الأقصى والكعبة بعيدان الثقاب

توفيق ضاهر أمام برج إيفل أ.ف.ب

جلّ ما يحتاجه توفيق ضاهر في مشروعاته هو عيدان الثقاب. فبعد برج إيفل وسفينة تايتانيك يعتزم هذا اللبناني المقعد صنع مجسّم ضخم للمسجد الاقصى في القدس لضمه الى مجموعة من مجسمات لمعالم شهيرة يعرضها في منزله. امام منزل ضاهر في قرية الفريكة «شمال بيروت»، ينتصب مجسّم برج ايفل، البالغ ارتفاعه سبعة امتار، وكلف تنفيذه 11 ألف دولار، صنعه ضاهر في اربعة اعوام مستعيناً بستة ملايين عود ثقاب وأناره بـ6240 مصباحاً من الحجم الصغير. ويقول ضاهر إن المجسّم «ينقصه العلم الفرنسي موقعاً من سيد الاليزيه».

لا تمنع الاعاقة ضاهر الخمسيني الذي يتنقل على كرسي متحرك، من ان ينجز هذه المجسمات الضخمة منذ ،1996 عندما كان يمضي عقوبة بالسجن بسبب اقدامه على قتل الرجل الذي تسبب بإصابته بالشلل برصاصة من سلاحه، بسبب خلاف على بيع سيارة. وكان اول ما صنعه ضاهر بعيدان الثقاب في سجنه الذي دخله العام ،1993 بعض الاشياء الصغيرة، ويروي انه استخدم 63 عود كبريت لصنع غلاف لولاعة السجائر، ثم انتقل الى صنع اطارات للصور وعلب للمحارم ومجسمات صغيرة. اثارت اعماله اعجاب زملائه السجناء فراحوا يتهافتون للحصول على منتجاته الصغيرة، ويقول «كنت اقدمها لكل من يخدمني او يساعدني»، مضيفاً «فكرت اني سأخرج يوماً ما من السجن وسأشارك في معرض وسأظهر للناس ما انجزته في السجن».

خرج ضاهر من السجن في 1997 واعاد تأهيل المجسمات التي كان يرسلها مع والدته، اذ كانت مهملة، وفي ديسمبر ،1997 شارك للمرة الاولى في معرض تعرف فيه الجمهور الى اعماله. وفي العام ،2000 انجز ضاهر مجسماً للسفينة «تايتانيك» من ست طبقات، بارتفاع 180 سنتيمتراً وطول ثلاثة امتار ونصف المتر، وبلغت كلفته 7600 دولار اميركي، ودخل بفضله في اغسطس 2002 موسوعة «غينيس» العالمية للارقام القياسية. واستلزم تنفيذ المجسم الذي استخدم فيه 18 مليوناً و400 الف عود كبريت، وزيّنه بـ2100 من الأضواء الصغيرة، 6600 ساعة عمل. ويوضح انه يعتمد في تمويل مشروعاته على بعض المتبرعين المؤمنين بعمله.

ويكشف ضاهر انه يستعد في الوقت الراهن لانجاز ثلاثة مجسمات، هي المسجد الاقصى واهرامات مصر والكعبة المشرفة، ويقول في هذا الشأن «اعتقد اني سأبدأ بالمسجد الاقصى، وسأقوم بعمل مدهش، لكني انتظر من يموّل هذا المشروع في اقرب وقت».

ويقر ضاهر بأنه يعمل دائماً على انجاز مجسمات ضخمة ليثير «دهشة الناس»، موضحاً «لم اشأ أن أحصر نفسي بانجاز المجسمات الصغيرة، لاني ادركت اني سأبقى في مكاني بين اربعة جدران، ولن اتقدم. حيث انني عندما بدأت بانجاز قطع ضخمة، ذاع صيتي»، ويضيف «هذه الهواية رفعت معنوياتي. جعلتني فخوراً. اشعر انني واقف على قدمي كأي إنسان، لا بل أفضل».

ويتابع «تعرضت للشلل وأنا في ريعان شبابي وشعرت بأن أقرب الناس الي، لم يعودوا كذلك. تراجع عدد اصدقائي، وضاقت بي الدنيا، وزاد الامر سوءاً عندما دخلت السجن. هدفي من كل اعمالي هو إظهار أن في إمكان المقعد ان يقدم الكثير. حققت كل ذلك من لا شيء، من عود كبريت. الأمر يشبه الحلم».

ولا يحبّذ ضاهر بيع مجسّماته. ويقول في هذا الصدد «كنت أبيع في ثلاثة ايام بعض المجسمات التي يستغرق تحضيرها ثلاثة اشهر، وبأسعار لا تكفيني ولا تساوي ما بذلته من تعب وجهد».

ويعمل ضاهر على تحويل الطبقة السفلى من منزله متحفاً يعرض فيه مجسماته البالغ عددها الى الآن تسعة، منها ايضاً المركب التراثي «البوم» وقلعة بعلبك الاثرية الرومانية في منطقة البقاع «شرق لبنان»، ومزار السيدة العذراء في حريصا «شمال بيروت»، ويضيف أن «قيمة هذه القطع تكبر مع الزمن، وأفضّل ألا أنفصل عنها». ويخلص ضاهر الى القول «أود ان استغل كل ثانية من وقتي في العمل، فعندما لا أعمل، اشعر بأن حياتي تذهب هدراً».

تويتر