فاطمة الموسى.. حكاية شغف بالتراث وحياة الشارع
بالأبيض والأسود تروي المصورة الإماراتية فاطمة الموسى حكايتها وشغفها مع عالم التصوير، الذي بدأ منذ ما يقارب الـ10 سنوات، حيث بدأت عدستها تلاحق جماليات التراث والثقافة المحلية. حققت الموسى من خلال تقديمها التراث نجاحات مميّزة، مكنتها من تقديم جوانب الثقافة المحلية ونقلها إلى العالمية، لتنطلق منها فيما بعد إلى التقاط صور الشارع ولحظات عفوية بأسلوبها المميّز.
تحدثت فاطمة الموسى إلى «الإمارات اليوم»، عن بدايتها في عالم التصوير التي تعود إلى الطفولة، وقالت: «كنت أراقب الصور في طفولتي كثيراً، وأتى دخولي إلى عالم التصوير استكمالاً لهوايتي الطفولية في مراقبة الصور، فيما بدأت مسيرتي الفنية الفعلية في هذا المجال في عام 2015، إذ امتلكت أول كاميرا احترافية وقتها، وبدأت أتعلم على التقنيات الحديثة، وكيفية التعامل مع الضوء، والتحكم في أدوات الكاميرا».
تعلم واجتهاد
وأضافت الموسى: «استثمرت الكثير من الوقت في التعلم والاجتهاد، في التعامل مع الأدوات الخاصة بي، وانضممت إلى مجموعات خاصة بالتصوير، كي أكتسب من خبراتهم، لكنهم كانوا يستخدمون أدوات متشابهة ومشتركة ومختلفة عن الأدوات التي أستخدمها، إذ كنت أميل إلى استخدام الكاميرا ذات الإعدادات اليدوية، لكن بعد فترة وجيزة، تمكنت من الإلمام بكيفية استخدام الكاميرا».
تعدّ الموسى التصوير شغفها، وقد عززت تجربتها من خلال المشاركة في المعارض، كمهرجان سكة للتصميم والفنون، فضلاً عن نشر أعمال مختلفة عبر منصات عدة في الإمارات وألمانيا وإندونيسيا، وغيرها. وأوضحت بأنه تم اختيارها من شركة «لايكا» التي تستخدم كاميراتها في التصوير، لتكون الممثل الرسمي العالمي لإطلاق كاميرا «إم 11 مونوكروم» التي تلتقط الصور بالأبيض والأسود فقط.
تراث الإمارات
وأشارت إلى أن المشروع الذي عملت عليه في هذه الحملة العالمية، ركز على منهج تراث وثقافة دولة الإمارات، معربة عن سعادتها لعرض الصور في كل منصات الشركة عالمياً، خصوصاً أنها اعتمدت على منهجية بصرية متنوعة، قوامها الأبيض والأسود، بعيداً عن مشتتات الألوان. واستحضرت الموسى، من خلال المشروع، ثقافة وتراث الإمارات، ونوعت بين إبراز جمال الخيول العربية الأصيلة، فضلاً عن التقاط مجموعة من الصور في البيئة الصحراوية في منطقة الظفرة، مع إبراز الجِمال العربية والإبل وعلاقة الإنسان مع الإبل. كما التقطت الموسى في هذا المشروع حياة صيد الصقور، إلى جانب تصوير كثبان الوثبة الأحفورية التي قدر علماء الجيولوجيا عمرها بأكثر من أربعة ملايين سنة، معتبرة أنه ربما بسبب هذا التنويع، تم اختيارها لتكون الشخصية الواعدة بالدورة السابقة لجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير.
تصوير «المونوكروم»
تتعامل الموسى مع الأبيض والأسود، وترى أن هناك عالماً جميلاً لابد من اكتشافه من خلال هذين اللونين، مشيرة إلى أن تصوير «المونوكروم» عزز لديها الإيمان بأن هذا التصوير يضيف قوة للعمل، ويمنح الصورة الخلود، وكذلك يثير الشعور بالحنين والعودة إلى الزمن القديم. ولفتت إلى أنها ترتبط بالماضي كثيراً، لكنها تلجأ إلى الأبيض والأسود، لأنه يساعد المشاهد في التركيز على جوانب أخرى من الصورة، ومنها الموضوع ومضمون الصورة، والأنماط والتكوين، ما يعكس جماليات روح الصورة. وأشارت إلى أن التصوير التسويقي والتجاري يتطلب الألوان بلا شك، لكن عندما يكون الهدف إيصال روح العمل الفني، يمكن اللجوء إلى الأبيض والأسود.
وحول إثراء تجربة المصور، اعتبرت الموسى أن المرء يجب أن يعمل على نفسه، لأن الشغف هو الركيزة الأساسية للنجاح، لكن الكثير من المصورين يكون تركيزهم على الأدوات، وينسون أن العقل هو الأداة الأصعب، وهو ما يحتاج إلى تدريب. ولفتت إلى أن التغذية البصرية مهمة جداً لإثراء تجربة المصور، فهي تقدم له أفكاراً جديدة، خصوصاً أن كل مصور يسعى إلى تقديم بصمته وأسلوبه، والأهم أن يلتقط المصور الصور التي تحمل الروح والإحساس، فضلاً عن وجود الرؤية الفنية.
الذكاء الاصطناعي
وعلى الرغم من اعتماد الموسى على الكاميرا ذات الإعدادات اليدوية في التصوير، فإنها لم تستبعد استخدام التكنولوجيا أو الذكاء الاصطناعي في المجال، لأنه من الممكن الاستفادة منه من ناحية تحسين جودة الصور التي يتم التقاطها، خصوصاً للذين يتوجهون للتصوير التجاري، لأن التقنيات الحديثة، تختصر الكثير من الوقت والجهد. واعتبرت أن الذكاء الاصطناعي قد يسبب القلق على مهنة التصوير، لاسيما أن البعض يعدّ التصوير مهنته، وبالتالي لابد من أن تشكل هذه التقنيات إضافة وليس لأخذ مكانهم، إلى جانب أهمية وضع قوانين تحمي حقوق الملكية الفكرية.
مسؤولية
تعدّ فاطمة الموسى التقاط صور التراث، جزءاً من المسؤولية لتقديم الموروث الثقافي المحلي، لكنها أيضاً توجهت إلى التقاط صور الشارع، خصوصاً حين تسافر إلى الخارج، موضحة بأنها تميل إلى التصوير الذي يتضمن الفن والموهبة، وهذا ما يقدمه فن تصوير الشارع الذي يتطلب انتظار المصور للحظة واحدة فقط، وقد تكون هذه اللحظة هي السرد الكامل لقصة تحدث أمام عينيه بشكل عفوي وتلقائي وحقيقي.
المرأة في التصوير
اعتبرت المصورة الإماراتية، فاطمة الموسى، أن المرأة الإماراتية اليوم تحتل مكانة مهمة في عالم التصوير، والتفاعل يرتفع مع المصورات الإماراتيات المحترفات، وهذا يثري مجتمع التصوير. وأكدت أنه حين يتم الحديث عن المرأة الإماراتية، لابد من ذكر سموّ الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، فهي الداعم الأساسي للمرأة في جميع المجالات، حتى في الساحة الأدبية والثقافية، سواء على المستوى المحلي أو العالمي، معربة عن تقبل المجتمع للمرأة المصورة على نحو أكبر من المعتاد.