الأرمن الفلسطينيون.. أنشأوا أول ورشة تصوير في القدس

ينتمي الأرمن إلى المجتمع الشرقي المحافظ، وتمتد جذورهم في فلسطين إلى 1700 عام مضت، ولهم حي خاص في سدس مساحة البلدة القديمة من القدس، فهم فلسطينيون مقدسيون أبا عن جد، يتمسكون بجذورهم ويعتزون بها، ويتميز الأرمن بذكائهم الحرفي والصناعي، فهم أول من انشأ ورشة للتصوير، وثاني من ادخل الطباعة إلى فلسطين، أتقنوا فن الخزف والقيشاني والخياطة والصياغة، وكان شيخ الصيادلة يصنع الأدوية بيديه.

والأرمن كونهم جزءاً لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، عانوا من المجازر والتشريد والتهجير، وهو سبب يجعل الأرمن يتمسكون بوطنهم الأصلي «أرمينيا» ويحافظون على لغتهم وعاداتهم وثقافتهم، وفي الوقت نفسه يعتزون بأنهم فلسطينيون وجزء لا يتجزأ من المجتمع المقدسي. يقول المؤرخ البرت اغازريان «وصل الارمن الى القدس في القرن الثالث الميلادي واستقروا فيها، ولهم بطريركية خاصة، إضافة إلى مراكز لضيافة الحجاج الأرمن، وهم الطائفة المسيحية الثالثة بعد الروم الأرثوذكس واللاتين»، مشيرا الى موجات هجراتهم من أرمينيا، وأن احد ملوك الأرمن اقام في القرن الأول قبل الميلاد مملكة من أرمينيا إلى شمال عكا، واستمر حكمه 10 سنوات.

ويبين المؤرخ أغازريان أن اللغة الأرمنية خليط بين اللغات الهندية والأوروبية والكردية والفارسية، ولها أبجدية خاصة مكونة من 38 حرفا، وبدأ استخدامها العام 629 ميلادية، وقبلها كان الأرمن يكتبون بالأحرف المسمارية.

جغرافيا وعادات

ويضيف أن «عدد الأرمن في فلسطين يبلغ 3000 نسمة يتوزعون بين القدس القديمة وبيت حنينا وشعفاط وبيت لحم والمدن الساحلية في حيفا وعكا، وقد جاءت المجموعات الكبيرة إلى القدس ضمن هجرة واسعة شملت بلاد الشام بعد مجزرة الارمن عام ،1915 هربا من بطش الأتراك».

ويصف المؤرخ أغازريان المجتمع الأرمني بأنه شرقي محافظ يعتمد ضوابط سلوكية للعادات وقواعد لأصول الحياة، وهي طائفة نشطة رغم صغر حجمها.

وحول المجتمع المقدسي، يقول «إنه مجتمع تعددي كل من يعيش فيه يستطيع الانخراط فيه دون أن يفقد هويته الأصلية»، مشبها المجتمع المقدسي بالثوب المطرز، فكله وحدة واحدة، ولكن كل جزء له لون خاص، فلا فرق بين المقدسيين باختلاف طوائفهم ودينهم.

ويتقن الأرمن الصناعات المختلفة ويبدعون فيها، وقال أغازريان إن «الأرمن انشأوا أول ورشة للتصوير في البلدة القديمة من القدس العام ،1834 وقد أدخلوا الطباعة العام 1833 ولتكون ثاني مطبعة في فلسطين، كما أن الأرمن خبراء في صناعة الخزف والقيشاني، وصناعة الأحذية والصياغة والخياطة ونشروا الصناعات في بعض مدن الضفة، كما أن شيخ الصيادلة في ذلك الوقت كان يصنع الدواء بيديه وهو الصيدلي نوبار ارسليان».

وأوضح المؤرخ أغازريان أن الأرمن انهمكوا على مدار العقود السابقة في أن يكونوا جسورا بين شعوب المنطقة، لكن سياسة الاحتلال الإسرائيلي تعمل على نسف الجسور الممدودة، ذلك أن سياستها واضحة تتمثل في مواصلة الاستيطان ورفض قيام الدولة الفلسطينية.

تويتر