محمد أحمد إبراهيم: متفائل بالجيل الجديد من الفنانين الإماراتيين

من واحات العين الشهيرة، اختار الفنان الإماراتي محمد أحمد إبراهيم أن يصنع واحته الخاصة لتكون العمل الذي يشارك به في «برنامج تكليف الفنانين في المواقع الثقافية» ضمن النسخة الـ15 من فن أبوظبي 2023، الذي يقام في الفترة من 22 إلى 26 الجاري، ويتولى إبراهيم تصميم الحملة البصرية له هذا العام لتعبر عن الهوية البصرية الشاملة للمعرض، كما تكشف عن لغة الفنان الخاصة من النقوش والخطوط والأشكال المجردة التي تذكر برسومات الكهوف القديمة، بما يحتفي بالزمن والذاكرة من خلال تكرار التأمل.

وبتفاؤل ينظر محمد أحمد إبراهيم إلى الجيل الجديد من الفنانين الإماراتيين، معتبراً أن معظمهم يتميزون بالجدية وكذلك بالقدرة على مواكبة عصرهم وهذا أمر صحي، على حد تعبيره في حواره مع «الإمارات اليوم».

وعن الواحة التي صممها لـ«فن أبوظبي»، أوضح الفنان الإماراتي أنها تتكون من 25 مجسماً تتفاوت في أطوالها وتعطي إيحاء بأنها أشجار نخيل وفي الوقت نفسه تبتعد عن شكل الأشجار، بما يمنح المتلقي فرصة تلقي وتأويل العمل الفني بنفسه وفق رؤيته الخاصة، مشيراً إلى أنه حاول أن يشكل من خلال العمل واحته الخاصة ولكنها تمتلك سمات العين التي تحتل مكانة خاصة لديه حيث شهدت بداياته، واستغرق تنفيذ العمل أربعة أشهر. وأضاف «الجميل في هذا العمل أنه عملي الخارجي الأول، فتم إنجازه بحيث يتحمل البيئة الخارجية ويبقى يتفاعل مع الطبيعة، وهو ما يعد جزءاً رئيساً من المفهوم الذي قام عليه العمل».

تطور لافت

وأكد إبراهيم أنه من خلال متابعته عن قرب لـ«فن أبوظبي» منذ دورته الأولى ومشاركاته المختلفة في دوراته المتتالية، يلمس مدى التطور الكبير الذي يشهده الحدث بحكم التراكم والتجربة والدعم الذي يجده من القيادة، لافتاً إلى أن المعرض بما يقدمه من عرض لأعمال فنية متنوعة وفعاليات متعددة لا تقتصر أهميته على الفنانين فقط، ولكنها تشمل الجمهور على اختلاف فئاته، إذ يسهم في إثارة فضول المتلقي ويحفز على طرح تساؤلات وأفكار في ذهنه والبحث عن إجابات لها، وهو ما سعى إلى تحقيقه عبر الحملة البصرية لـ«فن أبوظبي» هذا العام.

وقال «هناك تطور ملحوظ في المعرض في دوراته المختلفة سواء من حيث المعارض الفنية المشاركة وتنوعها، أو الفعاليات المصاحبة له مثل الجلسات النقاشية والمحاضرات والندوات وورش العمل وهي عناصر مهمة لنشر الخطاب الفني وتطوير وتحسين الذائقة الفنية لدى أفراد المجتمع، كما أن الفن أداة مهمة للتعبير عن المجتمع وثقافته، وكلما كان الفنان منتمياً لمجتمعه نجح في أن ينقل ثقافته وهويته، وهو ما يوضح طبيعة الفن باعتباره قوة ناعمة مؤثرة جداً».

صلح مع الطبيعة

وحول ارتباط أعماله بالبيئة المحلية وكيف يعمل على خلق بصمة فنية خاصة به وفي الوقت نفسه يتلافى التكرار، رأى إبراهيم أن الفنان مثل أي إنسان يتأثر بمحيطه الذي يعيش فيه، ولكنه يتميز بأن لديه شغفاً ورسالة يرغب في التعبير عنها، مبيناً أنه في بداياته تعلقت أعماله وأسلوبه بالطبيعة، ومع الخبرة والتراكم اكتسب الوعي بأن لكل شخص سماته وخصائصه الشخصية والتي ترسم تفاصيل علاقته بالطبيعة، ومع الوقت أنتجت هذه العلاقة نوعاً من الصدق والإدراك في استخدام البيئة ومواردها، مثل توظيف قطع الأخشاب المتاحة في المكان دون الحاجة لقطع أغصان الأشجار حتى لا يكسر الطبيعة أو يجرحها وخلق نوع من الصلح معها، كما يقوم في بعض الأحيان بإنتاج أعمال فنية ويتركها في الأماكن الطبيعية، مشدداً على أن الاستدامة تمثل جانباً مهماً من علاقته بالطبيعة. وذكر أن التكرار في العمل الفني يقوم على مفهوم فكري، فالتكرار لا يعني التشابه فكل خط وشكل يأخذ زمنه الخاص ومساحته وفعله الخاص، ولذلك إذا وضعنا خطين بجانب بعضهما لن يكونا متشابهين.

غياب العنصر الأكاديمي

وفي وصفه للمشهد التشكيلي في الإمارات، شبهه إبراهيم بالنار التي لا تكتفي بما يقدم إليها، إذ إن الجهود التي تبذل من أجل تطويره كبيرة وقوية، والدعم الذي يجده يجمع بين الدعم الرسمي والفردي والخاص، معرباً عن أمله في أن يسهم الحراك الفني في تكوين وعي المجتمع، بما يواكب تطور الدولة وتقدمها. واعتبر أن المشهد الفني، رغم ما يجده من دعم، مازال يفتقد الطابع الأكاديمي، ويحتاج إلى إنشاء معهد خاص أو مؤسسة تعليمية لتدريس الفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى. وأعرب إبراهيم عن تفاؤله بالجيل الجديد من الفنانين الإماراتيين، إذ يتميز معظمهم بالجدية والاهتمام والقدرة على مواكبة عصرهم وهذا أمر صحي، معتبراً أن استعانتهم بالتقنيات الحديثة كالفن الرقمي والذكاء الاصطناعي لا يعيبهم.

وتابع «للفنان مطلق الحرية لاستخدام أي مادة يجدها صالحة لتقديم عمل فني جيد، بالعكس هذا يعد دليلاً على مواكبة عصره ومخاطبة جمهوره». كما قلل من خطورة تأثير توظيف الذكاء الاصطناعي في الفن التشكيلي لأنه سيكون انعكاساً لفكر الفنان ورؤيته.

نافذة أمام العالم

أعرب الفنان محمد أحمد إبراهيم عن سعادته باختياره لتمثيل دولة الإمارات في بينالي البندقية 2022 عبر معرض «محمد أحمد إبراهيم.. بين الشروق والغروب»، الذي استضافه جناح الدولة في البينالي الذي يعتبر من أقدم الفعاليات الفنية على مستوى العالم، إذ يمثل نافذة أمام العالم ليلقي نظرة على ثقافة الإمارات، ولذلك كانت المشاركة تحدياً كبيراً بالنسبة له ومسؤولية ضخمة.

وأوضح أنه حاول أن ينقل صورة لمجتمع الإمارات بما تضمه من ثقافات وعادات وتقاليد ولهجات وممارسات مختلفة بما يعكس التنوع الكبير في المجتمع المحلي.

. إبراهيم يتولى تصميم الحملة البصرية لـ«فن أبوظبي» هذا العام لتعبر عن الهوية البصرية الشاملة للمعرض.

محمد أحمد إبراهيم:

نحتاج إلى معهد خاص أو مؤسسة تعليمية لتدريس الفنون التشكيلية والمسرح والموسيقى.

كلما كان الفنان منتمياً لمجتمعه نجح في نقل هويته.. والفن قوة ناعمة مؤثرة جداً.

الأكثر مشاركة