عذب الكلام
لميعة عباس عمارة من قصيدة «بغداد»
يعاتبُ تموزُ رب العطاء
عهدناكِ حاليةً بالدُررْ
عهدنا لشعركِ بين القلوب
رفيفَ الضياء وخصبَ المطَرْ
فأين جداولُ تلك العيون؟
وأين عناقيدُ ذاكَ الشجَرْ؟
أقولُ سأهجر كل العراق ولستُ بأولِ صب هَجَرْ
فيهتفُ بي هاجسٌ لا يُرد.. مكانكِ، إن المنايا عِبَرْ
هنا تُقتلين .. هنا تُدفنين، أما السرى فمنايا أُخرْ
وتعصفُ بغدادَ في جانحي.. أعاصيرُ مِن ولهٍ لا تَذَرْ
وبغدادُ قيثارتي البابليةُ.. قلبي وهُدْبي عليها وَتَرْ
لها في فمي سحرُ كُهانها وآثارُ ما قبّلوا عليها حَجَرْ
وما رصدوا كوكباً وكوكباً وما ميّزوا الكونَ خيراً وشَرْ
تراثٌ ترمّخ بالطيّبات وبالمجد منها إلي انحَدَرْ
وبغدادُ أنت، إذا شط بي مزار لواني إليها القدَرْ
حصادُ المروءاتِ من بدرها وريقٌ أنيقٌ رهيفُ الصورْ
تمدد عبر الزمانِ السحيق وعرّشَ من سُومرَ للحَضَرْ
وأنتِ جنانُ جبال الشمال تفجّرَ سلسالُها وانهمَرْ
وعيناكِ دجلةُ غف الغروب على الشاطئين وليلُ السمرْ
عتبتُ على الدهر يعطي الكثير.. متى؟ حين نبلغُ حد الكبرْ
أعِدْ لي الهوى يا زمان الهوى.. وأطلقْ سرايَ انطلاق الغَجَرْ
وأوجعْ فظلمُكَ ما نشتهي.. وظلّلْ فذنبُك ما يُغتفرْ
أفقْ أيها القلبُ أو لا فمُتْ.. فأوجعُ حالَيكَ خوفُ الخطَرْ
ترى الحب والموتَ في راحتيهِ وما لك بدٌ، ففيمَ الحذرْ؟
لعل سيُرجعُ هذا القميصُ لعينين مبيضتين البَصَرْ
سلامٌ لمجدكَ بين الشهور تأزّرَ نصرين ثم اعتمَرْ.