طرائف

قال ابن عائشة: مات رجل من أهل الشام، فحضر الحجّاج جنازته، وكان عظيم القدر، وله عز وجاه؛ فصلى عليه وجلس على شفير قبره، وقال: لينزل قبره بعض إخوانه، فنزل نفر منهم، فقال أحدهم وهو يسوي التراب عليه: رحمك الله يا أبا فلان؛ فإن كنت ما علمت لتجيد الغناء، وتسرع رد الكأس، ولقد وقعت بموضع سوء لا تخرج منه إلا يوم الدكة. قال: فما تمالك الحجاج أن ضحك، وكان لا يضحك في جد ولا في هزل، ثم قال للرجل: هذا موضع هذا الأمر. ويلك؟ قال: أصلح الله الأمير، فرسي حبيس في سبيل الله لو سمعه الأمير يتغنى: 

يا لبينى أوقدي الـنـارا           إنّ من تهوين قد جارا
ربّ نارٍ بتّ أرمقـهـا             تقضم الهنديّ والغـارا
عندها ظبيٌ يؤججـهـا            عاقدٌ في الخصر زنّارا


وكان الميت يسمى سعنة. فقال: أخرجوه من القبر يا أهل الشام، ما أبين حجة أهل العراق في جهلكم! وكان الميت أقبح خلق الله وجهاً، فلم يبق أحد ممن حضر إلا استغرق ضحكاً.

الأكثر مشاركة