«ضجيج الأيام» عرض ختام الدورة الـ 14 من المهرجان
حكاية «شمعة» احترقت بالحب وبوسائل التواصل.. في «دبي لمسرح الشباب»
ضجيج العقول وليس العالم الخارجي.. تكاد تكون هذه هي الفكرة الجوهرية التي يأخذ المشاهد إليها عرض «أيام الضجيج» الذي قدمته فرقة مسرح دبي الوطني على خشبة ندوة الثقافة والعلوم أول من أمس، وأسدل من خلاله الستار على عروض الدورة الـ14 من مهرجان دبي لمسرح الشباب الذي تنظمه «دبي للثقافة».
لامس العرض قضايا الشباب على الخشبة، منطلقاً من الحب لمعالجتها، ليضع المتلقي أمام الضجيج الداخلي للعقول، وليس فقط صخب الحياة، مختزلاً العديد من المشكلات منها: الهروب، العنوسة، وسائل التواصل، نظرة المجتمع للرجل والمرأة عند الخطأ، وغيرها.
ارتحل الجمهور مع العمل - الذي كتبه عبدالله المهيري وأخرجه طلال قمبر البلوشي - إلى فرجة مسرحية قوامها الأداء الدرامي والكوميديا السوداء، إذ يعرض حكاية شمعة (أدت دورها خولة عبدالسلام) التي قررت الهروب من عائلتها الرافضة لزواجها بغالب (عبدالعزيز حبيب)، لتتزوجه وتواجه مصيرها وحدها.
ركوب القطار الخطأ
يبدأ العمل بلوحة استعراضية راقصة، ليبحر في طرح القضايا الشبابية منطلقاً من الحب، ثم يستعرض عبر الأحداث مجموعة من القضايا الأخرى، ومنها الهروب، المسؤولية، الأمومة، حضانة الأطفال، العنوسة، والاستخدام السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي.
يستعين المؤلف عبدالله المهيري في نصه بالمقولة الشهيرة: «إذا ركبت القطار الخطأ، حاول أن تنزل في أول محطة، لأنه كلما زادت المسافة، زادت كلفة العودة». ولعل هذه المقولة، تختصر حكاية العمل الذي ينثر على الخشبة الأثمان الباهظة التي تدفع في الحياة، نتيجة للقرارات الخاطئة، وعدم القدرة على اتخاذ قرار العودة.
تلخص المسرحية حالة شمعة، الفتاة التي جعلها الحب تسلك طريقها بالهروب، فتجد نفسها بعد عام من زواجها برجل غير مسؤول وإنجابها طفلاً، مطلقة وتواجه الحياة وحيدة مع طفلها.
دراما عالية
يتقلب العمل بين الأحداث الدرامية ومن ثم الكوميدية، فيتنقل بالمشاهد من الحالة الحزينة لبقاء شمعة وحيدة حين تعود إلى والدها ويرفض استقبالها، وعودتها إلى صديقتها أشواك (أمل حسن) التي لم تشجعها على الزواج، فتقترح عليها أن تصبح مؤثرة على منصات التواصل الاجتماعي، وتغرق في عالم التحديات والاستخدام الخاطئ للمنصات، حتى يأخذ طليقها ابنها بأمر من المحكمة؛ كونها غير جديرة بتربية الطفل.
هذا الواقع الذي رصده المؤلف، اجتزأ الجانب السلبي من هذه المواقع وتأثيرها، ليقدم من خلال القصة خليطاً من المشاعر التي تجعل منا في الختام كائنات مأزومة وهشة وربما مشوهة، بسبب الضغوطات اليومية التي تثقلنا بالأوجاع.
أما الحب الذي شكل الانطلاق للكثير من القضايا، فعجز عن أن يكون خشبة الخلاص في نهاية العمل، إذ شهدنا النهاية الهستيرية لشمعة وهي تقص شعرها، بعد أن أطفأها هذا الحب الذي جعلها تتخذ كل القرارات الخاطئة في الحياة.
لوحات
الرؤية الإخراجية التي اعتمدها طلال قمبر البلوشي، اعتمدت على تركيب اللوحات في فضاء المسرح، كما أنها لم تعتمد على الديكورات الديناميكية التي تتبدل أو تأخذ أشكالاً متنوعة، فخلال العمل تحضر الكثير من التغييرات على المسرح، فيما كانت اللوحات الراقصة رشيقة، وأضافت لمسة جمالية إلى الرؤية الإخراجية.
تميز الممثلون بالأداء الجميل، وشكلت أمل حسن - التي أكد المخرج خلال الندوة التطبيقية أنها كانت «المنقذة»، حيث انضمت إلى فريق العمل بعد اعتذار الممثلة الرئيسة التي كانت ستؤدي الشخصية قبل أسبوع من العرض - شكلت إضافة لطيفة، لاسيما أن الشخصية اتسمت بالحس الكوميدي، على الرغم مما تحمله من وجع يثقلها به المجتمع الذي يضعها في خانة العنوسة.
وعن هذه الرؤية الإخراجية قال طلال البلوشي لـ«الإمارات اليوم»،: «تعمدنا إيصال البطلة إلى الحالة الهستيرية وطلبت منها أن تقص شعرها في ختام العمل، لإبراز المجتمع الذي لا يحاسب الرجل، ويحاسب الأنثى على الأخطاء، إذ تجد المرأة نفسها وحيدة عندما تخطئ». وأشار إلى أن العمل شكل تجربة جميلة ومميزة، موضحاً أنه كان بحاجة إلى وقت أطول للتأقلم مع المسرح، لاسيما أن حجم المسرح كبير، بينما هم يتدربون على خشبات صغيرة، ما ينعكس عليهم ويواجهون الكثير من المشكلات خلال التمرين والعرض.
ولفت إلى أن الأصداء بعد العرض كانت جيدة على الرغم من كل التحديات التي واجهتهم.
ورأى أن مهرجان دبي لمسرح الشباب يقدم الفرصة للجيل الجديد لطرح القضايا التي تلامس الحضور، وتحديداً فئة الشباب، ما يعزز العمل المسرحي ويدعم طموحات هذه الفئة ويحثها على تقديم الأفضل.
• بطلة العرض قررت الهروب من عائلتها الرافضة لزواجها بغالب، لتقترن به وتواجه مصيرها وحدها.
• أمل حسن انضمت إلى فريق العمل بعد اعتذار الممثلة الرئيسة قبل أسبوع من العرض لتشكل إضافة للمسرحية.
طلال البلوشي:
• مهرجان دبي لمسرح الشباب يقدم الفرصة للجيل الجديد لطرح قضايا تلامس الجمهور.
مفتاح حياة
قال مؤلف مسرحية «ضجيج الأيام» عبدالله المهيري خلال الندوة التطبيقية إن فكرة العمل تركز على الجانب السلبي لمنصات التواصل الاجتماعي، وتعمد إلى إبراز هذا الجانب السلبي من خلال المادة المسرحية، لتقديم نوع من التوعية لتجنبه.
وأضاف أن العمل يضع الأصبع على معاملة المجتمع مع خطأ الرجل وخطأ المرأة، وكيف ينحاز للأول. أما الحب الذي انطلق منه في عملي «أبد الدهر» و«أيام الضجيج»، فنوه بأن الحب هو المفتاح في الحياة، وليس بالضرورة الحب الذي عرض في المسرحيات، وإنما طبيعة البشر هي أنهم يحبون ويتعلقون بالأشياء، موضحاً أنه يستخدم الحب منطلقاً للقضايا كنوع من هروب المؤلف لأن الحب رقيق، ومن السهل أن يتلقاه المشاهد ويتعلق به.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news