عذب الكلام
بدوي الجبل من قصيدة «خائنة» :
أحببتُها ساخرةً كالرؤى مبهمةً غامضةً كالظنونْ
مجنونةً والحسنُ لم تكتملْ فتنتُه إلاّ ببعض الجنونْ
طروبةً ضحّاكةً كالصّبا كئيبةً قاتمةً كالمنونْ
اليأس في أجفانها والمنى والضحكُ في ألحانها والأنينْ
وخفّةُ الأيّام في ثغرها لكن بعينيها وقارُ السنينْ
قد مزّق الفجرُ ولم تثنه شفاعة الحبّ ونجوى الفتونْ
غلالةٌ شفّافةٌ عذبة على لماها من رُؤى الحالمينْ
تثير في قلبي شكوك الهوى لاذعةً ثمّ تريدُ اليقينْ
هيهاتَ قلبي قد غدا كافراً وكان فيها أوّلَ المؤمنينْ
يا صورةً أبدعَ تكوينَها في مَطلَع الفجرِ إلهُ الفنونْ
ونغمةً من بعض ألحانها همسُ اللّيالي وارتعاشُ الغصونْ
ونفحةً لله عطريّةً ندّيةً حيّا بها البائسينْ
وزهرةً أخشى على حُسنها من خطرةِ الفكر ونجوى العُيونْ
لا تخدعيني إنّني عالمٌ بما تُبيّنينَ وما تكتمينْ
أرى على خدّيك في ما أرى بألف لون قُبَل العاشقينْ
من قبلةٍ خائنةٍ مرّةً وقبلةٍ وادعةٍ في الجبينْ
وقبلةٍ حمراءَ مثلَ اللّظى وقبلةٍ بيضاءَ مثل اليقينْ
تأبينَ إلاّ محوَ آياتِها وهنّ يا ليلايَ لا يمحينْ
لا تنكري حبّك لي إنّني أستشهدُ الريحانَ والياسمينْ
والنهرَ إذ تنظرُ أمواجه لا أستحي منها ولا تخجلينْ
و الأيكةَ الخضراءَ إذ أبصرتْ تبذّلَ الحسن الشهيّ المصونْ
وأنّه بحتُ بها للدجى فعطّر اللّيلُ عبيرَ الأنينْ
داميةً موجعةً وقّعت ألحانَها يمنى الرّجيم اللّعينْ
سأسكبُ الدمعةَ فيها الأسى والشعرُ والحب الشجي الحزينْ
لعلّني يشفعُ بي عندها هذا الهوى الباكي وهذا الحنينْ
يا صورةً أبدعَ تكوينَها في مطلع الفجر إلهُ الفنونْ