المخرجة والمؤلف يعدّان العمل هدية لـ «تصفير البيروقراطية»
ريم المنهالي وأحمد المظلوم: «هامور لا يغادر المكتب» تبني مسرحنا الخاص
لا يمكن أن تنقطع الصلة بين الفن والمجتمع، فكلما كان الإبداع معبراً عن المجتمع وقضاياه، اكتسب مصداقية وقوة وقدرة على البقاء ليصبح عابراً للزمن.. هذه القناعات لدى الكاتب الإماراتي أحمد المظلوم كانت دافعاً له ليقدم أولى تجاربه المسرحية «هامور لا يغادر المكتب»، والتي يتلاقى عرضها مع «تصفير البيروقراطية» في دولة الإمارات، لتكون «هدية للمبادرة» وللمجتمع، وانعكاساً للعلاقة الوثيقة بين الفن والمجتمع، حيث تناقش البيروقراطية وتأثيرها على المجتمع وتطوره.
وأوضح المظلوم لـ«الإمارات اليوم»، أن فكرة «هامور لا يغادر المكتب» بدأت منذ ثلاث سنوات تقريباً، وكانت في البداية «اسكتش» فنياً تراوح مدته بين 10 و15 دقيقة، ويناقش البيروقراطية بأسلوب عبثي بسيط، من خلال مدير في إحدى المؤسسات يتقدم بطلب للحصول على أقلام، فيمر بسلسلة من التعقيدات، وعندما عرض النص على المخرجة ريم المنهالي وجدت أن الفكرة تستحق التوسع فيها، لتصبح عرضاً مسرحياً متكاملاً.
وأضاف مؤلف المسرحية: «البيروقراطية تُعدُّ من القضايا العابرة للزمن والمجتمعات، وجرى طرحها في أعمال فنية منذ الستينات سواء عربية أو أجنبية، ولاتزال هذه الأعمال باقية، لأنها تناقش قضية مستمرة»، مؤكداً أن العمل الفني هو ذراع إبداعية وقوة ناعمة في المجتمع لطرح مختلف القضايا ومناقشتها، ونشر الوعي بين الجمهور «فعندما يكون العمل مميزاً، ويحمل رسالة إيجابية، كثيراً ما يخرج المتلقي من المسرح وهو عازم على التغيّر للأفضل».
عبث ساخر
وأرجع المظلوم اختياره للمسرح العبثي رغم أنه غير شائع في الإمارات، إلى رغبته في تقديم نص ساخر بعيداً عن الابتذال والاستخفاف و(الأفيهات) المقحمة، وهو الخط نفسه الذي تتسم به مقالاته الصحافية التي تطرح القضايا بصوت تهكمي، لافتاً إلى أن المسرح الخليجي يغلب عليه اتجاهان: الأول أكاديمي نخبوي، والثاني شعبي يغلب عليه الارتجال وضعف الحبكة الدرامية وعدم تماسك خيوطها، بينما جاءت «هامور لا يغادر المكتب» بلغة بيضاء، لتكون قريبة من الجمهور بمختلف فئاته ومختلف الجنسيات، وقصة وحبكة قوية تشكل شبكة من الأحداث المترابطة، إلى جانب الاهتمام بكل التفاصيل، وكل جزئية تحمل قيمة ورمزاً مقصوداً.
وعن التحديات، أشار المظلوم إلى أن أبرزها تمثّل في التحولات التي شهدها النص على مدى ثلاث سنوات، وكذلك تحويل الشخصيات من مكتوبة على الورق إلى شخصية في الواقع تحمل ملامح محددة، معرباً عن سعادته بنفاد كل تذاكر العرض العالمي الأول للعمل في جامعة نيويورك أبوظبي (خلال اليومين المقبلين) بمجرد الإعلان عن العرض، كما وصفها المدير التنفيذي لمركز الفنون، ييل براغين، بأنها تمثّل الموجة القادمة من المسرح الإماراتي المعاصر. ونوّه بحرص فريق العمل على توجيه دعوات لموظفين من جهات مختلفة، ليشاهدوا المسرحية ويستفيدوا منها.
بشكل احترافي
من جانبها، قالت المخرجة ريم المنهالي: إن «هامور لا يغادر المكتب» في بدايته كان عرضاً بسيطاً يقوم على شخصيتين فقط، ويُعرض في أماكن العمل، وخلال العمل على تطويره، أجريت أكثر من 60 بروفة مدة كل منها تراوح بين ثلاث وأربع ساعات، وخلالها كانت تتولد العديد من الأفكار لتطوير العمل حتى أصبح عرضاً احترافياً مدته ساعة و10 دقائق.
وأعربت عن امتنانها للدعم الذي حصلت عليه المسرحية من جهات مختلفة في الدولة، إذ نالت منحة برنامج المنح الوطني للثقافة والإبداع التابع لوزارة الثقافة، وأنتجت بتكليف حصري من مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، إلى جانب شراكة مع جامعة نيويورك أبوظبي.
وأضافت ريم: «إلى جانب دور هذا الدعم في خروج العمل بشكل احترافي، يمتلك الدعم الرسمي أهمية خاصة للمبدع، لأنه يعكس مدى اهتمام الدولة بالمواهب الشابة وبإتاحة الفرص الجادة أمامها».
وكشفت عن أن هناك خططاً مستقبلية لعرض المسرحية محلياً بين إمارات الدولة، وإقليمياً ودولياً في أنحاء مختلفة. وتابعت: «خلال عملنا على المسرحية، لم نكن نعمل على عرض يستمر ليوم أو لأيام عدة ويختفي، ولكن كنا نسعى إلى تقديم عمل أصيل ومبتكر يعكس ما تمتلكه الدولة من قدرات إبداعية، فلم نحاول تقليد مسرح آخر، وركزنا على صناعة مسرحنا الخاص، وتقديم شخصيات مرتبطة بالواقع يرى فيها المشاهد نفسه. ولذا حرصنا على إجراء العديد من البروفات ودعوة الجمهور لمشاهدتها لاستطلاع آرائهم بعد العرض وكانت الملاحظة المتكررة أن الشخصيات تشبههم أو تشبه زملاء لهم في العمل، وهذا ما كنا نسعى إليه».
وتطرقت للتحديات الإخراجية التي واجهت العمل، وهي مختلفة، ومن أبرزها عدم توافر مكان ثابت لإجراء البروفات، وبشكل عام كان العمل الجماعي هو أهم وسيلة لتخطي مختلف التحديات، وكذلك لتطوير العمل، حسب تعبير مخرجة المسرحية.
بين الفكاهة والجدية
تتناول مسرحية «هامور لا يغادر المكتب»، التعقيدات البيروقراطية التي يواجهها الموظفون حول العالم، من منظور يجمع بين الفكاهة والجدية. والمسرحية من تأليف الكاتب الإماراتي أحمد المظلوم، وإخراج الإماراتية ريم المنهالي، ومن إنتاج مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون، بدعم من برنامج المنح الوطني للثقافة والإبداع تحت إدارة وزارة الثقافة. وطُورت المسرحية ضمن برنامج الإقامة الفنية لمعرض «م39» في منطقة ميناء زايد بأبوظبي. ويشارك في بطولتها الفنانون: مد-ربدان، وعبدالله القصاب، وشهد السقاف، ومحمد العرواني وحسن الطاهر.
• 70 دقيقة مدة المسرحية التي تعرض على مدار اليومين المقبلين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news