«سـي علي وتابعه قفة».. معالجة مسرحية جديدة «مفتعلة»
عرضت مسرحية «سي علي وتابعه قفة» أول من أمس ضمن فعاليات الدورة الأولى لمهرجان المسرح العربي التي تشهد اليوم عرض المسرحية الإماراتية «عنمبر»، في مسرح السلام في القاهرة.
وحاولت استثمار الشهرة الكبيرة للمسرحية التي ألفها الراحل ألفريد فرج، وعرضت على مسارح عربية كثيرة، منها المسرح الإماراتي، برؤى مختلفة استطاعت عبرها أن تتجدد في مساحات زمنية ومكانية شديدة التباين.
وأخرج «سي علي وتابعه قفة» منير مراد، وقام ببطولة المسرحية محمود الجندي وفايزة كمال ولطفي لبيب والمطرب محمد الحلو وعدد من الممثلين المصريين .
وعلى الرغم من اتكاء العرض على نص شهير يدور في قالب من الفانتازيا الشعبية، إلا أن تقديم عمل تمت صياغته بلغة التزمت الفصحى السهلة، واستبدال ذلك باللهجة العامية المصرية، جاء بمثابة صدمة للحضور الذي كان بانوراما عربية من حيث التعددية القطرية، لا سيما أن شهرة النص دفعت بكثيرين إلى الحرص على متابعته، وهو أمر ترافق مع إصرار كبير لدى المخرج الذي اجتهد في إضفاء بصمة مغايرة لعديدين استفادوا من نص الفريد فرج، عن طريق البحث عن أي محاولة للإضحاك، وزج العمل في قالب كوميدي ابتعد به في مناسبات كثيرة عن المغزى الاجتماعي والسياسي، بعيداً عن الالتزام الإيجابي بنص مؤلفه الراحل.
تجريد وإقحام
وقد أبدع الفريد فرج النص الأصلي معتمدا على مكان وزمان محددين، ليعود بهما ـ عبر إسقاطات ـ إلى أجواء ما بعد نكسة 67 في مصر. لكن المخرج تعمد تجريد هاتين الصفتين لتداخل القديم مع الحديث وجعل رسالة النص التي تتلخص في إعادة توزيع الثروة على الفقراء لتحقيق العدل والمساواة، هي رسالة وقضية كل زمان ومكان، لكنه أقحم عليها أحداث غزة والأوضاع الحالية بشكل سطحي، بالإضافة إلى تطويل مدة العرض بالأغاني والاستعراضات المفتعلة التي لا هدف لها سوى كون بطل العرض مطرباً.
ويعتبر أجمل ما في العرض الديكور الذي صممه حازم شبل، وكان منتميا للمدرسة الواقعية في تصميمه، وظهرت في الديكور دقة الصنع والملابس التي صممتها الدكتورة سامية عبدالعزيز، إذ كانت رائعة، لكنها خارج أجواء المسرحية.
تدور أحداث المسرحية في أجواء تراثية شعبية وكوميدية حول شخصية علي التبريزي الذي يبدد ثروته على ملذاته، ثم يذهب إلى بلاد بعيدة، يجد فيها قلة من الأغنياء وبعض الفقراء والشحاذين، ويحكمها ملك فاسد ظالم، لديه ابنة تعطف على الفقراء وتمد لهم يد العون.
تقع الأميرة في حب علي الذي يستطيع أن يخدع الملك وتجار المدينة بمظهره البراق الثري. فيزوجه الملك ابنته طمعاً في ثروته، ويعطيه التجار كل أموالهم طمعاً في قافلته الوهمية المحمّلة بالخيرات.
ثم يرحل علي والأميرة وتابعه الصعلوك «قفة» من المدينة، بعد توزيع ثروات الأغنياء على الفقراء الذين كانوا يزدادون فقراً، في حين يزداد الأغنياء غنى.
الاجتهاد في استثمار التفاصيل الحوارية البسيطة للحصول على ضحكات غير منسجمة مع السياق الحواري في أحيان كثيرة من الحضور كان محورياً في النسخة المصرية الجديدة من المسرحية، على نحو اعتبره بعضهم منسجماً مع المؤشر العام لاتجاه تحول اهتمام مسرحيين كثيرين بتقديم أعمال تبحث عن شباك التذاكر أكثر من التزامها، بتقديم أعمال جادة تطرح قضايا حقيقية محرّضة على التفاعل والجدل وإثارة النقاش، وهو الوضع الأكثر سيادة على خشبات مسارح عربية جماهيرية تعمل تحت ستار المسرح الكوميدي.
تحفز
من جهة أخرى، تمكن أخيرا أعضاء أسرة مسرحية «عنمبر»، من إنتاج مسرح دبي الأهلي وتمثل رسمياً الإمارات في المهرجان، وبعد مداومتهم على تمارينهم المسرحية في إحدى غرف إقامتهم في فندق بيراميدز في القاهرة، تمكنوا من أداء تمرين أساسي على مسرح ميامي، على الرغم من تأخر وصول قطع الديكور الأساسية حتى وقت متأخر من ليلة أول من أمس، بسبب إجراءات أمنية.
وبدا الممثلون والطاقم الفني في حال تحفز ملحوظ، بعد عرض مسرحية «شمشون الجبار» التي شارك فيها نخبة من الممثلين الإماراتيين، وما منحته من انطباعات جيدة للحضور عن مستوى المسرح الإماراتي الذي احتل الصدارة خليجياً في دورة مهرجان المسرح الخليجي في الكويت الشهر الماضي.
وعلى الرغم من تعرضه لاحتجاز في مطار القاهرة 17 ساعة، بسبب نسيانه جواز سفره على متن الطائرة التي أقلته من بيروت، فإن مخرج «عنمبر» مروان عبدالله بدا في حال نفسية جيدة، مؤكداً لـ«الإمارات اليوم» أن طاقم المسرحية جاء إلى القاهرة بهدف تقديم صورة مشرفة للمسرح الإماراتي، تعكس حقيقة تطوره الملحوظ في المرحلة الأخيرة وتأثير وجود عدد كبير من العناصر الشابة التي ساهمت في إضفاء مزيد من النشاط على الحركة المسرحية في الإمارات .
وفي ما يتعلق بالمشكلات التي تعرض لها بسبب نسيانه جواز سفره على متن طائرة تابعة لطيران الشرق الأوسط اللبنانية، قال مروان «كنت مرتبطا بتصوير حلقات لبرنامج (سوالفنا حلوة) في بيروت، ولم يكن هناك متسع من الوقت من أجل الانضمام إلى فريق العمل قبل السفر إلى القاهرة، وكنت في حال إرهاق شديدة بسبب تواتر العمل في بيروت.
وعندما وصلت إلى منطقة الجوازات في مطار القاهرة، اكتشفت أنني نسيت جواز السفر في الطائرة التي رفضت السلطات المصرية دخولها إلا في وجود مندوب الشركة اللبنانية، وهي إجراءات تسببت في النهاية في إقلاع الطائرة مرة ثانية إلى بيروت من دون أن أتمكن من الحصول على جواز سفري».
وأضاف «بطء التدخل الدبلوماسي من السفارة الإماراتية جعلني أخضع لتحقيق أمني في مطار القاهرة، ولم أتمكن من مغادرة المطار للحاق بالفرقة إلا بعد 17 ساعة كاملة قضيتها في صالة ترانزيت المطار، وهو أمر تسبب فيه تأخر استرداد جواز السفر أيضاً من بيروت».
وطاردت لعنة جوازات السفر نفسها الفنان بلال عبدالله الذي استُبدل جواز سفره هو الآخر عن طريق الخطأ بجواز سفر مواطن إماراتي آخر، ما سبب قلقاً كبير لبلال الذي غادر المطار، وتوجه إلى الفندق من دون جواز سفره، قبل أن تتدارك الجهات الأمنية الخطأ، وتصحح الوضع، وترسل جواز سفر بلال إلى مقر إقامته بالفندق.
مهمة شاقة
مع تأخر وصول القطع الأساسية في ديكور مسرحية «عنمبر» إلى مسرح السلام الذي سيقام عليه العرض الذي أنتجه مسرح دبي الأهلي، ويمثل الإمارات في مهرجان المسرح العربي، سعى مهندس الديكور محمد عطية إلى بذل جهود شاقة في سباق مع الزمن من أجل إنجاز ديكور المسرحية، مؤكدا لـ«الإمارات اليوم» أن الطاقم الفني قادر على الوفاء بالتزامات العرض، قبل مساحة زمنية كافية من رفع الستار إيذانا ببدء «عنمبر». في السياق ذاته، كان بطلا العمل الفنانان، حسن يوسف وإبراهيم استادي، شديدي الترافق من أجل مراجعة تفاصيل المشاهد على مختلف فترات اليوم، بما في ذلك أوقات تناول الوجبات الرئيسة على مسمع من أعضاء وفود الدول العربية والخليجية الأخرى المشاركة الذين كانوا يبدون إعجابهم بحماس أسرة «عنمبر». |