جزيرة صير بني ياس.. سياحة في عالم فريد وجديد
مفهوم جديد للاستجمام وعالم فريد من الراحة والهدوء تمنحه جزيرة صير بني ياس لمحبي الطبيعة والباحثين عن فرصة للهرب من ضجيج المدن وزحامها، فهناك على بعد 250 كيلومتراً فقط بالسيارة من العاصمة أبوظبي، تقبع جزيرة صير بني ياس التي تم افتتاحها أخيراً، لتضيف مفهوماً جديداً للسياحة في الإمارات عبر مميزات عدة تجتمع في مكان واحد من طبيعة خلابة، وحياة برية، وبيئة متفردة إلى جانب الأجواء التراثية التي تحفها أجواء من الرفاهية والفخامة.
تبدأ الرحلة الى جزيرة صير بني ياس التي تفوق مدينة ابوظبي في مساحتها، حيث تبلغ 87 كيلومتراً مربعاً، من مرسى جبل الظنة الذي يعتبر بوابة الدخول البرية للجزيرة، وهناك يتم استقبال الزائر في استراحة خاصة مجهزة بوسائل الراحة والضيافة، قبل أن يستقل القارب في طريقه للجزيرة التي تبعد ثمانية كيلومترات عن شاطئ المرسى، في رحلة مدتها 15 دقيقة، يصل بعدها إلى مدخل الجزيرة، كما يمكن لزوار الجزيرة استخدام الطائرة البرمائية التي تنطلق من مطار ابوظبي إلى مطار الجزيرة مباشرة في رحلة مدتها ٥٠ دقيقة فقط وبتكلفة 700 درهم للشخص، ولكن عليه أولاً قبل الانطلاق في رحلة الحجز في منتجع «جزر الصحراء»، وهو منتجع متكامل من فئة الخمس نجوم، ومن خلاله تتم الترتيبات لمزاولة كل الأنشطة الترفيهية والرحلات الاستكشافية في الجزيرة، التي يتم توفيرها مجاناً للمقيمين في الفندق.
مع أولى خطواته على جزيرة صير بني ياس يتجه الزائر إلى ما يشبه الاستراحة الصغيرة، يستقبله فيها فريق العاملين على الجزيرة بالكثير من التحية والابتسامات الودودة، حيث يتعرف من احد المشرفين إلى واحدة من أهم الأشجار التي تحتضنها الجزيرة، وهي شجرة القرم، وما تتميز به من خصائص تساعد في عملية التوازن البيئي، حيث تعد هذه الأشجار ملاذاً للعديد من أنواع الطيور والكائنات البحرية، بالإضافة إلى قدرتها على امتصاص الأملاح من التربة، وتنقية الجو من خلال امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وفي المكان يكتب الزائر اسمه في ورقة، حيث تقوم إدارة الجزيرة بزراعة شجرة قرم تحمل اسمه، بهدف الحفاظ على نقاء الهواء.
منتجع «جزر الصحراء»
رفاهية في استراحة تتصف بالهدوء -من المصدر \
الإقامة في الجزيرة تمثل تجربة فريدة من خلال ما يحمله منتجع أنانتارا «جزر الصحراء»، الذي تم افتتاحه اخيراً، ويحمل طابعاً خاصاً يجمع بين التراث والرفاهية والفخامة إلى جانب الهدوء والسكينة التي تتماشى مع الطابع العام للمكان، وقال مدير المبيعات في المنتجع، علي الجزازي، «إن المكان الذي تديره مجموعة «أنانتارا ريزورتس آند سبا» التايلاندية، يتضمن 64 غرفة تطل جميعها على البحر، ويصل سعر الغرفة 1900 درهم لليلة، تتضمن مزاولة مختلف الانشطة على الجزيرة، إلى جانب مجموعة من الفلل الشاطئية، من بينها فيلات ملكية تتميز بقدر عال من الفخامة، مع خدمة خاصة على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع. وتضمّ هذه الفيلات غرفتي نوم، وردهة وغرفة معيشة، ومطبخاً صغيراً، وغرفة للطعام ومسبحاً، وممراً مباشراً إلى الشاطئ، بإيجار 14 ألف درهم لليلة، ويقدم المنتجع حالياً عرضاً خاصاً لتصل تكلفة الليلة في الفيلا 11700 درهم. بينما يضم النادي الصحي «صفاء» أربع غرف معالجة رحبة، اثنان للأزواج واثنان للأفراد. ويقدم مجموعة من العلاجات المميزة التي تشمل جلسات التدليك التايلاندية، وجلسات التدليك العطرية، والمعالجة الطبيعية على الطريقة الهندية التقليدية، وجلسات العناية ببشرة الوجه والجلسات المخصصة للعناية بالجسم، كما يتضمن المنتجع خمسة مطاعم رفيعة المستوى، بالإضافة إلى أحواض للسباحة وناد للأطفال وملاعب رياضية، وإمكانية تصميم جلسات خاصة وفقاً لطلب النزيل.
وأوضح الجزازي ان الجزيرة تمثل إضافة نوعية للسياحة في ابوظبي، فهي تجمع بين رحلات السفاري الصحراوية والشواطئ وأماكن السباحة المتعددة، كما أن سهولة المواصلات بينها وبين أبوظبي، تتيح للزائر الاستمتاع بالاسترخاء والصفاء في الجزيرة والانتقال بيسر للعاصمة للقيام بجولات تسوقية وشراء ما يلزمه.
تنمية مستدامة
تم تطوير جزيرة صير بني ياس بما يتناسب مع طبيعتها الخلابة ونظامها البيئي، وهي تضم أول طاحونة لتوليد الكهرباء من نوعها في المنطقة، تنتج 850 كيلو واط من الطاقة في الساعة الواحدة، وتعتزم الجزيرة الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة مستقبلاً لتأمين احتياجاتها من الطاقة، كما تهدف جزر الصحراء لتطبيق المعايير الدولية في مجالات الطاقة والمياه والبنية التحتية وإدارة المخلفات وإعادة التدوير ومباني الطاقة، حيث أقامت شركة التطوير والاستثمار السياحي علاقة شراكة مع «مصدر» لبناء محطة للطاقة البديلة في جزيرة صير بني ياس، ستقوم بتشغيل محطة تحلية المياه في ما بعد، على ان تستخدم المياه التي تنتجها محطة تحلية المياه الجديدة في الزراعة وإطعام الحيوانات المستوطنة في الجزيرة.
أنشطة متنوعة
وعلى الرغم من وسائل الراحة والمتعة التي يوفرها المنتجع لزواره، إلا أن هناك برنامجاً حافلاً من الأنشطة ينتظرهم على الجزيرة، تمثل رحلات السفاري ابرز هذه الأنشطة وأكثرها تفرداً، فمن خلالها يمكن للزائر التعرف إلى معالم هذه المحمية الطبيعية التي تقدم ملاذاً فريداً للعديد من الحيوانات والنباتات النادرة، والتمتع بجمال مناظر الطبيعة الخلابة والحيوانات الجميلة التي تجوب المكان بحرية تامة، حيث تمنح رحلات السفاري فرصة التجول لمدة ساعتين للتعرف إلى معلومات كثيرة حول الحياة البرية ورؤية بعض الحيوانات المستوطنة في الجزيرة، وذلك باستخدام سيارات دفع رباعي مطورة خصيصاً لجزر الصحراء يقودها مرشدون متخصصون، يتحدثون لغات، يرافقهم خبراء في عالم الحيوانات البرية. أيضاً يمكن للزائر القيام بهذه الجولات سيراً على الأقدام قد تمتد من ساعة لثلاث ساعات عبر أضخم التلال الصخرية الملحية في العالم، وقد قامت إدارة الجزيرة بتحديد أماكن محددة لممارسة هذه الرياضة، وروعي تنوع درجة وعورتها لتناسب مختلف الأعمار، وهو ما ينطبق أيضاً على رياضة ركوب الدراجات عبر التضاريس الجبلية للجزيرة وهي مقسمة أيضاً وفقاً للأعمار مع توفير مكان يتناسب مع إمكانات الأطفال كما تمتد لمسافات تتراوح بين تسعة و28 كم، ولهواة الرياضات البحرية والمائية توفر الجزيرة فرصة الغوص لاستكشاف الحياة البحرية المثيرة والشعاب المرجانية التي لم يلمسها أحد من قبل، ويمكن للجميع مزاولة هذه الرياضة على ان يتجاوز العمر 12 عاماً، بينما تم تخصيص مكان داخل المياه لأصحاب الخبرة في ممارسة الغطس، كما يمكن لهواة الرياضات المائية ممارسة رياضة الكاياكي أو التجديف في قنوات ضحلة بالقرب من أشجار القرم، أما في أوقات الجزر فتمارس هذه الرياضة في مياه الخليج.
محمية طبيعية
وتعتبر جزيرة صير بني ياس، كما يوضح مدير التسويق في جزر الصحراء لارس نيلسون، موطناً لأكثر من 23 فصيلاً من الحيوانات، منها الزرافات وغزال المها العربي الذي يعتبر من أكثر الحيوانات المهددة بالانقراض في العالم، بينما تضم الجزيرة أكثر من ٤٠٠ رأس منه تعيش حياتها الطبيعية البرية بحرية كاملة. كما تعد الجزيرة موطناً مثالياً للطيور البرية المستوطنة والمهاجرة مثل: الفلامنغو ونورس البحر وطائر الغاق النادر والبط البرّي وطائر الغرافون وطائر الطوّال ذي الأجنحة السوداء والزقزاق البري والنَكات ومالك الحزين الرمادي، بينما تلعب دوراً كبيراً في حماية الأجيال المقبلة من الحيوانات المعرضة أو المهددة بالانقراض، وفق تصنيف الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة، حيث تستوطن الجزيرة فصائل متنوعة من الفصائل المهددة بالانقراض منها السلاحف البحرية وغزال الرمال والظبي ذي العلامة السوداء وماعز يوريال والماعز الوحشي. لافتاً إلى انه يجرى إقامة قسم خاص للحيوانات التي ترجع أصولها لشبه الجزيرة العربية يضم 60 ٪ من المساحة المخصصة لإقامة الحيوانات على الجزيرة، وقسم آخر للحيوانات الإفريقية بنسبة 40٪ من المساحة. وأشار إلى أنه خلال فترة إغلاق الجزيرة لإجراء التحديثات عليها تم استقدام حيوانات جديدة مثل الضبع، والاستعانة بعدد كبير من الخبراء المتخصصين في العناية بالحيوانات، إلى جانب العمال القدامى الذين عاصروا المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كما تم الاستغناء عن إقامة ما يقرب من 350 كم من السياجات التي كانت تحيط بأماكن وجود الحيوانات، لإتاحة المزيد من الحرية لها لممارسة حياتها البرية.
وأشار نيلسون إلى أن الثروات الطبيعية التي تزخر بها الجزيرة لا تقتصر على الحيوانات البرية، حيث تستوطن الدلافين والسلاحف البحرية وكائنات بحرية أخرى المياه المحيطة بها، ويعود ثراء الحياة البحرية في الجزيرة بما يفوق الأجزاء الأخرى من سواحل ابوظبي إلى توجيهات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بحظر صيد الأسماك في مناطق معينة خلال السنوات الـ٢٥ الماضية حفاظاً على البيئة. أيضاً تضم الجزيرة، وفي إطار برنامج تشجير الصحراء الذي تبناه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أكثر من 18 ألف نخلة منتجة للتمور و2.5 مليون شجرة ونبتة منها شجيرات الزيتون التي تشتهر بها شواطئ البحر المتوسط، إلى جانب شجرة العود التي يستخرج منها نوعان من العود يستخدمان في البخور، وعلى الرغم من تشابه النوعين في الرائحة إلا أنهما يختلفان في السعر، حيث يزيد سعر احدهما في قيمته على سعر الذهب.
تاريخ وآثار
يعود أصل اسم جزيرة صير بني ياس إلى قبيلة بني ياس الشهيرة التي كانت أول من استوطن إمارة أبوظبي، بينما يرجع تاريخ الاستيطان البشري في الجزيرة إلى العصر البرونزي، وتشهد المواقع الأثرية الـ36 في جزيرة صير بني ياس على التاريخ الطويل للجزيرة، حيث يعود أقدمها إلى حقبة ما قبل الإسلام، أي منذ عام 600 الميلادي. وتبرز أهميتها باعتبارها محمية برية خاصة أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس ومؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، لحماية طبيعة الحيوانات البرية والكائنات المهددة بالانقراض في منطقة الجزيرة العربية.
8 جزر
تمثل «صير بني ياس» واحدة من ثماني جزر طبيعية يجري تطويرها ضمن مشروع «جزر الصحراء»، الواقع قبالة شواطئ المنطقة الغربية في إمارة أبوظبي، ويقدم المشروع مفهوماً جديداً للسياحة في منطقة الشرق الأوسط، حيث سيصبح وجهة سياحية متعددة الاستخدامات تجمع بين منـتزه الحيوانات البرية العربية والمحميات الطبيعية والتراث الأصـيل والخدمات الفندقية من فئة الخمس نجوم والأنشــطة الصحـراوية الخارجية. وإلى جانب «صير بني ياس» تضم «جزر الصحراء» جزيرة دلما التي تمثل الجوهرة التراثية في المشروع، وهي رمز حقيقي لتراث الإمارات الذي يعكس أسلوب الحياة العربية الأصيلة، كما تضم مركز جزيرة دلما التعليمي الذي يقدم مجموعة من فرص التدريب المهني للمواطنين المقيمين في الجزيرة، وذلك للاستفادة من فرص التوظيف التي تتيحها خطط التنمية السياحية للمنطقة الغربية في أبوظبي.
وجزر ديســكفري وهي تتكون من ست جزر طبيعية تعتــبر موطناً للحياة البحـرية والأماكن الطبيعـية لعيش الحــيوانات البرية والمائية، وهي تطرح صياغة جديدة لمعايير الجــودة، حيث سيتم تخصـيص جزيرتـين كمنتـجعات راقية توفـر أعلى مستويات الخـدمة والرفاهية، في حين لن يتم المســاس بجزيرتين أخريـين والمحافظة على طبيعتهما كموطـن لتكاثر الطيــور والســلاحف، فيما ستتـيح الجزيرتان المتبقياتان للزوار فرصــة الإقامة في المخــيمات والاستمـتاع بهذه التجربة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news