«كُفّ عن إيذائـي».. خط هاتفي لنجدة الطفل
يعد خط «نجدة الطفل» التابع لدائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، أول خط يستقبل استفسارات وحالات تخص الطفل، سواء كانت من الأطفال أنفسهم، أو من أولياء أمورهم، أو من الأفراد الراغبين في الإبلاغ عن حالات اعتداء أو اضطهاد ضد أطفال، ضمن نظام وفريق مختص يعمل على التحري، والتدخل عند الحاجة، والعلاج، وذلك ضمن الخدمة التي تغطي غالبية المناطق في إمارات الدولة، والتي عملت على نشر حملة ترويجية شملت الإعلان على سيارات الأجرة، في بوسترات تحمل عبارة «كف عن إيذائي»، إضافة إلى رقم خط النجدة المجاني.
وقامت الدائرة بتخصيص مستشار مختص، تحال إليه كل حالة من الحالات التي يتم اكتشافها، ومتابعتها من قِبل الدائرة، ويعمل المختص على وضع الخطط العلاجية والطرق التي تساعد على حل هذه المشكلات، وأدت هذه الطرق العلاجية إلى تخلّص الأسر من مشكلات كثيرة واجهتها في تربية أبنائها، حيث هيئت الدائرة خطا مجانيا خاصا وسهل التذكر للراغبين في التواصل، وفريقا مختصا للرد على المكالمات، والتحري من صحة المعلومات التي ترد إليهم لتسهيل العملية، وذلك بهدف حماية بناء الأسرة على نحو سليم بعيداً عن المشـكلات النفسـية أو الصحـية أو القانونية.
وقالت مديرة إدارة دائرة الخدمات الاجتماعية، عفاف المري «إن خط نجدة الطفل ليس تدخلاً في شؤون سلطة الوالدين، أو السيطرة على، أو التحكم بطرق التربية في العائلة، وإنما هو خط مساعد وداعم لها»، موضحة أنه «مشروع إنساني، يعد إحدى أدوات حماية الأطفال المعرّضين للمخاطر أو الإيذاء بأنواعه المختلفة، ومساعدة الوالدين في حل هذه المشكلات التي يتعرّضون لها مع أبنائهم».
وأضافت أن قسم نجدة الطفل، يقدم «خدمة طوارئ هاتفية على مدار الساعة تتسم بسهولة الاتصال من أنحاء الدولة كافة، بالإضافة إلى أنه يعمل 24 ساعة، بشكل مجاني، بينما يتم التعامل مع جميع المعلومات التي ترد إلى الخـط بسـرية تامة».
الدافع
وذكرت المري أن السبب الذي دفعهم إلى تأسيس خط نجدة الطفل، هو تعرّضهم لتجربة ساعدت على تجلي الفكرة لديهم، وتابعت «بعد أن وردنا اتصال هاتفي من فتاة في مدينة العين، كانت قد تعرضت لاعتداء جسدي خطر، وهي التجربة التي استطعنا التعامل معها، وحل المشكلة بالتعاون مع الجهات المختصة الأخرى، التي غالبا ما نحتاج إليها للوصول إلى التنفيذ الحكيم والسليم لعمليات نجدة الأطفال»، الأمر الذي دفع الدائرة إلى اتخاذ هذه الخطوة.
وأشارت المري إلى أنه على الرغم من علمهم بوجود حالات منتشرة في الدولة، إلا أن صعوبة حالة الفتاة، كانت الدافع، مبينة أن «هناك حالات عدة تستدعي أن نمد لها يد العون، فقمنا بإطلاق الخط الساخن في شهر نوفمبر من العام الماضي، والذي بدأنا به تجريبياً، إلا أنه سرعان ما تحول إلى خط ثابت يعمل بشكل متواصل يومياً وعلى مدار ٢٤ ساعة، وهو يعد أول خط متخصص لنجدة الطفل في الدولة».
ولفتت إلى أن خط النجدة، لا يعتبر عونا للأطفال المضطهدين أو المتعرضين للعنف فقط «بل هو لأولياء الأمور أيضا، فنحن لا نتلقى اتصالات من الأطفال فقط، وإنما من أولياء أمور يحتاجون إلى استشارات حول مشكلات يواجهونها مع أبنائهم»، مؤكدة أنه لا يستهدف الانتقاص من دور الوالدين أو الجهات الأخرى، «فهو مثلث مكتمل الأضلاع بين الشرطة ودائرة الصحة ودائرة الخدمات الاجتماعية».
حماية الطفل
وحول أهداف الخدمة، قالت مديرة مكتب استشارات الطفولة، موزة إبراهيم آل عليإن «الخط يهدف إلى توفير الحماية للطفل، والبيئة الآمنة والصالحة لتنشئتهم، من خلال إبعاد الإيذاء والخطر عنهم بوسائل متدرجة عدة، بالإضافة إلى إزالة آثار الإيذاء عن الطفل، وفق منهجية العلاج النفسي بمراعاة الاختلافات الفردية، فهذا الخط الساخن يستهدف الفئة العمرية الأقل من ١٨ عاما، وهي الفترة الزمنية التي تعد أكثر الفترات حساسية وتأثيرا على سلوك الطفل ونفسيته، والتي يبني عليها مستقبله بالكامل».
وفي ما يخص الخدمات التي يقدمها خط نجدة الطفل، بينت آل عليان أن الخط «يقدم استشارات نفسية للحالات التي تتطلب إرشادات وبرامج نفسية ووضع الخطط العلاجية المناسبة لكل حالة، وتقديم خدمات قانونية، ومتابعة قضايا النسب والوصايا والأوراق الثبوتية».
وأضافت أن «من الخدمات الأخرى، تقديم الخدمات الاجتماعية، من مساعدات مالية، ورعاية مكثفة، وتوفير الاحتياجات، بالإضافة إلى الإرشاد والتأهيل وفقاً لخطط العلاج المحددة سلفاً»، مشيرة الى انه يتم التنسيق مع الجهات ذات الصلة بالخدمات المتعلقة بالأطفال في جميع أنحاء الدولة، وذلك لضمان الوصول لأي طفل محتاج للرعاية والحماية.
الاعتداءات
وفي ما يخص أنواع الاعتداءات التي تدخل ضمن تخصصهم، ذكرت المري أنها تشمل «الاعتداء الجسدي، وهو أن يتعرض الطفل للضرب بيد شخص أو بأداة يحملها، والاعتداء العاطفي، والجنسي، بالإضافة إلى الإهمال، والاستغلال الجسـدي للدعـارة أو المخـدرات أو التسول».
وتابعت، شارحة ما يعينه الاعتداء العاطفي قائلة، أنه يعني «تعرّض الطفل للانتقاد اللاذع المتكرر، والتحقير، والشتم، والإهانة، والاستخفاف، أوالسخرية، بالإضافة إلى الفشل في توفير الاحتياجات العاطفية الضرورية للنمو النفسي السوي كحرمانه من الحنان والتأييد».
وعن الاعتداء الجنسي شرحت آل علي «انه استخدام الطفل لإشباع الرغبات الجنسية لشخص بالغ، ويشمل تعريض الطفل لأي نشاط أو سلوك جنسي، وذلك عند ملامسته أو حمله على ملامسة المتحرش جنسياً، وكذلك المجامعة والاستغلال الجنسي للطفل عبر الصور والمواقع الإباحية».
وفي ما يخص الإهمال بيّنت أنه يكون عبر تعرض الطفل لسوء المعاملة الذي يدل على عدم توفير الرعاية المناسبة لعمر الطفل، مثل عدم توفير المسكن، والملبس، والغذاء، والتربية، والتعليم، والرعاية الطبية، وغيرها من الاحتياجات الأساسية الضرورية لتنمية القدرات الجسدية والعقلية والعاطفية».
موظفون مؤهلون
وأوضحت المري أن آلية عمل خط نجدة الطفل «تتم باستقبال المكالمات من قبل موظفين مؤهلين في مركز الاتصالات الرئيس للخط، وبعدها يتم تسجيل البيانات الأساسية حول الحالة، وتحويلها مباشرة للمختص في حالة معينة دون أخرى، وذلك هاتفيا ومباشرة، بعد تصنيف درجة استعجال الحالة أو خطورتها، فهناك حالات قد تكـون فقـط مجـرد استفسار أو استشارة».
واستطردت قائلة «في حال وجود حالة مستعجلة أو خطرة، يتم تحديد موعد للمقابلة مع المختص، أو التوجه للحالة حسب مكان تواجدها لإجراء الدراسة، ويكتب تقرير شامل عن طبيعة الحالة، ووضع الحلول المناسبة لها، ومن ثم تقديم الخدمات المساندة للحالة، لتتمثل الخطوة الأخيرة بالمتابعة الدورية لها».
مؤشرات تعرّض الطفل للاعتداء
- آثار الضرب الظاهرة والتورم وآثار الصفع على وجه الطفل.
- عدم نظافة الجسم وانبعاث رائحة كريهة من الطفل والشعر الوسخ.
- الملابس الضيقة جداً أو الواسعة جداً أو الملابس الممزقة التي يرتديها الطفل.
- صعوبة في المشي أو القعود ووجود بقع دم.
- الهزال الشديد والضعف العام وتدهور الصحة وعدم استجابة الوالدين لشكوى الطفل من الآلام أو المرض.
- فتيات صغيرات حبالى.
- الهستيريا والخوف الشديد من الكبار والآباء.
- إعطاء مبررات غير منطقية عن علامات وكدمات على جسد الطفل.
- ترك الدراسة أو التخلف أو الرسوب المتكرر بشكل متواصل من دون تقديم العذر.
- الانحرافات النفسية كالانفعالات والوساوس وتعمد إيذاء النفس والتفكير في الانتحار.
- الولع الجنسي المبكر والاستخدام المفاجئ لكلمات جنسية.
- الهروب من المنزل.
- السلوك العدواني أو الانحراف مع الأقران.
- تعاطي المخدرات والكحول.
- الكذب والسرقة من أقرانه في المدرسة.
حالات
ذكرت مديرة إدارة دائرة الخدمات الاجتماعية، عفاف المري، أن «من بين الحالات التي وردت لخط نجدة الطفل، بلاغ من شخص عن ولدين يتراوح عمرهما ما بين السابعة والـ10 يتسولان في إحدى المناطق، وعند البحث عنهما وجد أنهما تم استغلالهما للتسوّل، بسبب وفاة الأم وإدمان الأب».
بالإضافة إلى ورود حالة أخرى على خط نجدة الطفل عن «طفلة في الثامنة من العمر، تعرضت لاعتداء وتحرش جنسي من قبل الجد، وذلك بسبب انفصال الأبوين، وزواج كل منهما»، كما تم التعامل مع حالة ثالثة «وردت عن أبناء تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة والثامنة يتعرضون للضرب المبرح والحرق من قبل الأب، لاعتقاده بأنه الأسلوب الصحيح في التربية».