حمزة بونوة: الهوية العربية طريق إلى العالمية
وجوه طولية وأجساد رشيقة تبدو كأشباح بين كثافة الحروف التي تتنزل من الفضاء كنغمات بصرية تتوالى في تناغم واضح، وتكوينات فنية أطلقت الحرف العربي من أسر المعنى والمضمون لتسبح به في فضاءات التجريد، حفلت بها لوحات الفنان الجزائري حمزة بونوة، التي تضمنها معرضه الأول في الإمارات، الذي افتتح مساء أول من أمس في «الغاف غاليري» بأبوظبي، ويستمر حتى 11 ديسمبر المقبل، كما يفتتح مساء اليوم معرض آخر لبونوة في قاعة «ميم غاليري» في دبي، بالتزامن مع المعرض الأول، ويضم 40 عملاً مختلفة عن المعرض الأول.
وعن التزامن بين المعرضين أشار بونوة إلى رغبته في ان يكون تواصله مع جمهور الإمارات من خلال حدث ثقافي وليس مجرد معرض يمر مرور الكرام من دون ان يترك أثراً له قيمة في ذاكرة الجمهور، كما ان إقامة معرضين في دبي وابوظبي، تمثل فرصة أفضل للتواصل مع اكبر عدد ممكن من الجمهور من محبي الفنون والثقافة.
تجريد الحروف
فعبر 31 لوحة ضمها المعرض، استلهم الفنان الجزائري جماليات الخط العربي منتجاً تكوينات جمالية عالمية، لافتاً إلى ان فلسفته الخاصة تعتمد على قاعدة أساسية، هي ان التمسك بالهوية العربية هو الطريق للعالمية «فنحن نمتلك ذخيرة ثقافية وفكرية وتراثية عظيمة، إذا تمسكنا بها وعملنا عليها يمكننا ان نصل إلى جميع أنحاء العالم، وهذا ما ألمسه من خلال التفاعل الكبير من الجمهور من جنسيات مختلفة مع أعمالي، رغم انها ذات هوية عربية»، مؤكدً انه «عربي الفكر والتكوين والإبداع، وأحاول دائماً الرجوع لتاريخنا بهدف انجاز أعمال معاصرة، ولو لم تكن ثقافتنا العربية تمتلك روح العالمية لما استطاعت ان تحقق هذا التأثير في محبي ومتذوقي الفنون من كل الجنسيات»، مضيفاً «للأسف يرتكب العديد من الفنانين العرب خطأ كبيراً حين يتجهون إلى الأساليب الفنية الغربية، بدلاً من الاشتغال على الثقافة العربية من منظور معاصر». مشدداً أن علينا «الفخر بثقافتنا والثقة بها وبأنفسنا، والتعامل مع هذه الثقافة كوسيلة لتعويض ضعفنا السياسي وتوصيل رسائلنا إلى العالم اجمع، فضعفنا السياسي لا يعني بالضرورة ضعف ثقافتنا».
وعن علاقته بالحرف العربي أوضح بونوة «أكتب الحرف بالريشة، فأنا لم أدرس فنون الخط العربي ولست خطاطاً، ولكنني أتعامل معه بشكل تجريدي بعيداً عن المعنى والمضمون، فتجريد اللغة من مضمونها ينطلق بها إلى العالمية، حيث يمكن لأي إنسان من أي جنسية أن يستمتع بجمالياتها، كذلك اتجهت لاستخدام الاتجاه العمودي في رسم الحرف العربي، لأعود به إلى أصوله حيث تنزل من السماء، ويرى ان هذا الأسلوب «يخلق أجواء تجمع بين الروحانية والغموض» في العمل الفني.
تقنيات معاصرة
ولا يقتصر تميز أعمال بونوة على الموضوعات الفنية التي يتناولها في أعماله، ولكن أيضا في التقنيات والخامات التي يستخدمها، وأسلوب استخدام هذه الخامات، مشيراً «اعمد خلال عملي إلى استخدام الخامات الفنية بأسلوب مختلف ومعاصر، حيث أقوم بالرسم على الزجاج البلاستيكي، وعلى خلفية اللوحة بطريقة مقلوبة، لتبدو معتدلة عند النظر للوحة من الأمام، ويكون الرسم عبر طبقات متعددة»، مشيرا إلى ان هذا «يفرض عدم وجود أي احتمالات لارتكاب خطأ أثناء الرسم»، معترفاً بأنه لا يستخدم أسلوب رسم تخطيطي مسبق لموضوع اللوحة قبل تنفيذها في شكلها النهائي «ولا أشترط أن أعرف بالتحديد ما يعبر عنه عملي منذ بداية البدء فيه، لكنني أشاهده بعد الانتهاء منه مثل أي إنسان آخر، وقتها تتضح لدي الفكرة وأضع له اسمه».
وقال الفنان الجزائري إنه بتجه نحو حصر أعماله في استخدام الزجاج البلاستيكي خلال السنوات الخمس الأخيرة، مستخدماً نوعاً من ألوان الأكريليك شديدة الثبات، يتولى صنعها بنفسه بدلاً من ألوان الزجاج التي تستخدم في العادة، كما يلجأ في بعض اللوحات لاستخدام لإدخال مواد مختلفة على اللوحة بطريقة الكولاج، مما يمنح العمل حياة يكتنفها بعض الغموض، «فأنا أبحث في غير الحقيقي بهدف إظهار جوهر الحقيقة».
سيرة تشكيلية
ولد حمزة بونوة في الجزائر عام 1979، ودرس في معهد الفنون الجميلة في الجزائر، واستلهم أعماله من البربر والأندلس والفن الإسلامي.
عرضت أعماله في الكويت والبرازيل وكندا والأردن والبوسنة والبحرين وفرنسا وانجلترا. نال الجائزة الأولى في فعاليات «جائزة فنون البحر الأبيض المتوسط» في مرسيليا عام 2001، ومؤتمر «الفنون الأوروبي الجزائري الدولي» في بلجيكا عام 2001 .
وفي عام 2007، أقام حمزة معرضاً منفرداً في «متحف الفنون الحديثة» في الجزائر، احتفالاً بالجزائر باعتبارها عاصمة الثقافة العربية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news