طرائف
كان الخليفة المنصور شديد البخل جداً، ومرّ به مسلم الحادي وهو في طريقه إلى الحج؛ فحدا له يوماً بقول الشاعر:
أغر بين الحاجبين نوره يزينـه حيـاؤه وخـيره
ومسكه يشوبه كافـوره إذا تغدى رفعت ستوره
فطرب حتى ضرب برجله المحمل، ثم قال: يا ربيع، أعطه نصف درهم.
فقال مسلم: نصف درهم يا أمير المؤمنين، والله لقد حدوت لهشام بن عبدالملك؛ فأمر لي بـ30 ألف درهم! فقال: تأخذ من بيت مال المسلمين 30 ألف درهم، يا ربيع وكلْ به مَنْ يستخلص منه هذا المال. قال الربيع: فمازلت أمشي بينهما وأروضه؛ حتى شرط مسلم على نفسه أن يحدو له في ذهابه وإيابه بغير مؤنة.
أغار قوم على قبيلة طيء، فركب حاتم فرسه، وأخذ رمحه، ونادى في جيشه، ولقي القوم فهزمهم وتبعهم، فقال له كبيرهم: يا حاتم، هب لى رمحك؛ فرمى به إليه، فقيل لحاتم: عرضت نفسك للهلاك، ولو عطف عليك لقتلك! فقال: قد علمت ذلك، ولكن ما جواب مَنْ يقول: هَبْ لي؟! ولما مات عَظُمَ على طيء موته؛ فادعى أخوه أنه يخلفه؛ فقالت له أمة: هيهات! شتان والله ما بين خلقتيكما، وضعته فبقي والله سبعة أيام لا يرضع حتى ألقمت أحد ثديي طفلاً من الجيران، وكنتَ أنت ترضع ثدياً ويدك على الآخ