التراث السوداني يرسم لوحة زاهية «في قلب الإمارات»

بالمشغولات اليدوية والأغاني الفلكلورية والرقصات الشعبية والتقاليد المرتبطة بالحياة الاجتماعية، رسم مهرجان «السودان في قلب الإمارات»، الذي نُظّم أول من أمس، في مركز دبي التجاري العالمي، لوحة غنية بالتفاصيل الجميلة، التي زينها موروث هذا البلد العربي، بكل ما يحمله من خصوصية ثقافية، إذ مثّل التراث على اختلاف ألوانه الهوية السودانية، ومعاني الاعتزاز بأصالة الماضي الممتد إلى الحاضر المتجدد.

وقال مدير صفحة «الإمارات تحب السودان»، أحمد حمروي، لـ«الإمارات اليوم»، عن أهداف المهرجان، إن «الفعاليات التي نظمتها جالية بلدنا في الإمارات، سعت إلى الاحتفاء بكل أشكال التراث والثقافة والموسيقى والفنون السودانية، وكل الجوانب الإيجابية التي يحملها هذا الشعب، لذا تمت استضافة مجموعة من الأسماء المهمة في الفن السوداني»، مشيراً بشكل خاص إلى مشاركة نانسي عجاج، التي وصفها بـ«فنانة السودان الأولى»، وسلوى تراث، التي تقدم جوانب التراث السوداني، فضلاً عن فنون الكوميديا والغناء.

وأوضح حمروي أن الصفحة التي يديرها عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي انطلقت منذ ثلاث سنوات ونصف السنة، تهدف إلى الاحتفاء بالجالية السودانية في الإمارات، وكذلك الإضاءة على نجاحات أفرادها ومساهمتهم في دولة الإمارات منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.

مشغولات يدوية

من جهتها، قالت الفنانة سلوى عبدالرحمن أحمد، المعروفة بـ«سلوى تراث»، التي قدّمت ملامح من تراث بلدها من خلال المعروضات التي شاركت بها، إن «السودان يتميز بالعديد من المشغولات اليدوية العريقة التي مازالت الأجيال تحافظ عليها إلى يومنا هذا، ومنها المشغولات الجلدية التي تصنع من جلد الثعبان، أو حتى من الصدف، وغيرهما من المواد». وأضافت أن بعض المشغولات مرتبطة بالموروث الشعبي، ومنها التي تصمم مثلاً للحيوانات وتوضع لحمايتها من «الحسد»، فضلاً عن القرون والتصاميم المصنوعة من الخشب.

ولفتت سلوى إلى ثراء المشغولات واختلافها بحسب المناطق، فمنها ما يعود إلى جبال النوبة في السودان، أو سكان الغابات الذين حفروا تصاميم تبرز وجوه حياتهم، وأخرى تعرض أشكال البيوت التي تصنع من القش، وتصمّم بشكل يسمح بنزول الأمطار دون أن تؤثر فيها.

وإلى جانب المشغولات اليدوية، أشارت الفنانة السودانية إلى مجموعة من الآلات الموسيقية، ومنها الربابة، والطبول التي تستخدمها القبائل بين الجبال بهدف إيصال رسالة ما، فالإيقاعات تدل على المراد، سواء الإعلان عن وفاة أو زواج أو التعرّض للهجوم من آخرين.

تقاليد وزواج

ومن المشغولات التراثية إلى العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج، سلطت الفنانة إيمان عبدالكريم، خلال مشاركتها في مهرجان «السودان في قلب الإمارات»، الضوء على التراث والغناء الشعبي المرتبط بالزواج، موضحة أن طقوس العرس السوداني تحمل ما يعرف بمراسم «الجرتق»، وهي عبارة عن حفل ينظم قبل العرس الكبير، ويحمل طقوساً مختلفة وخاصة محمّلة بالحنين والوداع، إذ ترمز إلى وداع الفتاة لبيت أهلها.

وأضافت أن الغناء في هذا الحفل يكون مترافقاً مع العزف على «الدلوكة» (أي الطبلة)، التي تصنع من الفخار والجلود، فيما يرش الحليب على العريس والعروس تعبيراً عن الحياة البيضاء القادمة.

كما يحمل الحفل أيضاً عادات أخرى، ومنها قطع «الرحط»، الذي يكون عبارة عن حبل من الحلاوة مربوط على خصر العروس ويقطعه العريس، والفتيات اللواتي يمسكن الحلاوة يتزوجن بعد العروس.

وأكدت إيمان أن هذه الطقوس مازالت إلى اليوم حاضرة في السودان، مع وجود بعض التغييرات في توقيت إجراء هذه المراسم سواء قبل أو بعد الزفاف الكبير.

بينما شاركت السودانية رحمة موسى، بخيمة ديكورها مضاء بالأحمر، تتبع «الجرتق»، الذي له طقوس خاصة في الزي ونوعية الأطعمة التي تقدم خلاله، علاوة على «الكوشة» الخاصة بهذه الليلة، التي تصمم بالأحمر أيضاً، إذ يُعد من الألوان التي تدل على الفرح.

أمّا أشرف أحمد سعد، فشارك من خلال مشروع «صون التراث السوداني الحي»، وعرض مشغولات وأعمالاً مصنوعة من القش، لاسيما التي تستخدم في الحصاد، مشيراً إلى أن المشروع يعمل على رفع الوعي بأهمية التراث المعرّض للاندثار.

وأضاف أنهم يعملون بشكل جاد للمحافظة على التراث، عبر الأنشطة التي تصون الحرف اليدوية، فضلاً عن البرامج التدريبية التي تنقل هذه الحرف للجيل الجديد، مشيراً إلى أنهم ينظمون برامج تدريبية تهدف إلى نشر التراث في الإمارات أيضاً، ويتوجهون إلى شرائح مختلفة.

سلوى تراث:

• الطبول تستخدمها القبائل بين الجبال بهدف إيصال رسالة ما، فالإيقاعات تدل على المراد، سواء كان وفاة أو زواجاً.

 

«سامع لك نضم».. على السلم الخماسي

قدّم الفنان الإماراتي طارق المنهالي، خلال مشاركته في فعاليات مهرجان «السودان في قلب الإمارات» أغنية سودانية تحمل عنوان «سامع لك نضم»، وهي المرة الأولى التي يغني فيها وفق السلم الخماسي.

وقال المنهالي إنه عاشق للهجات، إذ يحب تقديم أغنيات بلهجات متنوّعة، وبدأ مع اللهجة المغربية وتوجه إلى السودان، وسيقدّم أغنيات باللهجتين السورية والمصرية أيضاً، مشيراً إلى أن الغناء السوداني يتسم بكونه يتم وفق السلم الخماسي، أي يعتمد على استخدام خمس نوتات بدلاً من سبع علامات موجودة في الموسيقى العالمية، حيث تحذف في «السوداني» النوتان الرابعة والسابعة.

ورأى المنهالي أن أي فنان اعتاد تقديم الأغنيات وفق السلم السباعي سيواجه تحديات وصعوبات في الغناء على السلم الخماسي، وأبرزها إقناع الجمهور بأنه سوداني. ولفت إلى أن التحضير لهذا العمل استغرق سنة من التمرين، خصوصاً أن العمل عاطفي، وهناك الكثير من الكلمات السودانية التي تتطلب إيصالها وفق أسلوب معين، متمنياً أن تلقى الأغنية استحسان الجمهور.

الأكثر مشاركة