فنانون: المسرح المدرسي خشبة «نجوم الغد» الأولى
أكد فنانون ومختصون أهمية المسرح المدرسي، الذي يعد مختبراً لاكتشاف وتطوير مواهب «نجوم الغد»، الذين سيثرون الساحة الفنية بشكل عام مستقبلاً، مشددين على أهمية أن يعود للمسرح المدرسي بريقه، بحيث تتواصل عروضه ولا تتوقف، لتنمي قدرات الطلبة، وتصقل شخصياتهم في هذه السن المبكرة، وتمنحهم جرأة مواجهة الجمهور.
وأشاد فنانون إماراتيون ومختصون التقتهم «الإمارات اليوم»، بإدراج مادة الدراما في المنهاج التدريسي بالمدارس الحكومية، لما تقدمه من ثقافة في مجال المسرح، مطالبين كذلك بتفعيل دور المسابقات والمهرجانات، ومنح الطلبة المزيد من الفرص للوقوف على الخشبة.
وقال الممثل والكاتب الإماراتي مرعي الحليان: إن «المسرح يعلّم المواجهة، ويبني الشخصية، ويمكن المرء من التعبير عن الذات أمام المجتمع، كما يعلم الطلاقة والبراعة في الكلام والخطابة، فكلها عوامل تصقل شخصية الطالب وتنميها».
وحول إدراج مادة الدراما ضمن المناهج التدريسية في المدارس الحكومية، أشار إلى أنه في الثمانينات، وحين كانت المدارس غير متطورة، كما هي الحال اليوم، وقبل إدراج المادة، كان في كل مدرسة مسرح، ولكن اليوم رغم تطور الحياة، إلا أن المسرح لم يعد موجوداً في العديد من المدارس، ولم يعد الوضع كما كان في السابق.
وشدّد الحليان على ضرورة أن تكون المدرسة حاضنة للمواهب، في الرسم والموسيقى والتشكيل، فضلاً عن الأداء التعبيري، لأنه إضافة إلى المنهاج التعليمي، لابد من تنمية مواهب الطلبة، وغالبية الفنانين كانت بداياتهم من خلال المدرسة. واستشهد بقصة له مع أستاذه، إذ لا يمكن أن ينسى معلم اللغة العربية الذي كتب له ملاحظة حول أسلوبه التعبيري المميز، ونصحه بضرورة القراءة أكثر، وهذه الجملة التي تركها له المعلم بالخط الأحمر، هي التي صنعت منه صحافياً ومؤلفاً في الدراما والمسرح.
وطالب بضرورة تنمية المسرح المدرسي في دبي، خلال توصيات ختام الدورة الثالثة من مهرجان المسرح المدرسي الأخير، عبر تعزيز اهتمام مديري المدارس بفن الخشبة، ما سيمنح الطلبة الكثير من المساحة، وكذلك الأوقات الخاصة للتدريب، وهذه الجوانب العملية هي التي تكلل التجارب المسرحية بالنجاح.
ووجّه الحليان دعوة لمديري المدارس في دبي بضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي على نحو أكبر، نظراً لنجاح التجارب المماثلة في غالبية المناطق التعليمية في الدولة. وشدد على أن أهمية المسرح المدرسي لا تتوقف عند اكتشاف المواهب، فهو مرتبط بالمنهاج الدراسي، ويساعد كثيراً على التعلم، وتتفرع منه مسرحة المناهج، وطرح المعلومة عبر قصة على الخشبة، وعلى نحو سهل التلقي والاستيعاب.
طاقات كبيرة
من جهته، أكد الفنان والممثل محمد سعيد السلطي، ضرورة الاهتمام بالمسرح المدرسي الذي يعد ساحة لاكتشاف المواهب، وضرورة منحه عناية خاصة من قبل الجهات الثقافية، ومن المؤسسة التعليمية التي تقدر وتقيم العملية المسرحية.
وأشار إلى أن العناية بالبرامج المسرحية في المدارس ستعمل على توفير جيل من الموهوبين، خصوصاً في ظل مسابقات المسرح المدرسي، التي تعنى بالتعليم والمناهج، وتعبر عن المجتمع بشكل عام في الوقت نفسه.
ولفت السلطي إلى وجود طاقات كبيرة في المسرح المدرسي، وهذا ما تظهره عروض المهرجانات والمسابقات المختلفة، مشدداً على ضرورة اهتمام المؤسسات المختصة باكتشاف هذه المواهب، واحتضانها وتدريبها لكي تحدث فرقاً، إذ إن المواهب جاهزة، ولكن تحتاج إلى من يكتشفها ويتبناها فقط.
ونوّه بأن الطفل من خلال المسرح المدرسي يكتسب العديد من المهارات، وفي مقدمتها تحسين قدراته في اللغة العربية، وفي السابق كان مدرس اللغة العربية هو المسؤول عن النصوص التي تقدم على الخشبة، وكذلك عن القصص القديمة التي كانت تمثل داخل الصف نفسه، وتمنح الطالب نوعاً من الثقة، وعلى نحو تلقائي، وليس على نحو رسمي.
بلا توقف
أما الممثل حسن يوسف البلوشي، فرأى أن تنمية المسرح المدرسي تكون من خلال استمرار العروض دون توقف، إلى جانب اختيار مشرفين متخصصين، مع ضرورة إدراك أن هذا المسرح مدرسي، لابد فيه من اختيار النصوص بعناية، وكذلك وضع الممثلين (الطلبة) في مكانهم الصحيح، ومنحهم الشخصيات المحببة إلى قلوبهم كي تنشأ علاقة مميزة بينهم وبين الخشبة.
وطالب هو الآخر بضرورة منح المسرح المدرسي المزيد من العناية، كونه ينمّي الشخصية، ويكسر حاجز الخوف لدى الطالب، كما يساعد الطالب على امتلاك شخصية جريئة وقارئة، تهتم بالفنون والثقافة.
وأضاف أن متابعة التدريبات تصقل المواهب، وتزيد اللياقة على المسرح، لافتاً إلى أن «أبوالفنون» يمنح الممثل الكثير من المعرفة، فيصبح لديه نضج، لاسيما حينما يتم تأسيسه من الصغر.
ومن المزايا الأخرى للمسرح، حسب البلوشي، ثقافة القراءة، لأن حياة الممثل تقوم عليها، فالمسرح لا يقبل الشخص الخامل، إذ يجب أن يكون متجدداً، خصوصاً أن في هذا الفن الكثير من الارتجال، ولذا فالثقافة فيه أساسية ومهمة.
بناء الشخصية
من ناحيتها، أكدت مدرّسة الدراما في مدرسة القيم للبنات في دبي، سارة فؤاد، أهمية المسرح لشخصية الصغار، مضيفة: «فرحت عندما أدرجت مادة المسرح في المنهج التعليمي بالإمارات، لأن هذا الفن مهم جداً للأطفال، وتحديداً لطلبة الحلقتين الأولى والثانية، لأنه أولاً يقدم لهم الشق الترفيهي التمثيلي، وثانياً يعمل على بناء شخصية الطالب، ومنحه الثقة بذاته، فبعيداً عن التمثيل، يتعلم الطفل كيف يقف أمام مجموعة، وكيف يحاضر، وكيف يتحدث عن فكرة».
ورأت أن الرهبة الأولى للمسرح عند الطلبة، تكون موجودة، وهذا طبيعي، لكن مع الوقت تختلف طريقة التعبير عن الذات على الخشبة، سواء في الكلام أو اختيار الجمل، ما يؤكد التطوير في بناء الشخصية.
وأضافت أن تدريب الصغار على هذا الفن، يسهم في رفد الحركة الإبداعية بشكل عام، وحتى مسرح الكبار سيتأثر إيجاباً بذلك، لاسيما أن الطفل يتعرف إلى الخشبة وعناصر العرض منذ الصغر؛ ما يُوجد علاقة جميلة بينه وبين هذا الفن الجميل، وقد تتطور مواهبه التمثيلية على مدار حياته أو حتى ذائقته بشكل عام.
• الفنانون طالبوا باستمرار العروض دون توقف، وضرورة اختيار مشرفين متخصصين، واختيار النصوص بعناية.
• وضع الممثلين (الطلبة) في مكانهم الصحيح، ومنحهم الشخصيات المحببة إلى قلوبهم يساعد على علاقة مميزة بينهم وبين الخشبة.
إعداد جمهور مثقف
قالت معلمة الدراما، سارة فؤاد، إن المادة المختصة بالمسرح في المدارس، تقدم للطلبة عناصر هذا الفن، فحتى وإن لم يرغب الطالب في المتابعة في هذا المجال، فذلك يعمل على إعداد جمهور مثقف.
وشددت على أهمية المسرح المدرسي، وكذلك صقل المواهب بورش عمل خارج نطاق المدرسة، فهذا يبرزها ويطورها على نحو أفضل، مع التدريبات والعروض المختلفة.