الفنان الإماراتي يعود ليضع بصمته على نافذة الروح

المزروعي يحدق بعيون واسعة في «عتمة النفوس»

صورة

نساء بعيون تحدق على اتساعها في وجه المتلقي.. هن محور معرض الفنان الإماراتي محمد المزروعي «عتمة النفوس»، الذي افتتح مساء أول من أمس، في «غاليري» إياد قنازع في أبوظبي، ويستمر حتى 30 يناير 2024، وهو المعرض الذي يعود به المزروعي بعد غياب للساحة المحلية، وهو أيضاً المعرض الأول الذي ينظمه «الغاليري» الجديد.

تعكس لوحات المعرض الحضور الطاغي للمرأة في أعمال المزروعي لتعبّر عن فلسفته وإيمانه بأنها محور الحياة ككل، فهي الأيقونة والشاهدة على المجتمع وبوابة انفتاحه، ومن خلال حضورها يطرح الفنان أفكاراً فلسفية ومشاعر عميقة بعضها يرتبط بمكانة الثقافة في العالم العربي، وقضايا المجتمع ووضع المرأة فيه، والبعض الآخر يحمل أفكاراً وجودية كالفقد والموت والحياة والتسامح وغيرها، متأثراً في ذلك بتجارب حياته، أبرزها وفاة والدته أثناء ولادتها لأخيه، وكذلك نشأته، وهي فترة محورية في حياته تُعدّ بمثابة حجر الأساس للأفكار والمشاعر التي تطارده وتطارد لوحاته وتمنحها خصوصيتها.

مكانة خاصة

للوهلة الأولى يمكن للمتلقي الذي يطلع على أعمال المزروعي أن يدرك مكانة العيون في أعمال الفنان، ففي كل لوحة تقريباً يجد نفسه أمام تلك العيون الواسعة تحدق في وجهه بطريقة مباشرة تجمع بين القوة والسذاجة في الوقت نفسه، وهو أمر لا يتوقف على اللوحات في هذا المعرض ولكنها سمة عامة في أعمال المزروعي، وباتت بصمته الخاصة، فالعيون في فلسفته هي نافذة الروح، والوجه هو الوسيلة للتعرف إلى الذات المدمجة به، تاريخه وتفكيره ودواخله.

اللافت كذلك أن الوجوه لدى الفنان يمكن أن تحيل بملامحها إلى الأيقونات التاريخية المعروفة باسم «بورتريهات الفيوم»، وهي مجموعة من اللوحات الواقعية لشخصيات رسمت على توابيت مومياوات مصرية في الفيوم خلال فترة الوجود الروماني في مصر، إذ تم فيها الرسم والطلاء على لوحات خشبية بشكل كلاسيكي يجعلها من أجمل الرسومات في فن الرسم الكلاسيكي العالمي.

دون عنوان

وأوضح مؤسس «الغاليري» إياد قنازع، لـ«الإمارات اليوم»، أن «المعرض يضم 15 لوحة رسمها الفنان في فترات مختلفة منذ عام 1996 وحتى الآن، معظمها دون عنوان، وهو أمر اعتاده المزروعي في أعماله حتى يترك للمشاهد مساحة ليقرأ العمل وفق رؤيته الخاصة».

وأشار إلى أن اختيار محمد المزروعي ليكون صاحب أول معرض يدشن به «الغاليري» أعماله، يرجع إلى كونه من ركائز الحراك الثقافي في أبوظبي، سواء من خلال عمله في المجمع الثقافي في فترة التسعينات، أو مع اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، كما لم تقتصر إسه اماته على مجال محدد، فتنوع إنتاجه بين الكتابة والشعر والتمثيل والرسم والتصوير الفوتوغرافي. وأضاف قنازع أن «المزروعي يمتلك أسلوبه الفني الخاص، فلوحاته مثل شعره تجمع بين درجة مما يمكن تسميته بالسذاجة أو البدائية والعنف في آن واحد، وتعكس رغبات عميقة وأفكار فلسفية معقدة حول قضايا ثقافية واجتماعية عدة، وتثير الكثير من الموضوعات، مثل: التسامح، النسوية، البيئة، الروحانية في المستويات الأكثر بديهية. كما يبدو أنه يصرّ عمداً على ترك اللوحة وكأنها طفولية، مقيدة بذكرياته وعقله الباطن وحديثه». وأكمل: «يقدم المزروعي أعمالاً تتناول موضوعات صريحة ومؤثرة في لوحات تشخيصية نفذها بأسلوب تعبيري جديد، بمزيج من الألوان وضربات فرشاته الثقيلة، وغالباً ما تكون بورتريهات تتخلى عن الواقعية، حيث تم تشويه الوجوه والأجساد في لوحاته بقصد تثبيت مشاعر الرغبة والحزن والغضب، إذ أصبحت عيون شخصياته علامته التجارية وتوقيعه».

خطة مقبلة

عن خطة «الغاليري» في الفترة المقبلة، قال إياد قنازع: إن «الفكرة الرئيسة لهم هي دعم الفنانين من دول العالم العربي، وكل من يحمل فناً مبدعاً لتقديمه إلى الجمهور وتسليط الضوء على أعماله، خصوصاً الفنانين الشباب الذين يبحثون عن فرصة للوجود الجماهيري وعرض أعمالهم، وكذلك الفنانين الذين ابتعدوا لفترة عن الساحة لتشجيعهم على العودة مجدداً، وهو ما يسهم في النهاية في نشر الحسّ الفني وتطويره لدى الجمهور من مختلف الفئات».

• الوجوه لدى الفنان الإماراتي يمكن أن تحيل بملامحها إلى الأيقونات المعروفة باسم «بورتريهات الفيوم».

• 15 لوحة رسمها المزروعي في فترات مختلفة منذ عام 1996 وحتى الآن بين جنبات المعرض.

تويتر