طرائف
كان المنصور قد أخذ الناس بلباس قلانس طوال، وأن يكتبوا في ظهور ثيابهم: «فسيكفيكهم اللّه وهو السميع العليم»، وأن يطيلوا حمائل سيوفهم. فدخل أبو دلامة عليه في ذلك الزي، فقال: كيف حالك يا أبا دلامة؟ فقال: ما حالُ من صار وجهُه في وسطه، وسيفه في استه، وقد نبذ كتاب الله وراء ظهره! فأمر المنصور بتغيير ذلك الزي.
دخل أبو دلامة على المهدي وعنده عيسى بن موسى، والعباس بن محمد، وناس من بني هاشم، فقال المهدي: يا أبا دلامة. قال: لبيك يا أمير المؤمنين. قال: اهج من شئت ممن ضمه هذا المجلس، ولك الجائزة؛ فنظر في القوم فلم ير إلا شريفاً قريباً من المهدي، فقال: أنا أحد من في المجلس ثم أنشده:
ألا أبلغ إلـيك أبـا دلامـة فليس من الكرام ولا كرامة
إذا لبس العمامة قلت قـردٌ وخنزيرٌ إذا نزع العمامـة
فإن تك قد أصبت نعيم دنـيا فلا تفرح فقد دنت القيامة فضحك المهدي، وسر القوم، إذ لم يهجُ أحداً منهم.