مؤلفة بلا أوراق رسمية تروي حكاية «العودة للوطن»
على الرغم من مرور 30 عاماً، مازالت تتذكر مارغريتا كوينونس بينا احتضانها لجدها لتودعه عندما اصطحبتها والدتها الحامل وشقيقتها الكبرى ليشقوا طريقهن من المكسيك إلى شيكاغو للقاء والدهما.
كانت مارغريتا تبلغ حين ذلك ثلاثة أعوام. وعلى الرغم من عدم وضوح معالم الذكريات، فإن شعور ترك المكان الذي عرفته وطناً لها لم يغب عن بالها مطلقاً، حسب تعبيرها.
وذكرت صحيفة «شيكاغو تريبيون» أن مارغريتا تبلغ من العمر الآن 33 عاماً، ولم تتمكن بعد من العودة لموطنها. ولا تمتلك تيتا، مثلما كان يدعوها جدها، وثائق رسمية، إذ أحضرت لهذه البلاد بصورة غير قانونية عندما كانت طفلة. ولفترة طويلة، كانت تشعر بالخجل من وضعها وتحس بالعجز، عندما أدركت في النهاية أنه بفضل صمود أسرتها، تمكنت من تأسيس موطن لها في منطقة بشيكاغو، على الرغم من المعاناة والتضحيات.
وقالت مارغريتا، التي تعمل الآن مهندسة برامج حيث تخرجت في جامعة إلينوي في شيكاغو، كما تقوم بتعليم اليوغا: «لا يوجد ما أخجل منه. وفي الحقيقة أنا فخورة بتضحيات والدي وصمودهما للنجاح على الرغم من عدم حصولنا على الوثائق الرسمية». وفي عام 2012، أصبحت «حالمة» أو حاصلة على برنامج العمل المؤجل للطفولة الوافدة، الذي دشنه الرئيس الأميركي حين ذاك باراك أوباما، ما وفر لها تصريح عمل وحماية من الترحيل.
ووصفت رحلتها بأنها «عودة للوطن»، كما قالت إنها الرحلة التي تتشاركها مع المئات من الأطفال الآخرين للمهاجرين، سواء كانوا قد وصلوا هنا منذ عقود أو أنهم وصلوا للتو لشيكاغو بالآلاف.
وقالت الصحيفة إن مارغريتا ذكرت أن «العودة للوطن» هو اسم كتاب للأطفال، كتبته حول قصتها لتسليط الضوء على رحلتها ولتمكين نفسها وأسرتها والأطفال الآخرين الذين ليست لديهم وثائق رسمية. وأضافت «أريدهم أن يعرفوا ما هو الممكن».
وأوضحت أنه سيتم التبرع بجميع عائدات الكتاب لمساعدة المهاجرين الذين يسعون للجوء في شيكاغو.
واحتفلت مارغريتا أخيراً، وبجانبها والداها بإطلاق كتابها من خلال قراءته لمجموعة من الأطفال المهاجرين الذين يعيشون في مكان إيواء يديره المجتمع المحلي في منطقة بيلسين.
وصدر الكتاب، الذي يتضمن رسماً توضيحياً للمؤلفة وأسرتها وهم ينظرون لقوس ليتل فيلج التاريخي، باللغتين الإسبانية والإنجليزية. وتحكي مارغريتا في الكتاب ذكرياتها الخاصة بعبور الحدود في ليلة عيد الهلع، حيث كانت ترتدي زي أميرة مع والدتها وشقيقتها، التي كانت تبلغ من العمر أربعة أعوام. كما تتذكر من قاموا بمساعدتهم على الطريق، وتصف لقاء جمع شملهم مع والدها في النهاية في شيكاغو.
وفي نهاية الكتاب، تشارك أصل القصة بنشر صور لأسرتها، يتبعها جزء يتيح للأطفال الذين قرأوا الكتاب كتابة تجربة هجرتهم.
وأوضحت أن فكرة الكتاب ولدت بدافع من حبها لأسرتها ورغبتها في التصالح مع حكايتها، معتبرة أن مشاركة حقيقتها والعثور على القوة الكامنة فيها أمر يبعث على التحرر. وتابعت «هناك مئات مروا بتجربة مماثلة، لكننا نشعر بأن هناك حاجة لإخفائها. أو أننا لا نتحدث أبداً عن التجربة بسبب الخجل أو الخوف أن يتم إصدار الأحكام علينا أو حتى يتم معاقبتنا».
وطوال معظم فترات حياتها لم تعلم الكاتبة القصة الكاملة لكيفية عبور والدتها للحدود الجنوبية وهي حامل وبصحبها طفلتان. ومنذ عامين، قررت سؤال والدتها.
وبأعين تملؤها الدموع، تحدثت والدتها أنتونيا كوينونس أثناء جلوسها مع ابنتها في المطبخ. لم يكن من السهل على الأم، التي تبلغ من العمر حالياً 63 عاماً، أن تسترجع ذكريات قامت بدفنها، في محاولة لنسيان التجربة المؤلمة.
وكانت أنتونيا قد قررت عام 1993 أن تغادر موطنها المكسيك للقاء زوجها في شيكاغو. وقالت «أردت أن يكون جميع أفراد الأسرة معاً». لذلك، حتى وهي تحمل طفلاً في أحشائها، قامت بهذه الرحلة إلى الحدود.
وأكملت «لقد كانت تضحية، ولكن الأمر كان يستحق».
لا أفقد الأمل
قالت مارغريتا كوينونس بينا التي مازالت الوحيدة في أسرتها التي لا تحمل أوراقاً رسمية «إنني لا أفقد الأمل»، مضيفة «لقد كان عهداً اتخذته على نفسي لجدي الراحل، ولدي إيمان بأنه يوماً ما سأعود للمكان الذي ولدت فيه».