مكتبة محمد بن راشد تكسر حواجز الثقافات بالذكاء الاصطناعي
كثيرة هي المعارف التي لا يمكن للجميع الوصول إليها أو قراءتها، بسبب حاجز اللغة، الأمر الذي دفع مكتبة محمد بن راشد آل مكتوم، إلى إطلاق مبادرة «عالم بلغتك»، التي تعتمد على توظيف الذكاء الاصطناعي، وتطبيق أحدث التكنولوجيات، لإتاحة قراءة وسماع مجموعة من الكتب في المكتبة بالعديد من اللغات العالمية.
ويتيح هذا المشروع الذي يزيل الحواجز بين الثقافات، الفرصة لزوار المكتبة لقراءة وسماع كتب بلغات عالمية عدة، وذلك باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ضمن استراتيجيتها المتكاملة لمواكبة وتطبيق أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا لخدمة المجتمع.
استخدام الذكاء الاصطناعي
وتحدث عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد، الدكتور محمد سالم المزروعي، عن المبادرة وكيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لـ«الإمارات اليوم»، قائلاً: «انطلقت المبادرة من رؤيتنا لكيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن، والذي بلا شك ستتوسع استخداماته في المستقبل، لذا فكرنا في كيفية الاستفادة منه في الجانب الثقافي والأدبي والمعرفي، فالمكتبة لديها كمّ هائل من الكتب والمخطوطات والموسوعات، وتستقبل كمية كبيرة من الكتب المحلية أو العربية بشكل دوري».
وأضاف المزروعي: «كانت الكتب تحول إلى كتاب مسموع من خلال المعلق الصوتي، ولكن اليوم من الممكن أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان التعليق الصوتي، ويسهم في نقل الكتب إلى أكثر من لغة، فزوار المكتبة من مختلف الجنسيات، وإن تقديم الكتب المسموعة بلغات متعددة، سيؤدي إلى انتشار كثير من الكتب إلى ثقافات مختلفة، وسيسهم في نقل الأدب الإماراتي إلى لغات أخرى داخل الإمارات وإلى دول العالم أيضاً، من خلال المنصات الرقمية».
الملكية الفكرية
اختارت المكتبة مجموعة من اللغات التي ستتم ترجمة الكتب إليها، ولفت المزروعي إلى أن التجربة ستراعي الجانب القانوني المرتبط بالملكية الفكرية، موضحاً أنه سيتم البدء مع مجموعة من قصص الأطفال وكتب الشباب، فضلاً عن تناول كتاب معرفي من الكتب النادرة، كما أن من المقرر الاعتماد على اللغات الخمس التي أقرتها الأمم المتحدة، مع إمكانية التوسع ومراعاة المجتمع المحلي والجنسيات واللغات الأكثر استخداماً.
وأشار المزروعي إلى أنه سيتم الانطلاق من اللغة العربية والترجمة إلى اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والصينية والروسية، ومن الممكن إضافة اللغة الهندية، بسبب العدد الكبير للجالية الهندية الموجودة في الدولة. وتوجه المزروعي بدعوة إلى الكتّاب الإماراتيين والمقيمين، والذين هم على استعداد لتقديم الحقوق الفكرية للمكتبة، من أجل نشر هذه الكتب بشكل صوتي وبلغات متعددة، ليكونوا جزءاً مساهماً في المبادرة.
ولفت إلى أن الذكاء الاصطناعي سيفتح المجال إلى تقديم الكتب مترجمة وبشكل صوتي من خلال صوت كاتب الكتاب نفسه ربما، وكذلك يمكن استخدام أصوات كتّاب راحلين، وهذه تعتبر تجربة ثورية في عالم التكنولوجيا.
وأشار إلى وجود مجموعة من الشركات المحلية والعربية التي تقدم الكتب المسموعة بالاعتماد على الإلقاء الصوتي، موضحاً أن هذه الشركات ستعتمد على الذكاء الاصطناعي مستقبلاً، لأن عملية تسجيل الكتب ستكون مكلفة، في مقابل هذه العملية الأقل كلفة التي لا تستغرق الكثير من الوقت، كونها تعتمد على البصمة الصوتية، وأن عدم مجاراتها قد يجعل المؤسسات متراجعة تقنياً.
الحقوق مصانة
وأشار المزروعي إلى أنه في ظل انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن الحقوق الفكرية تعني الالتزام القانوني والأخلاقي، مع التشديد على أن المكتبة تسعى إلى أن تكون جميع الحقوق مصونة، ولهذا يمكن للكتّاب أن يساعدوا المكتبة من خلال منحها حقوق تسجيل الكتب، أو كذلك إتاحة الفرصة للتعامل مع الناشرين، وقد كان للمكتبة أكثر من تجربة تعاون مع دور نشر إماراتية، قدمت العديد من قصص الأطفال. ونوه بأن المبادرة تركز على الإرث الأدبي الإماراتي، لأنها تهتم بنشره، وكذلك تساعد في جانب الترجمة والتدقيق اللغوي، فهي تحمل الجانب التقني والإنساني المرتبط بكيفية تحويل الكتب المكتوبة إلى كتب مسموعة.
وحول جذب هذه التجارب التقنية الحديثة للمكتبة، نوه بأن هذه الوسيلة يمكنها الإسهام في جذب عدد كبير من الزوار الجدد من مختلف الفئات العمرية، والكتب حين تترجم وتخرج بأصوات متعددة ستنعكس على زيادة عدد جمهور المكتبة، وقد يحتاج هذا العمل إلى تسويق وتعريف أكبر بالمبادرة وإنتاج المزيد من الكتب، وهذا كله جهد يبذل في سبيل رفد المكتبة، ولكن لابد من المسايرة فيه ومواكبته.
استراتيجية مكتبة
أكد عضو مجلس إدارة مؤسسة مكتبة محمد بن راشد، الدكتور محمد سالم المزروعي، أن استراتيجية المكتبة تتجه إلى تجديد دورها باستمرار، فهي إلى جانب نشر الثقافة من خلال عادة القراءة، تعمل بجد على التجمعات الثقافية. ولفت إلى استخدام الذكاء الاصطناعي منذ انطلاق المكتبة بوجود الروبوتات التي من الممكن أن يتطور استخدامها في المستقبل، لتصبح على شكل حوارات بين الزوار والروبوتات، مشدداً على أن مواكبة التقنيات الحديثة طريق لابد منه، والمكتبة يجب أن تكون صاحبة المبادرات وليس الأفراد، لأنها تمتلك الإمكانات والمبادرات، ويمكنها التسويق للمبادرة.