طبيعة الإمارات تروي أمجادها على سفح جبل حفيت

على سفح جبل حفيت، صمم المسرح الذي شهد العرض الرسمي لعيد الاتحاد، والذي نظمته لجنة تنظيم عيد الاتحاد الـ53، إذ روى تاريخ الإمارات، وشكّل إطلالة على رحلتها التي بدأت منذ آلاف السنين، وصولاً إلى يومنا هذا.

لعبت عناصر الطبيعة، ومنها نجم الثريا، وشجرة النخلة، والجبال، والواحات الخضراء في الصحراء، دور الراوي، حيث روت تاريخ الإمارات وأمجادها، ورحلة تطور الدولة التي شكّلت الاستدامة أولى أساسياتها منذ التأسيس.

وتضمن الحفل قصائد من شعراء قدامى ومعاصرين، ومن الشعراء القدامى، المغفور له الشيخ خليفة بن زايد الأول، والماجدي بن ظاهر، وعوشة بنت خليفة السويدي (فتاة العرب).

واحتفى العرض بالاتحاد عبر المزج بين التراث والحداثة، والطبيعة والتكنولوجيا، مستخدماً تقنيات السرد القصصي المبتكرة، ومنها الطائرات بدون طيار، وعروض الضوء والظل، وغيرها من الدعائم المصنوعة من أشجار النخيل التي تكاملت مع جمال البيئة الطبيعية، للربط بين إبداعات الأجداد والابتكارات الراهنة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

إسقاط ضوئي

صُمم المسرح بشكل مركب، على شكل سلسلة جبال، تندمج مع جبل حفيت في الخلفية، من دون المساس بالبيئة الطبيعية للجبل، وتم استخدام تقنية الإسقاط الضوئي لتحقيق المؤثرات البصرية لمراحل الجبال، ويعد هذا المسرح، الذي سيتم تفكيكه بعد العرض، الأضخم بين المسارح التي بنيت للاحتفال الرسمي على مدى سنوات، من حيث مساحة البناء.

وينطلق العرض، المؤلف من سبعة فصول، من إرث الماضي، وتروي طبيعة الإمارات أمجادها فيه، فنجدها تعبّر عن رحلة جماعية نحو مستقبل يتبنى الاستدامة والعمل التعاوني، كونهما ركيزة أساسية في التقدم، ويعود العرض إلى الأجداد الذين سطّروا قصصهم على مدى آلاف السنين على هذه الأرض، وتحت هذه السماء، وتسحرنا فيه الأنغام التي عمل على الإخراج الموسيقي لها محمد الأحمد، وعزفتها الأوركسترا الفيلهارمونية الملكية المكوّنة من 66 عازفاً، بمشاركة 33 عازفاً إماراتياً، بقيادة المايسترو نيكولاس دوت، فيما شارك في العمل على العرض نحو 10 آلاف شخص من 81 جنسية.

«نجم الثريا»

يبدأ الفصل الأول للعرض مع «نجم الثريا»، فيبرز لنا جماليات النجوم التي تلمع في الفضاء، وكيف كانت دليل الرحالة، وملهمة للشعراء، ورمزاً لتتابع الفصول التي تعكس عبق التاريخ في كل ومضة، نشهد في هذه اللوحة كيف لعب نجم الثريا دوراً حيوياً في نظام «الدرور» الذي استخدمه الأجداد لمعرفة الطقس، وتوقّع الفصول، فكلما ظهر في شهر مايو عرفوا أن فصل الصيف قد حلّ، كما كانوا يعرفون نهاية الموسم مع غيابه في شهر نوفمبر.

«على مرّ الأزمان»

أما الفصل الثاني، وعنوانه «على مرّ الأزمان»، فقد جسد تاريخ الإمارات وإنجازاتها وابتكاراتها المهمة، إذ يأخذنا إلى التاريخ عبر القرون وكيف تبدلت الحضارات، وشهدت النمو المتواصل، وازدهار المعارف، ما قاد إلى اللحظة الفارقة في إنشاء أول فلج للاستفادة من الماء، ونشاهد كيف حول الأجداد الأرض إلى واحة خضراء، تجذب المسافرين وترحب بالعابرين.

«أثر الأوّلين»

وتحت عنوان «أثر الأوّلين»، ندخل الفصل الثالث في حكاية الدولة، مع بداية التجارة في الإمارات وكيف ازدهرت من خلال النخلة، ونشاهد في لوحة يدخل فيها الجِمال إلى المسرح هذه الحقبة، وكيف كانت النخلة داعمة للحياة، ورمزاً يجمع الإماراتيين ويوحدهم، ونشاهد كيفية استخدام النخلة وموادها الخام في بناء العريش وصنع الأدوات المنزلية المتنوعة، ومنها أدوات المائدة وأغراض الزينة.

«تحت ظل النخلة»

وتتابع حكاية النخلة في الفصل الرابع، الذي حمل عنوان «تحت ظل النخلة»، مع المغفور لها الشيخة سلامة بنت بطي القبيسي، والدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي انتقل إلى مدينة العين برفقة والدته بعد وفاة والده عام 1926، ليشغل في ما بعد منصب ممثل حاكم منطقة العين من عام 1946 حتى 1966، ليصبح بعدها حاكماً لإمارة أبوظبي، ويبرز هذا الفصل الدروس التي تعلمها من والدته، وكيف كانت القيم التي غرستها فيه حاضرة حتى أصبح قائداً يتعلم منه الآخرون، ويستزيد منها على يديه المغفور له الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، الذي جسد هذا الفصل تكريماً له.

اتحاد الإمارات

بعد استعراض تاريخ الإمارات، يقدم الفصل الخامس في العرض المحطة التاريخية الأهم، وهي إعلان اتحاد الإمارات، الذي يشكل الثمرة لجميع المبادرات والابتكارات الذكية، والمعارف والتجارب المتبادلة التي غرسها ورعاها الأجداد على مر العصور، ويعيدنا المشهد إلى اللحظة التاريخية، والإعلان الذي قرأه أحمد خليفة السويدي، الذي شغل منصب الممثل الشخصي لرئيس دولة الإمارات، كما نستمع لاقتباس من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، يقول فيه: «هذا الوطن يتطلب أن يكون فيه جند قوي العزيمة، يفهم ما هو عليه في الحاضر والمستقبل»، ونشهد في هذا الفصل الاستعراض العسكري الذي يبرز اجتماع جيوش الإمارات السبع في عام 1976، وكيف شكلت القوات المسلحة الإماراتية.

«إرث الحاضر»

ومن الاتحاد إلى حكاية عنوانها الازدهار للوصول إلى الابتكارات، نرى مواصلة مسيرة الإبداع والتميز في الفصل السادس الذي حمل عنوان «إرث الحاضر»، وتجسد اللوحات واقع الإمارات في تحولها إلى مركز للابتكار، ووجهة رائدة في أبحاث الذكاء الاصطناعي، ويسلط هذا الفصل الضوء على العديد من المشاريع البيئية، ومنها «طباعة الشعاب المرجانية بتقنية ثلاثية الأبعاد»، و«ميد 42» و«سبيس 42» وغيرها.

ويختتم العرض مع «احتفالنا»، وهو الفصل الذي يجسد الاحتفاء بالذكرى الـ53 للاتحاد، وما حققته الإمارات من نمو وتطور، إذ يحمل رسالة هدفها الاحتفاء بالماضي، وكل ما تم تحقيقه من نمو وتطور ومعرفة، والبناء على الأساس المتين من أجل غرس الشغف في نفوس الأجيال القادمة، بالموروث العريق وأهمية صونه والحفاظ عليه، وتتضمن هذه اللوحة فن الحربية، أحد أبرز الفنون التقليدية الإماراتية المتجذرة في الثقافة البدوية، وتنطوي الرقصات على حركات متزامنة بالسيوف، وتحتفي بمعاني الوحدة والصمود. ويضاف إلى جماليات الرقص، مشهد الأطفال الذين يشاركون في أغنية الختام، بينما تطفو على المسرح المؤثرات البصرية الجمالية، ومنها الطائرات بدون طيار التي تأخذ شكل نخلة تتساقط منها الرطب باستخدام شرارات ملونة، بينما يعمل الأطفال الذين يحملون السلال على جمع الرطب، في رسالة عنوانها الاستدامة، يذكر أن الأغنية الرسمية «بدو بنينا أمة» التي يختتم بها العرض، من كلمات الشاعر علي الخوار، وألحان الملحن محمد الأحمد، وأدتها فرقة كورال الإمارات.

. 10000 شخص من 81 جنسية شاركوا في العرض.

. احتفى العرض بالاتحاد عبر المزج بين التراث والحداثة، وبين الطبيعة والتكنولوجيا، مستخدماً تقنيات السرد القصصي المبتكرة، ومنها الطائرات بدون طيار.

الأكثر مشاركة