«التناغم مع الطبيعة».. الفن شريك في حلول الاستدامة
تحت عنوان «التناغم مع الطبيعة: رحلة الممارسة مدى الحياة»، نظمت مجموعة بيئة، معرضاً فنياً جمع مجموعة من الأعمال التي تحاكي مفاهيم الاستدامة وإعادة التدوير، لتوجد حواراً فنياً حول البيئة وتناقش أبرز الحلول في مجال الاستدامة، وذلك قبيل انعقاد «كوب 28». وقدم المعرض الذي افتتح، أمس، أربعة أعمال فنية لأربعة من أشهر الفنانين في هذا المجال، وهم: ماريو ميرز، ووإل ناتسوي، ودان هولدزوورث وشيراز داوود.
ويتضمن المعرض أعمالاً فنية لكل من ماريو ميرز من إيطاليا، حيث يسلط الضوء في أعماله على الطبيعة وما ترمز له من معاني ودلالات، تمثل اللانهاية والتجدد والتكرار والانتظام عبر هياكل الأكواخ الجليدية، وإل ناتسوي من غانا، الذي يقدم أعماله الفنية بأسلوب فريد يجمع النحت والرسم والتركيب الفني، ويستخدم المواد القديمة في رسالة تدعو إلى تشجيع إعادة التدوير. وتشمل الأعمال المعروضة أيضاً تجربة بصرية متميزة لأعمال الفنان دان هولدزوورث من المملكة
المتحدة، الذي يمزج بين التصوير الفوتوغرافي والمؤثرات الرقمية لتقديم جماليات المشاهد الطبيعية الساحرة، إضافة إلى أعمال الفنان البريطاني من أصول باكستانية شيزاد داوود، الذي يقدّم أعمالاً تجمع الفنون المختلفة، التي تصحب المشاهد إلى استكشاف عالم المحيط.
مبادرات نوعية
وتحدثت مديرة التسويق لمقر مجموعة بيئة، مريم الرند، لـ«الإمارات اليوم»، حول تنظيم هذا المعرض، قائلة: «تسهم مجموعة بيئة بشكل حيوي في تعزيز الاستدامة والحفاظ على البيئة ومعالجة التحديات المناخية عبر طرح المبادرات النوعية، والتعاون مع المؤسسات الوطنية والعالمية لتحقيق هذا الهدف، وتعكس الأعمال الفنية الموجودة في المعرض ضرورة الحاجة الملحة إلى العمل المناخي، والقدرة على الابتكار، والتعامل مهنياً مع التغيّرات المناخية». ولفتت الرند إلى أن الأعمال تشكل سرداً توعوياً حول العلاقة المتبادلة بين الإنسان والطبيعة، وتسعى مجموعة بيئة دائماً إلى تقديم منصّات متنوّعة لدعم الاستدامة، ومنها هذا المعرض، وذلك من أجل تحفيز الابتكار وطرح الأفكار الجديدة.
ممارسات فنية
وتحدث القيّم الفني المتعاون، سيبستيان مونتبنيل، موضحاً أنه منذ طرح العنوان الخاص بالمعرض وهدفه وهو البيئة وحمايتها، قرر التوجه إلى فنانين ركزوا في ممارستهم الفنية على البيئة، ولهذا ركز على تقديم تجارب متنوّعة للجمهور، سواء لجهة الوسائط الفنية المستخدمة، أو حتى لجهة التاريخ الذي يحمله الفنان والمرحلة الزمنية التي ينتمي إليها. ونوّه بأن الفنان ماريو ميرز الذي رحل عام 2003، وهو من أهم فناني جيله، قد أولى أهمية كبيرة للمواد المعادة التدوير في عمله، فيما تعتبر تجربة إل ناتسوي من حيث الوسائط مشابهة في إعادة التدوير، وقد تمكن بفضل هذه الممارسة الفنية من أن يكتسب شهرة عالمية، وليس على مستوى إفريقيا فقط. وأشار مونتبنيل إلى أن المعرض يجمع بين المواد المعاد تدويرها وبين التقنيات المعاصرة، ومنها الواقع الافتراضي، التي تجلب الطبيعة إلى (الغاليري)، حيث يتحول الجمهور إلى أخطبوط يخوض رحلة في عالم من المغامرات، موضحاً أن شيراز داوود الذي قدم العمل، سيكون من أبرز الأسماء الفنية في الفترة المقبلة، لما يحمله من رؤى فنية مميزة، ونظراً إلى التكليفات الفنية التي قدمها في أبوظبي والمملكة العربية السعودية. ووصف مونتبنيل تجربة الفنان دان هولدسورث، بالمبدعة في كيفية استخدامه «المساحة التصويرية» لتقديم أنهار جليدية، بهدف إبراز ما تتعرض له من تغييرات بسبب التغيّر المناخي، معتبراً ان الفن وسيلة مهمة للتعبير عما تحمله التقارير العلمية في مجال البيئة، فهي ترجمة لهذه القضايا، ولكن الفنانين يحملون رؤية أكبر في كيفية ترجمة الوقائع.
الجسد البشري والطبيعة
وتحدثت مديرة «كونراد فيتشر غاليري»، كلاوديا باسكو، عن عمل «زيوس لانز» للفنان الراحل ماريو ميرز قائلة: «نقدم أعمال الفنان منذ سنوات عديدة، ومازلنا نعرض أعماله بعد رحيله، وهذا العمل يجسد أسلوب الفنان في تقديم وصفه الخاص للجسد البشري والطبيعة والطاقة التي تدور في هذا الفلك، وهذا يفسر اعتماده على الدوائر في الأعمال، فكأنه يسعى الى تجسيدها من خلال الاشكال الهندسية». ولفتت إلى أن الفنان كان حريصاً على وضع المواد المحيطة به، ولهذا استخدم الزجاج والأحجار والطين، من أجل الانسجام مع البيئة من جهة، وإعادة التدوير من جهة أخرى.
«هوية بلد»
وتحت عنوان «هوية بلد» عرض عمل الفنان إل ناتسوي، والمقدم من أسلاك النحاس والألمنيوم، وقدم كوامي مينتا من غاليري «إيفي»، الذي يمثل الفنان إل ناتسوي، هذا العمل بالقول: «يتميز الفنان بعلاقته مع المواد التي يعيد تدويرها لصياغة أعماله الفنية، إذ غير مفهوم وجود الكانفاس في العمل الفني، وتجسد أعماله رحلة في كل ما يمكنه من صياغة لوحة. ولفت إلى أن هذا المعرض مهم في تقديم رسالة واضحة عن الاستدامة، والوسائط الفنية التي يمكنها أن تكون صديقة للبيئة، وكذلك في مفهوم النفايات وما يصلح استخدامه، ما يقود إلى عالم أفضل. ونوّه مينتا بتوجه الكثير من الفنانين في إفريقيا إلى المواد المعاد تدويرها، وقد برزت العديد من التجارب في الفن المعاصر التي تسلط الضوء على أهمية وجود الاستدامة في الفن.
رحلة عبر الزمن
قدم الفنان شيراز داوود عملاً بعنوان «التراريوم» بتقنية الواقع الافتراضي، الذي يسافر بالجمهور عبر الزمن في رحلة تتقدم ما يقارب 300 عام، حيث يكون ما يقارب 90% من سطح الكوكب مغطى بالمياه. ويستكشف الجمهور العالم داخل هذه البحار، حيث يمزج الفنان بين التنبؤ العلمي والخيال العلمي، فيضع الكائنات التي تجمع بين تكوين البشر والكائنات البحرية، وكذلك كائنات أخرى متخيلة. يجمع العمل ما بين الصور الخيالية والموسيقى التصويرية للملحن البريطاني غراهام فيتكين، ويبين كيف يسهم كل جيل من البشر في التسبب بالتحول في شكل الحياة على سطح الأرض حتى تصبح مغمورة بالمياه.