وقالت مدير متحف اللوفر أبوظبي، مانويل راباتيه: «يُعد اجتماع هذين العمودين الزخرفيين الاستثنائيين في متحف اللوفر أبوظبي بعد فراق خير دليل على نجاحنا في إنجاز مهمتنا المتمثلة في سرد قصص الروابط الثقافية، حيث سيُعرض نُصُبا مالطا (سيبي) معاً للمرة الأولى منذ أكثر من 240 عاماً، ما يمثل لحظة فارقة في مساعينا الرامية إلى الحفاظ على تراثنا المشترك والاحتفاء به. وتجسد هذه القطع المُعارة إلى المتحف قدرة الفن على بناء جسور التواصل عبر الزمان والمكان وبين الحضارات.
جدير بالذكر أن هذين النُصُبين، اللذين يعود تاريخهما إلى القرن الثالث أو الثاني قبل الميلاد، مُزخرفان بأوراق نبات الأقنثا، وأوراق تشبه رؤوس الرماح منحوتة عليها بشكل تبادلي جميل، كما توجد على قاعدتهما المستطيلة نقوش متطابقة باللغتين الفينيقية والإغريقية. وتؤكد هذه النقوش وجود تشابه بين ملقارت والبطل الإغريقي هرقل، كما تدل على نجاح الفينيقيين في نشر آلهتهم ولغتهم وثقافتهم بالتوازي مع بضائعهم في إطار التبادل التجاري عبر سواحل البحر الأبيض المتوسط.
وقد لعبت النقوش الإغريقية على «نُصُبي مالطا» دوراً رئيساً في فك رموز الأبجدية الفينيقية عام 1758 على يد عالم النقوش الأثرية الفرنسي الأب بارتليمي، على غرار النقوش الإغريقية القديمة على حجر رشيد التي جعلت من الممكن فك رموز الكتابات الهيروغليفية المصرية في عام 1822. وبعد الانتهاء من فك الرموز الموجودة على هذين النُصُبين، عرضت منظمة فرسان مالطا أحدهما على فرنسا.
وقال كبير أمناء في متحف اللوفر أبوظبي فرانسوا شيفرولييه: «يجسد اجتماع نُصُبي مالطا في متحف اللوفر أبوظبي لحظة فارقة في تاريخ هذين العملين الفنيين الاستثنائيين؛ حيث يجتمعان بصورة مؤقتة في المتحف للمرة ا
لأولى بعد أن افترقا لما يقرب من قرنين ونصف من الزمان. وقد جعلت النقوش اليونانية والفينيقية ثنائية اللغة المحفورة على القواعد فك رموز اللغة الفينيقية ممكناً في منتصف القرن الـ18، وذلك قبل عقود من قيام شامبليون بفك رموز اللغة الهيروغليفية.
لعبت النقوش الإغريقية على النُصُبين دوراً رئيساً في فك رموز الأبجدية الفينيقية.