«المـال لا يغمض له جفن»

هل لنا أن نستعيد ما قاله غوردن جيكو في فيلم «وول ستريت» ،1987 لأننا نعيش أزمة اقتصادية؟ هل نردد ما قاله عن أن «الجشع شيء خيّر، إنه ناجح»؟ ونمضي خلف اعتبار أن هذا القول حجر أساس في انهيار الأسواق المالية التي صار فيها الجشع فعلاً يومياً ضمن نظام مالي متكامل يقدسه، أم أن مناسبة هذه الاستعادة هو الحديث عن جزء ثانٍ من «وول ستريت»، تنوي شركة «سنشري» انتاجه عام ،2011 وليجسد فيه مايكل دوغلاس مجدداً شخصية غوردن، من دون شارلي شين الذي لعب شخصية باد فوكس.

الأخبار المتداولة عن الفيلم كانت لا تجزم بقيام أوليفر ستون بإخراجه، والآن صارت تؤكد ذلك، ومن غيره لنا أن نعلق، وكيف يمكن أن يكون عليه الجزء الثاني من الفيلم من دون أن يكون بتوقيعه، وإن حمل عنوانا مغايراً هو Money Never Sleeps (المال لا يغمض له جفن).

عنوان معبر تماماً، فعيون المال والأعمال مفتوحة على العالم، ولن يغمض لها جفن في كل يوم ما لم تغنم أرباحاً متواصلة ومتراكمة، وهذا تفسير للعنوان مستقدم من الجزء الأول من الفيلم . ولعل التوقيت مناسب لاستعادة «وول ستريت» كما قدمه أوليفر ستون، كوننا نعيش نتائج ما سادها من مداولات، ومآزق الرأسمالية المتوحشة التي صار الربح فيها افتراضياً، وغير مرتبط لا بصناعة ولا زراعة، بل سندات وأوراق واعتمادات، الأمر الذي أضاءه بقوة «وول ستريت»، من خلال تركيزه على اللعب المالي وقواعده القذرة وانعدام أدنى حس أخلاقي، وكل ما أمامنا ورقي، وأسهم تحملها الشاشات لها أن تحلق عالياً، ولها أن تهبط إلى القاع، جنون المال، توحشه، وكل ما عليك التحلي به هو إطلاق الشائعات واختيار التواقيت المناسبة، وعلى شيء نشاهد فيه تعاليم جيكو وهي تشكل شخصية فوكس، أو وهو يقول له «نحن من يقرر الحرب والسلم والمجاعات ورأس كل دبوس يصنع في هذا العالم»، ومن ثم جعله منغمساً تماماً في دنيا المال والأعمال، ونظامها الصارم الذي لا يعرف إلا الأرقام، إلى درجة يتصادم فيها مع والده النقابي العتيد، صارخاً به جيكو «إياك أن تظن أننا في بلد ديمقراطي، إنها سوق حرة، وعليك أن تتحلى فيها بغريزة قاتل».

في الجزء الثاني، سيكمل مايكل دوغلاس تجسيد شخصية غوردون جيكو الذي يكون قد أمضى فترة عقوبته في السجن، وعاود بناء أمجاده السابقة من جديد، ولعل متلقي تعاليمه هذه المرة سيكون من خلال شيا لابوف الذي سيقفز من «التراسفورمر»، ويستقر في دنيا المال والأعمال. طبعاً هذا افتراض مبني على أنه سيكون خطيب ابنة جيكو. ومن المشاركين في الفيلم أيضاً خافيير بارندوم الذي لم يجرِ تداول أية أخبار متعلقة بالشخصية التي سيقدمها.

سؤال يفرض نفسه لدى بناء توقعات عما سيحمله الفيلم، سؤال متعلق بالأزمة المالية ومدى توثيق الفيلم لها ونتائجها، الشيء الذي يبقى افتراضاً قد يجد مشروعيته بأن في الفيلم مقاربة ثانية لشارع المال والأعمال في نيويورك، وبناءً جديداً للعلاقات وأخلاقيتها التي تسوده، وكل ذلك سيكون بمقاربة لنا أن نتوقع كونها إشكالية طالما أن مخرج الفيلم هو أوليفر ستون.

تويتر