بيت الخزف.. «الطين» يبوح بمشاعر وجماليات لا متناهية في دبي
وجوه ونساء وأجساد وورود وغيرها الكثير من الإبداعات التي قدمها الفنانون المشاركون في معرض بيت الخزف ضمن مهرجان سكة للفنون والتصميم الذي تنظمه هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة)، إذ حمّلوا مادة الطين جماليات لا متناهية من جهة، وهموماً إنسانية وحياتية من جهة أخرى.
ويبرز المعرض الذي يشارك فيه 35 فناناً فن الخزف، وكيفية التعامل مع مواده الصعبة بأنماط فنية متنوعة ومفتوحة على الاحتمالات المتعددة والتي تتيح الكثير من الابتكار.
وقال القيّم على «بيت الخزف»، كمال الزعبي لـ«الإمارات اليوم»، إن النسخة الثانية من المعرض ضمن مهرجان سكة للفنون والتصميم، تأتي بمشاركة فنانين تنوعت أعمالهم بين التركيب والأعمال الخزفية، مشيراً إلى أن الهدف من المشروع هو دعم الفنانين الذين يعملون بالخزف، وأن يكون المعرض ملتقى لهم، فضلاً عن منح المبدعين الجدد منصة، فهناك مجموعة من المواهب الذين يشاركون للمرة الأولى إلى جانب فنانين مخضرمين، ما يُوجد فرصة للالتقاء والحوار فيما بينهم.
وأضاف الزعبي: «فن الخزف يشهد انتقالاً من منظور الحرفة إلى الفن، فهناك الكثير من العاملين في هذا اللون كانت تطبيقاتهم على المادة حرفية بحتة، لكنهم الآن باتوا يعملون على الفن من أجل الفن».
وعن اختيار الأعمال، أوضح أنه تم بناء على الرؤية الفنية وما تحمله من جماليات، لافتاً إلى أن الخزف بات من الحِرف التي تشهد توسعاً في الإمارات، فمنذ 10 سنوات كان هناك استوديو واحد في دبي يُدّرس الخزف، واليوم هناك ما يقارب الـ10، وأغلب الموجودين هن من السيدات.
أعباء على الجسد
ويقدم الفنان العراقي وسام ضياء الدين يونس في «بيت الخزف» عملاً تجريدياً يروي من خلاله المشاعر السلبية التي يمر بها البشر، وكيف تكون كالغطاء على الجسد وهو يحاول التخلص من الأعباء والحالات السلبية، سواء بشكل منفرد أو بشكل جماعي.
وقال يونس لـ«الإمارات اليوم»: «يجسّد عملي ما يمكن أن يمر به البشر من حالات سلبية، سواء كانت مشاعر شخصية أو مجتمعية ترتبط بظرف سياسي أو استعمار أو غير ذلك»، مشيراً إلى أنه تخرج في كلية الفنون الجميلة، واختار العمل والتخصص بالخزف منذ 20 سنة.
وأضاف أن ما جذبه إلى الطين هو حبه للتجسيم في العمل، فكان في البدء يستخدم البلاستيك والورق، ثم اتجه إلى الخزف بعد أن رأى في الطين مادة يمكنه تطويعها والابتكار كثيراً من خلالها، على الرغم من الصعوبات التي تحملها، مشيراً إلى أن السيطرة على الخزف، إنجاز يتيح التكامل في العمل.
غموض
من جهتها، تشارك الأردنية مجد حباشنة في المعرض من خلال عمل تركيبي يحمل عنوان «الغموض»، وهو جزء من مجموعة «السوسنة السوداء»، وهي الوردة الرسمية في الأردن، واختارتها كي تمثلها كونها تنتمي إلى ذلك البلد.
وكشفت مجد عن أن رحلة إنتاج العمل تطلبت الكثير من الوقت، إذ يتكون من 300 قطعة من بتلات الورود، وكل قطعة نفذت بشكل يدوي، وبحجم مختلف، بينما اختير لونها طبقاً للون الأصلي للوردة، لافتة إلى أنها منحت عملها الحرية، إذ وضعت البتلات بشكل حر، فتركتها تتطاير في الهواء، وتصدر أصواتاً تشبه الموسيقى، موضحة بأنها عكست بذلك جانباً من شخصيتها كونها تعزف الموسيقى.
واعتبرت أن حضور أعمالها في مهرجان سكة، يشكل فرصة مهمة لها، كونها ما تزال في بداية مشوارها مع الخزف.
جمع بين حرفتين
أما الفنانة السورية ضحوك شمسي باشا، فعملت على الجمع بين حرفتي الخزف والتطريز، إذ طرزت قطع الخزف بالخيوط الملونة وبتطريزات تعكس تراث بلاد الشام. وقالت: «لقد بدأت العمل خلال جائحة (كورونا) على الخزف، وتذكرت وقتها عمل جدتي على التطريز، وقررت أن أقدم أعمالاً ترتبط بذاكرتي عن جدتي، وكانت هذه الأعمال المصممة بالخزف الذي يحمل من القوة والهشاشة في الوقت عينه تماماً كالمرأة التي تتسم بكونها صلبة وكذلك رقيقة».
وأضافت أن «عملية إنتاج الأعمال تبدأ من تصميم شكل قطع الخزف وتخريمها، وبعد أن تخرج من الفرن تطرزها بالخيوط»، موضحة أن هذه القطع تحمل العديد من التحديات، بدءاً من التي تتكسر أحياناً، وصولاً إلى التطريز على المادة الصلبة الذي يجعلها تتطلب ضعف الوقت.
وذكرت أن أنواع التطريز التي استعانت بها تنتمي إلى بلاد الشام، وتحمل نقوشها الكثير من المرح، ومستوحاة من الحياة اليومية والثقافة العربية.
ومن تراث بلاد الشام إلى روسيا، حيث تشارك الفنانة الروسية مارغريتا فايزولينا بتقديم الدمية التقليدية في روسيا، ولكن بمنحها الكثير من الرسومات والرموز التي تنتمي إلى البيئة الإماراتية المحلية، موضحة أن علاقتها بالطين بدأت منذ الطفولة، وطورتها بعد قدومها إلى دبي.
وأشارت إلى أنها عملت على الجانب البحثي قبل تقديم الأعمال، لأنها تحمل الكثير من العناصر المرتبطة بالثقافة المحلية، مثنية على تجربة المشاركة في مهرجان «سكة» لما يحمله من إبداعات متنوعة ومن فرصة لكل المقيمين في دولة الإمارات لتقديم أعمالهم.
• 300 قطعة من بتلات الورود تشكل منها عمل مجد حباشنة.
كمال الزعبي:
• الهدف من المعرض هو دعم الفنانين الذين يعملون بالخزف.
ضحوك شمسي:
• أنواع التطريز التي استعنت بها تنتمي إلى بلاد الشام، وتحمل مرحاً.
مارغريتا فايزولينا:
• علاقتي بالطين بدأت منذ الطفولة، وطورتها بعد قدومي إلى دبي.
صوت الموسيقى
إلى جانب المعرض، تقدم في «بيت الخزف» بمهرجان سكة، ورش عمل خاصة بالموسيقى، من خلال مشاركة مركز الفنون الموسيقية.
وقالت مديرة المركز تالا بدري: إن المشاركة في مهرجان سكة للفنون والتصميم ستكون من خلال العروض التي ستقدم على المسرح على نحو يومي، فضلاً عن الورش التدريبية التي ستبدأ الأربعاء المقبل.
وأشارت إلى أن فرقة المركز ستعزف مقطوعات تنتمي إلى «البوب» و«الروك»، وسيعزف الصغار على الكمان والآلات الهوائية.
ولفتت إلى أن هذه المشاركة هي الثانية للمركز، والتي لاقت الكثير من التجاوب من الجمهور مع الموسيقى والفن.