«الزمن والهوية».. 22 فناناً إماراتياً يصغون للذاكرة

بأعمال مستوحاة من مفهوم الهوية، يحتفي معرض «الزمن والهوية» الذي تنظمه هيئة دبي للثقافة والفنون في مكتبة الصفا للفنون والتصميم في دبي، بالفنانين الإماراتيين، وما قدموه من أعمال تثري الحركة الفنية والمشهد الإبداعي المحلي والعربي. وتعكس الأعمال الموجودة في المعرض حكايات من أزمنة متعددة، إذ غلبت على العديد منها الذاكرة والماضي والحنين، كما تجاورت أعمال رواد الفن في الدولة مع أعمال الشباب، لتطرح في مجملها العديد من التساؤلات حول الهوية وتغيرها، من خلال الوسائط الفنية المتنوعة.

ويجمع المعرض الذي يستمر حتى 15 سبتمبر، 22 فناناً من الإمارات، ويمنح المواهب الناشئة الفرصة لاكتشاف شغفهم الإبداعي، وتنمية مواهبهم، وتحفيزهم عبر الاندماج مع نخبة من رواد الفن المحلي، والاستفادة من تجاربهم الإبداعية وخبراتهم الفنية، فيعرض لوحة للفنان عبدالقادر الريس، وعملاً للفنان محمد كاظم، فيما بحث الفنانون الشباب في الهوية والذاكرة المتغيرة، وقدموا أعمالاً مبتكرة ومتعددة الوسائط.

الاستقرار في الماضي

وقدّم الفنان وعالم الآثار عمار البنا، عملاً بعنوان «الاستقرار في الماضي»، مستعيناً بمجموعة من الصور التوثيقية خلال التنقيب. وقال لـ«الإمارات اليوم» عن هذا العمل: «يتم تمديد الفترات الزمنية المتعلقة بالماضي في مجال الآثار والتنقيب، ووجودنا في مواقع أثرية يمثل إحياء للمكان من جديد، إذ نعود من خلال عملنا إلى المكان القديم وماضيه، وهذا ما توثّقه الصور». وأشار البنا إلى أن الصور مأخوذة من فيلم مصور، وهي تبرز ما يحدث خلف كواليس عمليات التنقيب والبحث عن الآثار، وتعود إلى جزيرة في إمارة أم القيوين، وهي عبارة عن مدينة صيد تعود للقرنين السادس والسابع.

ولفت البنا إلى أنه يقوم بتوثيق المراحل التي يتم فيها العمل خلال التنقيب قبل الوصول إلى المتحف، مشيراً إلى أن الصور التي عرضها متعددة الألوان وتنتمي إلى مجموعات، فبعضها يحمل عناصر معمارية، وبعضها توجد فيه الحركة والتدخل الإنساني، كما أن بعض الأعمال تقدم فكرة مختصرة عن حياة الناس في الماضي. واعتبر فن التوثيق مهماً جداً، لاسيما في مجال التنقيب والآثار، فهو يوضح للناس كيفية الوصول إلى الآثار، ويحمل جوانب توعوية حول الدمج بين الآثار والفن، ويرسخ أهمية الآثار عند الناس. وعبر عن سعادته بالوجود في هذا المعرض، لاسيما أنه يضم أسماء فنية كبيرة، وتم جمع أعمال فنية من أزمنة مختلفة ومن هويات متنوعة.

غائب

أما الفنانة سلامة الفلاسي، فحمل عملها عنوان «غائب»، وقدمت فيه صوراً قديمة ترتبط بطفولتها، وتحدثت عن أعمالها بالقول: «استلهمت فكرة العمل من خلال مقولة للشاعر الراحل محمود درويش يقول فيها (وإن أعادوا لنا الأماكن فمن يعيد لنا الرفاق)، وقد اخترت صوراً للعائلة كانت ملتقطة في بيت جدتي، وقصصت الأجساد من الصور حتى أصبحت خالية من الأشكال مع الحفاظ على هوية المكان، لإبراز فكرة مرور الزمن، وأهمية عيش الحاضر قبل أن يحيله مرور الوقت إلى ذكرى». ولفتت الفلاسي إلى أنها ترتبط كثيراً بالماضي، وهذا ما جعل الكثير من أعمالها يعبر عن الذكريات، موضحة أن الحنين ينتابها كثيراً خلال العمل، كما أنه ينتقل إلى الجمهور الذي يشاهد العمل ويشعر به. ونوهت بأنها شاركت في معرض سكة الفني الذي تنظمه «دبي للثقافة»، ولكن ما يميز هذا المعرض، هو حضور فنانين من جيل الرواد، ما أوجد حواراً فنياً متميزاً بين جيلين.

همهمة

من جهتها قدمت موزة الفلاسي عملاً بعنوان «همهمة»، تحدثت عنه بالقول: «يحمل العمل مفهوم ضجة الأصوات المسموعة، ولكن التي لا يمكن أن تكون مفهومة، وقد عملت على مفهوم الذاكرة وكيف تتشكل من ثلاث مراحل، أولاً الترميز ثم التخزين وبعده الاسترجاع، مع الإشارة إلى أن المرحلتين الأولى والأخيرة تتأثر فيهما الذاكرة بالحالة النفسية للشخص وعمره ومشاعره، لهذا فإن التخزين لا يكون صادقاً، وبالتالي فاسترجاع الذكريات لا يتم بشكل أمين تماماً، بل يتأثر بالوضع النفسي». وأكدت الفلاسي أن السؤال الذي يقود المشروع هو: كيف يتم تجسيد الذاكرة غير المرئية في عمل محسوس، لافتة إلى أنها استخدمت «الجرافيت» لتجسيد تغير الذاكرة، وقد عملت على تطويع هذه المادة السريعة التأثر باللمس، لأنها تعكس عملية التغيير، بينما مزجتها مع الألوان لتعبر عن الطبقات وعملية استرجاع الذكريات. أما الهوية فعبرت عنها الفلاسي من خلال السؤال الجدلي الذي يجمع بين الهوية والذاكرة، مشيرة إلى أنها تنظر إلى أن الذاكرة دائمة التغير، ما يعني إمكانية تبدل الهوية طالما أنها ترتبط بالذاكرة. وأشارت إلى أن مشاركتها في المعرض جسدت فرصة للقاء جيل الرواد، معبرة عن سعادتها بالحوار الذي دار بينها وبين الفنان محمد كاظم، والذي لا يمكن أن يتكرر إلا في معارض تجمع الشباب مع رواد الفن الإماراتي.

رمال الإمارات

عبرت الأعمال الموجودة في المعرض عن الإمارات والذاكرة، وفق أشكال متعددة، من بينها عمل الفنانة لطيفة سعيد وعنوانه «أرشيف الرمال»، القائم على البحث واستكشاف وتوثيق أسماء 180 موقعاً متميزاً في الدولة من خلال الرمال. وعرضت الفنانة 180 وعاء بلاستيكياً، جميعها تحتوي على رمال من المواقع المتنوعة التي رصدتها، كما وضعت الخرائط الجغرافية التي تبرز المناطق التي أخذت منها الفنانة الرمال، والتباين الكبير في ألوانها.

• عمار البنا: «وجودنا في مواقع أثرية يمثل إحياء للمكان من جديد، إذ نعود من خلال عملنا إلى المكان القديم وماضيه، وهذا ما توثقه الصور».

• سلامة الفلاسي: «اخترت صوراً للعائلة من بيت جدتي لإبراز فكرة مرور الزمن، وأهمية عيش الحاضر قبل أن يحيله مرور الوقت إلى ذكرى».

• موزة الفلاسي: «التخزين لا يكون صادقاً، وبالتالي فاسترجاع الذكريات لا يتم بشكل أمين تماماً، بل يتأثر بالوضع النفسي».

الأكثر مشاركة