حي «الشيخ جرّاح» في القدس ذاكرة ثقافية تواجه التهويد
تميز بالرقي بين الأحياء المقدسية المجاورة، عاشت به عائلات مشهورة، وأصبح محجاً للشعراء والأدباء العرب من بقاع مختلفة، استذكره الشاعر العراقي معروف الرصافي في إحدى زياراته إلى مدينة القدس، فقال «وكان فيها النشاشيبي يسعفني وكنت فيها خليلاً للسكاكيني». إنه حي «الشيخ جراح» أحد معالم مدينة القدس، وأكثر أحيائها ارتباطا بالتاريخ، تفوح منه رائحة الأدب والثقافة حتى أسماه الكثيرون «ذاكرة القدس الثقافية» إلا أنه بات الآن مهدداً بفقدان هويته في ظل استمرار الاحتلال والسيطرة على بيوته بيتاً تلو الآخر.
وعلى مدار السنوات الماضية يتعرض الحي إلى هجمة إسرائيلية تهدف إلى السيطرة عليه وكسر الحلقة العربية التي تشكلها هذه الأحياء حول البلدة القديمة من مدينة القدس، بلغت أشدها في الربع الأول من عام ،2009 وكان أحدثها طرد عائلتين من أهالي الحي مطلع هذا الأسبوع وإحضار جماعات استيطانية للسكن مكانهما.
ذاكرة ثقافية
ووصف مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل التفكجي «يشكل (الشيخ جراح) قلب مدينة القدس، فهو يعتبر من الأحياء الفلسطينية العربية التي تحيط بالبلدة القديمة للمدينة. شكل الحي عبر التاريخ محطة ثقافية تتسم بالعراقة والرقي نتيجة لوجود العديد من العائلات الفلسطينية الراقية فيه، وهو ما جعله مقصداً للعديد من المثقفين والأدباء».
وتقع في الحي بعض المعالم الثقافية مثل القصر الذي كتب وعاش فيه أديب العربية إسعاف النشاشيبي (1882-1948م)، وبنى النشاشيبي قصره في حي الشيخ جراح، ليس بعيدا عن مقام الشيخ السعدي، وزخرفه بقطع الموزاييك الأزرق التي مازالت تزينه حتى الآن. وفي هذا القصر حل كثيرون من أعلام الأدب العربي منهم الشاعر بشارة الخوري (الأخطل الصغير) وحافظ إبراهيم (شاعر النيل) والشاعر العراقي معروف الرصافي، الذي نزل ضيفاً في هذا القصر وذكره في إحدى قصائده.
دوافع السيطرة
وأوضح التفكجي الأسباب التي يوظفها الاحتلال للسيطرة على الحي «السيطرة على الحي تستهدف بلوغ هدفين أساسيين؛ يتمثل أولهما في أن هذا الحي يعتبر أحد الأحياء العربية الملاصقة للبلدة القديمة، فيما يمثل الهدف الثاني تفكيك التواصل السكاني بين الأحياء العربية كون «الشيخ جراح» يقع وسط الأحياء العربية التي تشكل الدائرة الأولى حول البلدة القديمة للقدس». و«الشيخ جراح» واحد من مجموعة أحياء بدأ الاحتلال السيطرة عليها تحت حجة عدم وجود تراخيص أو إثباتات لدى العائلات الفلسطينية التي تسكنها، ومن هذه الأحياء أيضا حي البستان الذي يقع في حي سلوان.
تهجير مرتين
آمال القاسم ابنة إحدى الأسر الفلسطينية التي تعرضت للهجرة القسرية عام 48 من أرضها، لتستقر في هذا الحي على أمل العودة، قالت «هجرت عائلتي في عام النكبة وانتقلت للعيش في (الشيخ جراح)، واليوم يحاولون تهجيرنا مرة ثانية».
تحاول استجماع ذاكرتها التي رسمتها خلال 40 عاماً من حياتها «في عام 1956 وقّعت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين عقداً مع الحكومة الأردنية لبناء وحدات سكنية مقابل دفع مبالغ رمزية رسوماً سنوية لمدة ثلاث سنوات، ثم تنتقل ملكية البيوت تلقائياً لنا. تنازلنا عن حقنا في الغذاء مقابل الحصول على منزلنا، فـ(وكالة الغوث) خيّرتنا بين الحصول على الغذاء أو الحصول على المسكن، ونحن وقتها اخترنا المسكن ودفعنا أقساطه للحكومة الأردنية آنذاك».
باقون هنا
بدورها ريما عيسى تحاول رسم المعاناة المستمرة التي يعيشها أهالي الحي «حالة من الخوف الدائم تسيطر علينا، الكل ينتظر دوره في الإخلاء. لكن رغم ذلك نحن متمسكون ببيوتنا هذه، هنا ولدنا وتربينا ولن نترك هذا المكان مهما كلف ذلك». وتشير ريما إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يساوم أهالي الحي على وجودهم «يتم تخييرنا بين أن ننصاع لأوامر الإخلاء أو قضاء فترات في السجون، إلا أننا سنبقى صامدين ولن نترك بيوتنا».
وتذكر ريما أحد الأمثلة على ذلك، ما تعرض له المواطن ماهر حنون الذي تم اعتقاله أول مرة لمدة ثلاثة أشهر، وها هو الآن يواجه محاكمة جديدة بعد أن رفض أوامر الإخلاء.
وحول ما يعيشه أهالي الحي من عدم استقرار لوجود بعض الجماعات الاستيطانية التي استولت على بعض بيوت الحي تقول ريما «هناك الكثير من العائلات الفلسطينية تتعرض لمضايقات مستمرة من قبل المستوطنين، هناك بعض البيوت أصبح مدخلها ملاصقاً للمستوطنين، ومنذ الاستيلاء يخشى أصحابها النوم خوفاً من اقتحام المنزل عليهم ليلاً».
ويعيش في الحي نحو 55 عائلة فلسطينية من بينها عائلة النشاشيبي، وعائلة حنون، والقاسم، والسكاكيني والكثير من العائلات الفلسطينية المشهورة الأخرى، ويبلغ عدد سكان الحي نحو 600 مواطن فلسطيني أغلبهم تعود أصوله إلى عائلات تم تهجيرها عقب نكبة العام .48
وعلى مدار السنوات الماضية يتعرض الحي إلى هجمة إسرائيلية تهدف إلى السيطرة عليه وكسر الحلقة العربية التي تشكلها هذه الأحياء حول البلدة القديمة من مدينة القدس، بلغت أشدها في الربع الأول من عام ،2009 وكان أحدثها طرد عائلتين من أهالي الحي مطلع هذا الأسبوع وإحضار جماعات استيطانية للسكن مكانهما.
ذاكرة ثقافية
ووصف مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية في القدس خليل التفكجي «يشكل (الشيخ جراح) قلب مدينة القدس، فهو يعتبر من الأحياء الفلسطينية العربية التي تحيط بالبلدة القديمة للمدينة. شكل الحي عبر التاريخ محطة ثقافية تتسم بالعراقة والرقي نتيجة لوجود العديد من العائلات الفلسطينية الراقية فيه، وهو ما جعله مقصداً للعديد من المثقفين والأدباء».
وتقع في الحي بعض المعالم الثقافية مثل القصر الذي كتب وعاش فيه أديب العربية إسعاف النشاشيبي (1882-1948م)، وبنى النشاشيبي قصره في حي الشيخ جراح، ليس بعيدا عن مقام الشيخ السعدي، وزخرفه بقطع الموزاييك الأزرق التي مازالت تزينه حتى الآن. وفي هذا القصر حل كثيرون من أعلام الأدب العربي منهم الشاعر بشارة الخوري (الأخطل الصغير) وحافظ إبراهيم (شاعر النيل) والشاعر العراقي معروف الرصافي، الذي نزل ضيفاً في هذا القصر وذكره في إحدى قصائده.
دوافع السيطرة
وأوضح التفكجي الأسباب التي يوظفها الاحتلال للسيطرة على الحي «السيطرة على الحي تستهدف بلوغ هدفين أساسيين؛ يتمثل أولهما في أن هذا الحي يعتبر أحد الأحياء العربية الملاصقة للبلدة القديمة، فيما يمثل الهدف الثاني تفكيك التواصل السكاني بين الأحياء العربية كون «الشيخ جراح» يقع وسط الأحياء العربية التي تشكل الدائرة الأولى حول البلدة القديمة للقدس». و«الشيخ جراح» واحد من مجموعة أحياء بدأ الاحتلال السيطرة عليها تحت حجة عدم وجود تراخيص أو إثباتات لدى العائلات الفلسطينية التي تسكنها، ومن هذه الأحياء أيضا حي البستان الذي يقع في حي سلوان.
تهجير مرتين
آمال القاسم ابنة إحدى الأسر الفلسطينية التي تعرضت للهجرة القسرية عام 48 من أرضها، لتستقر في هذا الحي على أمل العودة، قالت «هجرت عائلتي في عام النكبة وانتقلت للعيش في (الشيخ جراح)، واليوم يحاولون تهجيرنا مرة ثانية».
تحاول استجماع ذاكرتها التي رسمتها خلال 40 عاماً من حياتها «في عام 1956 وقّعت وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين عقداً مع الحكومة الأردنية لبناء وحدات سكنية مقابل دفع مبالغ رمزية رسوماً سنوية لمدة ثلاث سنوات، ثم تنتقل ملكية البيوت تلقائياً لنا. تنازلنا عن حقنا في الغذاء مقابل الحصول على منزلنا، فـ(وكالة الغوث) خيّرتنا بين الحصول على الغذاء أو الحصول على المسكن، ونحن وقتها اخترنا المسكن ودفعنا أقساطه للحكومة الأردنية آنذاك».
باقون هنا
بدورها ريما عيسى تحاول رسم المعاناة المستمرة التي يعيشها أهالي الحي «حالة من الخوف الدائم تسيطر علينا، الكل ينتظر دوره في الإخلاء. لكن رغم ذلك نحن متمسكون ببيوتنا هذه، هنا ولدنا وتربينا ولن نترك هذا المكان مهما كلف ذلك». وتشير ريما إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يساوم أهالي الحي على وجودهم «يتم تخييرنا بين أن ننصاع لأوامر الإخلاء أو قضاء فترات في السجون، إلا أننا سنبقى صامدين ولن نترك بيوتنا».
وتذكر ريما أحد الأمثلة على ذلك، ما تعرض له المواطن ماهر حنون الذي تم اعتقاله أول مرة لمدة ثلاثة أشهر، وها هو الآن يواجه محاكمة جديدة بعد أن رفض أوامر الإخلاء.
وحول ما يعيشه أهالي الحي من عدم استقرار لوجود بعض الجماعات الاستيطانية التي استولت على بعض بيوت الحي تقول ريما «هناك الكثير من العائلات الفلسطينية تتعرض لمضايقات مستمرة من قبل المستوطنين، هناك بعض البيوت أصبح مدخلها ملاصقاً للمستوطنين، ومنذ الاستيلاء يخشى أصحابها النوم خوفاً من اقتحام المنزل عليهم ليلاً».
ويعيش في الحي نحو 55 عائلة فلسطينية من بينها عائلة النشاشيبي، وعائلة حنون، والقاسم، والسكاكيني والكثير من العائلات الفلسطينية المشهورة الأخرى، ويبلغ عدد سكان الحي نحو 600 مواطن فلسطيني أغلبهم تعود أصوله إلى عائلات تم تهجيرها عقب نكبة العام .48