«اليوم الإماراتي للمسرح».. احتفاء بـ «أبوالفنون» في مناسبة عزيزة على القلوب
تحتفل الدولة غداً بـ«اليوم الإماراتي للمسرح» الذي يوافق الثاني من يوليو كل عام، وهو التاريخ الذي اعتمدته الجمعية العمومية لجمعية المسرحيين الإماراتية في مايو الماضي، ليكون مناسبة سنوية يحتفي خلالها أهل «أبوالفنون» الإماراتيون بمسرحهم ومنجزاته ومبدعيه.
واختار المسرحيون الإماراتيون مناسبة عزيزة على قلوبهم، وهي تاريخ يوم ميلاد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، تيمناً برمزية هذا التاريخ الذي اعتبروه ميلاداً حقيقياً للمسرح في الإمارات، وعرفاناً بأيادي صاحب السمو حاكم الشارقة البيضاء على المسرح في الإمارات، رعاية ودعماً وإنتاجاً وتوجيهاً.
ومن المقرر، وفق ما أعلنه رئيس مجلس إدارة جمعية المسرحيين، الكاتب إسماعيل عبدالله، أن تنظم الجمعية احتفالية تشكل حصاداً للموسم المسرحي السنوي، وتشمل الاحتفالية السنوية: تكريم ثلاث شخصيات من رواد الحركة المسرحية المحلية ممن لم يُكرّموا سابقاً، وتكريم الفرقة المسرحية المتميزة، وتكريم مسرحيي الإمارات (فرقاً وأفراداً) الفائزين في المهرجانات المسرحية المحلية (أيام الشارقة المسرحية، ومهرجان الإمارات لمسرح الطفل، ومهرجان دبي لمسرح الشباب)، وكذلك الفائزين في المهرجانات الخارجية.
تاريخ طويل
ما يشهده المسرح في الإمارات حالياً من تطور هو ثمرة مسيرة حافلة اختلف الباحثون في تحديد بدايتها بدقة، لكنهم اتفقوا على أن إرهاصاتها تعود إلى فترة الخمسينات من القرن الماضي، وتمثلت في التراث الشعبي و«الحكواتي» وعروض خيال الظل.
كما يعد المسرح المدرسي نواة تطور المسرح، حسب الدكتور عبدالإله عبدالقادر في كتابه «تاريخ الحركة المسرحية في دولة الإمارات» الصادر عام 1987، موضحاً أن إرهاصات المسرح في الإمارات كانت في موسم 1958-1959، وذلك بظهور مسرحية «وكلاء صهيون» التي قدمها نادي الشعب في الشارقة، من تأليف صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، وكان وقتها طالباً، وكذلك مسرحية «الإسلام والتعاون» لجمعة غريب في العام نفسه بدبي، ومسرحية «جابر عثرات الكرام» التي قدمتها المدرسة القاسمية في الشارقة.
إلا أن الخطوة الحقيقية الأولى للمسرح في الإمارات كانت عام 1963، مع مجيء واثق السامرائي إلى دبي ليحقق أول نقلة موضوعية مسرحية في الإمارات، في حين كان 1972 والأعوام التي تلت قيام دولة الاتحاد، منعطفاً واضحاً تجاه تطور وتبلور كثير من ملامح الحياة الثقافية والعمرانية، فشهدت الفترة من 1972 إلى 1977 تأسيس العديد من الفرق المسرحية المحلية، وشهد المسرح المحلي قفزات جريئة ومتعددة صاحبتها طموحات واسعة، حتى إن الدولة استقدمت إبان هذه الفترة الفنانيْن زكي طليمات وسعد أردش، وهما من رواد المسرح في مصر والعالم العربي، وإن لم يقدما عملاً مسرحياً وإنما قاما بمسح شامل لواقع الطموحات، وما كان متوافراً من رؤى على أرض واقع العمل. ورفع زكي طليمات تقريراً مفصلاً عن الرؤى الاستراتيجية لتطور المسرح في المستقبل.
أيضاً كان للفنان الكويتي صقر الرشود دور بارز في تنشيط الحراك المسرحي في الإمارات، كما شهدت هذه الفترة إنتاجاً ضخماً للمسرح، وبناء صالات متعددة للعرض في الدولة، إضافة إلى محطات الإذاعة وبداية ظهور شبكات التلفاز، إلى جانب ظهور العديد من المؤسسات الثقافية المهمة التي رعت الثقافة والمسرح بشكل خاص، مثل: المجمع الثقافي في أبوظبي، ودائرة الثقافة في الشارقة، واتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وجمعية المسرحيين، والعديد من الفرق المسرحية العاملة في الدولة.
إسهامات بارزة
وفي مجال الحديث عن مسيرة المسرح في الإمارات، لابد أن يبرز ذكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ورعاية سموه وإسهاماته البارزة في هذا المجال، سواء الإسهامات الشخصية لسموه من مبادرات ومؤلفات، أو عبر دائرة الثقافة في الشارقة، ومن أبرزها إطلاق مهرجان محلي سنوي للمسرح عام 1983 أطلق عليه «أيام الشارقة المسرحية». ويعد هذا المهرجان محطة ومنعطفاً مهماً في الحياة المسرحية في الإمارات، لأن «الأيام» أصبحت تقليداً، وارتبطت بضرورة تنشيط البيت المسرحي من الداخل، والتنافس ما بين الفرق والاحتكاك في ما بينها، كما نظمت على هامش «الأيام» ندوات نقاشية نقدية حول العروض، إلى جانب الندوات الفكرية عن المسرح المصاحبة لهذا المهرجان، ومشاركة رمزية لفرق مسرحية عربية وأجنبية على هامش الأيام، ودعوة عدد من المسرحيين العرب إما محكّمين أو مشاركين في الندوات والنقاشات.
عروض مميزة
وفي الوقت الحالي قطع المسرح الإماراتي مشواراً حافلاً بالإنجازات ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن على المستويين الإقليمي والعالمي أيضاً.
وتشهد دولة الإمارات تنظيم العديد من المهرجانات والفعاليات المسرحية من أبرزها: أيام الشارقة المسرحية، ومهرجان دبي لمسرح الشباب، ومهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما، ومهرجان الشارقة للمسرح الخليجي، ومهرجان الإمارات لمسرح الطفل، ومهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي (الديودراما)، ومهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي، ومهرجان الشارقة للمسرح الكشفي، إلى جانب مهرجانات للمسرح المدرسي في مختلف إمارات الدولة، وغير ذلك من الفعاليات البارزة.
وكذلك استطاعت الإمارات أن تحصد العديد من الجوائز في مجال المسرح، من خلال مجموعة من العروض المميزة من أبرزها مسرحية «النمرود» التي ألّفها صاحب السمو حاكم الشارقة عام 2008، وتصنف ضمن المسرحيات التاريخية، وتعد من أشهر عروض المسرح الإماراتي وأكثرها طوافاً دولياً، وبعد تقديمها للمرة الأولى في الدورة 18 من أيام الشارقة المسرحية، عرضت في بلدان عربية وغربية عدة، مثل سورية (2008)، ولبنان (2009)، وتونس (2010)، ومصر بالقاهرة والإسكندرية (2011)، ثم في إيرلندا والمجر (2012)، ورومانيا (2010)، وإسبانيا (2016)، وألمانيا (2014)، والسويد (2017)، وكندا (2018)، وروسيا (2019). ووصفت المسرحية بـ«السفارة الثقافية والمسرحية المتنقلة»، في إشارة إلى ثراء موضوعها الإنساني وتعدد وتنوع طاقمها الفني والتقني، ولجولاتها المتعددة في خريطة العالم، وقد تُرجم نص المسرحية إلى اللغات: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية.
دعم لافت
حرصت جهات رسمية عدة على احتضان مسيرة «أبوالفنون» في دولة الإمارات، إذ حظي المسرح بدعم وزارات، وبعض الحكومات المحلية للفرق المسرحية مادياً، ووفرت لبعضها مقار رسمية، إضافة إلى الاستمرار في مشاركة هذه الفرق في المهرجانات المسرحية العربية والخليجية، بدعم حكومي.
. 1963 العام الذي قدِم فيه واثق السامرائي إلى دبي، لتكون القفزة الحقيقية للمسرح في الإمارات.
. عروض إماراتية حصدت العديد من الجوائز في مجال المسرح وحققت كثيراً من النجاحات.