جورج قرداحي: أنا وأم كلثوم نمثل «الإجماع العربي» الوحيد

جورج قرداحي: خرجت من رحم ثقافة إعلامية سياسية. تصوير: مصطفى قاسمي

وضع مقدم البرامج اللبناني جورج قرداحي نفسه في منزلة جماهيرية مساوية لما حققته الراحلة أم كلثوم. وقال لـ«الإمارات اليوم» «أنا وأم كلثوم نمثل الإجماع العربي الوحيد على مدار التاريخ الحديث بأكمله، قد يختلف الذوق العربي، بل هو بالفعل يختلف على هذا الفنان أوذاك، مهما طالت قامته، وأيضاً لا تخفى وجود خلافات على مستويات متعددة، لكن بالنسبة لكلينا، أنا وسيدة الغناء العربي، الوضع يختلف، فالكل شاهد (من سيربح المليون)، كما أن الجميع لا يختلف على خصوصية كوكب الشرق».

ووصف قرداحي تميزه في مجال برامج المسابقات بالمصادفة الجميلة، مضيفاً «خرجت من رحم ثقافة إعلامية سياسية، ووجدت نفسي في النهاية مقدماً لبرامج مسابقات بالمصادفة»، معتبراً أن مفتاح تألقه كان «أسلوبه المختلف الذي يمزج بحرفية بين الجد والهزل، وثقافته الواسعة وموقع قناة إم بي سي على الخارطة الإعلامية العربية».

 
الحرق الإعلامي

برر الإعلامي جورج قرداحي وجود فترات متباعدة تتوسط إطلالته بين كل برنامج وآخر بعدم تسرعه في الانشغال بعمل ما، بقدر حرصه على تقديم برنامج يتماشى مع متطلبات المقتضى الإعلامي . وقال «التواجد بشكل دائم على الشاشة غير مجد للطرفين، سواء بالنسبة لمقدم البرامج أو الجمهور، فالأول سيصبح غير قادر على الإيفاء بشرط التميز والتأني في قبول البرامج المميزة، والثاني قد يصل إلى حد التشبع، ثم الملل، وهو ما يسميه النجوم (الحرق الإعلامي)».

ونفى ما يراه بعضهم أن «القوة العاشرة» هو كتيب معلومات إحصائية تلقى بشكل أسبوعي على المشاهدين، وقال «البرنامج نجح في دول كثيرة تسبقنا بعقود في مجال برامج المسابقات، على الرغم من ذلك، حظيت نسخته التي تبث حالياً على شاشة« إم بي سي» بخصوصية عربية، استفادت من نتائج بحوث أعدتها شركة كبرى متخصصة في هذا المجال على مجتمعات عربية معينة، لتقدم في النهاية المعلومة بثوب إعلامي مشوق، يتواءم مع تقاليد ذلك النوع من البرامج، مع الاحتفاظ بأسلوبي الذاتي، وأيضاً حرفية القائمين على البرنامج في قناة (إم بي سي) الفضائية العريقة».


وقال قرداحي إن آلية استنساخ برامج غربية مميزة لا تعيب القنوات العربية الفضائية، واعتبرها ضمن سياق استيراد أوسع لثمار تقدم علمي وتطور ثقافي غربي، ودافع بشكل رئيس عن اعتماد معظم برامجه على نهج شراء حقوق الاستنساخ.

وأكد أن «إنجازات برنامج من سيربح المليون في نسخته العربية متفوقة على نسخ كثيرة مماثلة عالمياً، بشكل يجعلة ظاهرة عربية غير قابلة للتكرار»، معتبراً أن فترة تقديمه لهذا البرنامج بالتحديد هي «الأكثر ألقاً» في مسيرته الإعلامية التي بدأها في التلفزيون اللبناني، قبل أن يزاول الكتابة الصحافية، ومن ثم العمل الإذاعي في محطة مونت كارلو في باريس، ليشكل البرنامج العربي المستنسخ نقلة فارقة في حياة قرداحي العملية الذي أصبح على إثرها وجهاً مألوفاً في كل بيت عربي، لا سيما بعد اشتراكه في إعلانات تجارية كثيرة .

ورأى قرداحي أن صناعة البرامج «أصبحت بمثابة علم قائم بذاته، تغيب الكثير من مهارة إجادته عربيا»، وأن ظاهرة استنساخ برامج غربية قد تكون «أحد الحلول الرئيسة للتميز عربياً، في ظل اتجاه أكثر شمولية لاستيراد الكثير من النتاج العلمي والمعرفي والثقافي الغربي».

واعتاد قرداحي أن يقدم على قرارات تحول كثيرة في مسيرته المهنية، ما بين كتابة صحافية في بيروت، إلى تقديم برنامج إذاعي في باريس، إل آخر تلفزيوني في «إم بي سي»، لم تبق مسيرته الإعلامية في تصاعد على طول الخط، بعدما اختار أن يترك «إم بي سي» عقب نجاح «من سيربح المليون»، وخلافات على قيمة أجره الجديد، إلى برنامج «افتح قلبك» على «إل بي سي» اللبنانية، قبل أن تفلح جهود الوساطة وعروض زيادة أجره في عودته إلى « إم بي سي» مرة ثانية، في برنامج آخر هو «من سيربح المليونين»، على أمل مضاعفة نجاح البرنامج الأول، أو على الأقل تكراره.

نادم على «التحدي»

وعلى الرغم من أن البرنامج الجديد باعتراف قرداحي لم يلبّ شروط تخطيطه لتحقيق مستوى أكبر من الشهرة والانتشار، فإن البرنامج التالي، وهو «التحدي» كان الأكثر تأثيراً بشكل سلبي في شعبية قرداحي الذي سعى بالفعل إلى إسقاطه من سجله الإعلامي، في استعراض مسيرته مع «الإمارات اليوم»، مؤكداً أنه لن يندم على قرار قط بقدر ندمه على تقديم «التحدي» . وقال «سادت العقلية التآمرية فرقا عربية مشاركة كثيرة، وأخذ بعضهم يفترض أن هناك من يسرب الأسئلة لمصلحة فريق بعينه، في مشهد لم يبتعد كثيراً عن المشهد السياسي العربي».

ولم يخف قرداحي حقيقة افتقاده تحقيق علاقة خصوصية مع ضيوف برنامج «التحدي» على خلاف «من سيربح المليون»، وقال «هذه واحدة من أسباب ضعف البرنامج، لكنها تعود إلى أن المتسابقين كانوا فرقاً وليسوا أفراداً، ووقت التصوير كان يتم تحت ضغوط اليوم الرمضاني، بكل ما يحمله من افتقاد وترقب لعودة المتسابقين أنفسهم إلى دولهم، حيث كانت حلقات البرنامج تصور بالكامل في القاهرة».

في المقابل، دافع قرداحي عن المتابعة الإعلامية والجماهيرية الضعيفة لبرنامج «افتح قلبك»، مقارنة بـ«من سيربح المليون»، معتبراً أن المقارنة نفسها أحد أسباب تلك النتيجة . وأوضح أن الإشكالية التي واجهها ذلك البرنامج على «إل بي سي» مقارنته بـ«من سيربح المليون» على «إم بي سي»، على الرغم من أن الأول موجه إلى شريحة معينة من الجماهير، ومعروف قبل تقديمه أنه سيكون أكثر جذباً للجنس الناعم ما سيفقده شرائح أخرى مهمة، على عكس برنامج مسابقات من الممكن أن يستهدف مختلف الشرائح العمرية والثقافية المتباينة.

وبرر قرداحي اعتماده بشكل رئيس على البرامج المستنسخة، وجديدها «القوة العاشرة» الذي يقدمه حالياً على شاشة «إم بي سي»، بغياب صناعة برامج عربية قوية، معتبراً أن هذا الاستيراد «منسجم مع حالات استيراد عامة، تذهب معظمها في اتجاه واحد من الغرب إلى الشرق». وقال «إذا كنت تتحرى تقديم برنامج مميز للمشاهد، عليك أن تبحث عن الأجود، كي تستطيع أن ترتفع بسقفه إلى طموحك الشخصي والخط الإعلامي المميز للقناة التي تنتمي إليها».

ورأى أن الاتجاه إلى شراء حقوق استنساخ برنامج عالمي لا يمثل نقيصة إعلامية، بقدر ما هو «تجاوب مع اتجاه التيار العولمي الذي فرض نظمه وأقانيمه على العالم بأكمله». وأعرب عن أمنيته كإعلامي عربي بأن «يكون لدى مؤسساتنا الإعلامية المعنية بصناعة البرامج التلفزيونية ما تورده إلى الآخر الغربي يوما ما».

ويوضح قرداحي أنه ليس معنى ذلك أن البرنامج المستنسخ سيمثل نقلاً حرفياً لنظيره الغربي، وقال «في حالة (من سيربح المليون) في نسخته التركية، على سبيل المثال، كان مقدم البرنامج شديد الجدية، وهو أمر يكاد يتناقض مع أسلوبي في النسخة العربية من البرنامج الذي لجأت فيه إلى (المزحة الخفيفة) التي لا تصل إلى حد السطحية والاستخفاف، ولا تخرج ببرنامج مسابقات إلى جانب الجدية المبالغ فيها».

قرداحي يتوسط أفراد عائلته. أ.ف.ب

تويتر