الأرض تطير.. تطير

القدس إشارة السماء وبشارتها على الأرض، أثخنت بالكلمات، وامتلأت أزقتها وحارتها بصدى الخطابات التي لم تزحزح عنها حتى مقدار «غبرة» من غُبار الأغيار العالقة بها نتيجة ما يُصار بها من تجريف وتدمير وتشويه، هؤلاء الذين جاؤوا من بلاد لا تشبه رائحتها بلادنا، ولا طرقات قدومهم تشبه دروب أزقتها وحواريها، ولا التماع شمسها الضاربة على قبة الله تنير لغير أكنفاها، لا يدركون معنى كل حجر وزاوية فيها، والمعاني التي أصبحت فقط مجرد موضوع تعبير وإنشاء للطلبة في صفوفها، أو يكاد لا يكون! فالقدس في حقيقة الاستهداف اليومي من قبل الاحتلال ومستوطنيه الذين يستبسلون بما يعتقدون به من أضغاث أوهام ضد المدينة وأهلها، الذين باتوا يتخيلون طعم راحة البال وطعم هدوء الروح، روح هذه المدينة التي تُقدّس من أقصى الكون إلى أقصاه دونما تفكير في ما يجري لأقصاها، والكل يتباكى ويبكي على صورة معلقة على جدار منزل هنا وبيت هناك وعلى كتف طريق لا تشير يافطة إلى طريقها. ولعل هنا «بقايا قدس» كما يقول حافظ البرغوثي في مقالته الخاصة لنا اليوم، ونحن نقول بقايا قدس وبقايا أمل لصورة، وكل الأمل في أهلها، وكأن الأرض بالفعل لا يحرثها غير عَجّالها، الذين بالفعل يصمدون ويقفون ببسالة «وحدهم» أمام غطرسة التغيير والمحو والتدمير، ولكن الحقيقة المرّة أنّ الأرض هنا تستباح حرثاً ونبشاً وتدميراً بفعل جنون النقيض الذي يستبيح يومياً ما تبقى منها، ونحن مازلنا نشير ونستشير ونشاور، بما العمل؟! وماذا بعد الكلام، والأرض تطير.. تطير.

الأكثر مشاركة