أحمد بخيت: عروبتنا طريق العالمية
مُنح الأديب والشاعر المصري أحمد بخيت، أول إقامة ذهبية للثقافة الأدبية، في أول أيام مهرجان طيران الإمارات للآداب، في إطار رفد المشهد الثقافي في دولة الإمارات بالمواهب والإبداعات العالمية، تقديراً لمسيرته الأدبية، وتثميناً لإسهاماته الكبيرة في إثراء الساحة الثقافية العربية.
لا يختلف اثنان على فرادة وتميز تجربة أحمد بخيت الإبداعية، وذلك منذ بدايته الكتابة في عام 1985، وإصداره العديد من الأعمال الشعرية والنثرية، التي أهلته لنيل العديد من الجوائز الإبداعية العربية.
وأعرب أحمد بخيت لـ«الإمارات اليوم» عن سعادته بلقاء جمهوره في فعاليتين، هما «برنامج آخر الليل»، وأمسية «الشعر والعود»، مؤكداً حماسته بالحوارات الثقافية المفتوحة، التي نتواجه فيها بأنفسنا وعالمنا، لنلتقي في هذا التوقيت الخاص، الذي تبرز فيه تحديات الانقسام والعنف والكراهية، ويحتاج فيها الإنسان إلى وقفة كبيرة مع نفسه لمراجعة أفكاره، وحتى منجزه الثقافي، ومدى إسهامه في إسعاد الإنسان والتخفيف من معاناته.
وتحدث بخيت عن الأدوار المهمة والضرورية الموكلة للكاتب والمبدع العربي، قائلاً «على الأديب قراءة عالمه العربي دون إغماض عينه عن العالم من حوله خارج حدوده الجغرافية، والتعبير عن شعبه وقضاياه، والتلاحم مع هموم أمته».
وحول مدى حاجتنا اليوم إلى الانفتاح على الآخر، عبر ترجمة الإبداعات العربية إلى لغات أجنبية حية، أكد بخيت أن «علينا أن نعرف أنفسنا، ثم نعرِّف الآخر بنا، فمهمة الإبداع العربي الأولى هي القارئ العربي، ثم القارئ في كل مكان. ولن نكون عالميين لو تخلينا عن عروبتنا، كما لن نكون عرباً فاعلين حضارياً دون أن نوسع عالمنا المحدود، ونضيف له رصيداً جديداً من الأفكار من الثقافات الأخرى».
وحول صعوبة ترجمة الشعر العربي إلى اللغات الحية الأخرى، أشار بخيت «لدينا تراث شعري يتفوق على كل الأمم تقريباً، خصوصاً أن عمر شعرنا يقترب من 2000 عام، وهو تاريخ كبير مليء بالأسماء الكبيرة، كما أن لغتنا العربية عظيمة في تعاملها مع الشعر، ومن أغنى اللغات».
مضيفاً «تحتاج تجربة ترجمة الشعر العربي إلى مترجم مختلف، أو إلى فريق مكون من مترجم وشاعر من اللغة الأخرى، إلى جانب الشاعر صاحب القصيدة، وذلك للوصول إلى أدق ترجمة شعرية»، متوقفاً في هذا الإطار عند تجربة خاضها في السابق خلال ترجمة إحدى قصائده إلى الفرنسية، بمشاركة شاعر ومترجم وخبير أدبي، وإلى اللغة الألمانية مع شاعر ألماني وأديب عربي يجيد الكتابة بالألمانية.
نقطة ضوء
توقف أحمد بخيت عند رمزية الجوائز والتكريمات في مسيرة المبدع، معتبراً إياها «خطاً أحمر يكتب به اسم الأديب»، و«نقطة ضوء» تسلط عليه، مؤكداً أن «الجائزة تدعم خطواته الأولى، وتوفر له نافذة يطل من خلالها على عالم الأدب، كما تمثل فرصة جيدة لكل أديب شاب، لكسر عزلته وعزلة نصه، ووضعه على محك التجربة والمنافسة مع أصوات عصره الأدبي، لهذه الأسباب يمكن اعتبار الجائزة (محطة في الطريق)، لكن الطريق يظل الأهم».
ألوان أدبية
اختار الأديب المصري أحمد بخيت أن يطل على قرائه من بوابة النثر والرواية، كما في تجربة «لو كان أبيض»، التي يعتبرها بخيت مغامرة مشوقة، خاضها لكسر الحواجز بين الفنون الأدبية المختلفة، فهي من ناحية ما سرد قريب من رواية متكاملة، وسيرة إنسان، لكنها متضافرة مع سيرة وطن، في فترة تحول مخيف في حياة الوطن.
ولكنها تأتي كذلك في 43 قطعة أدبية، كل قطعة منها تشكل لقطة أو مشهداً أو فكرة، منوهاً بالقول «كل ذلك تم في نص شعري واحد يلتزم القافية والوزن، فهي بالنهاية قصيدة شعرية طويلة وليست مطولة، لكنها تؤكد قدرة شعرنا العربي على تجاوز الأطر المعتادة للقصيدة العربية، دون إخلال بجمالياتها المعروفة».
وفي ما يتعلق بإصدار دواوين شعرية عدة للأطفال، أكد بخيت أن الطفل هو سؤال الحياة الجديد وجوابها المختلف، مضيفاً «كنت أبحث عن صيغة جديدة للحوار مع الطفل بعيداً عن كل ما تكرر من قبل، خصوصاً أن طفل العصر الحديث بتقنياته وتعقيداته وانفتاح الطفولة المبكر اليوم على العالم من خلال وسائل الإعلام وغيرها، جعل مخيلتها وأفكارها أسرع نمواً وأكثر اختلافاً عن الأجيال السابقة».
متابعاً «كان لدي حلم بكتاب للصغير يقرأه الصغير والكبير، ويعيد العلاقة الاجتماعية بين الطفل وذويه، كتاب يمكنه اقتحام القضايا التي تخطر ببال الطفل، وربما نخاف من الإجابة عنها، أو نلفق إجابة مؤقتة سرعان ما يكتشف الصغير بعد فترة سذاجتها أو عدم صحتها».
يذكر أن تكريم الشاعر أحمد بخيت بأول إقامة ذهبية للثقافة الأدبية تم بحضور مدير عام الإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب الفريق محمد أحمد المري، والمدير التنفيذي لقطاع الفنون والآداب في «دبي للثقافة» الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، ومديرة مهرجان طيران الإمارات للآداب أحلام بلوكي، وحشد من المشاركين في المهرجان.
أحمد بخيت:
• الإنسان يحتاج إلى وقفة كبيرة مع نفسه لمراجعة أفكاره ومنجزه الثقافي ومدى إسهامه في إسعاد الآخر والتخفيف من معاناته.