عادات وتقاليد وطقوس خاصة الأقصى يزدان في رمضان
نحلق في سماء القدس في رمضان.. نشتم رائحة القطايف من بين جنبات أسواقها، ونرتوي من ينابيع أصالتها بشراب الخروب والسوس، أما أضواء الزينة.. هلال هنا ونجوم هناك ألوان بهية تلون ليلها الصيفي اللطيف. صوت الأذان في المسجد الأقصى يرتفع عالياً يعلن إسلاميتها وعروبتها ويدعو رواده، إلى حيث الطمأنينة والسكينة، أما أسواقها الصاخبة فتسمع أصوات البائعين بفواكه وخضار، حلويات وموالح، ألعاب وهدايا، تجذب المتسوقين. وتتميز القدس في رمضان عن غيرها من المدن العالمية بوجود المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث المساجد التي يشد إليها الرحال، وفيها المدفع الأثري الذي يعلن انتهاء يوم الصيام، كما أنها تتميز ببعض العادات الاجتماعية المتوارثة جيلاً عن جيل.
الأقصى في رمضان
الأقصى في رمضان، يزهو بالمصلين ويرحب بالصائمين من أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة كافة، وللتسهيل عليهم وضمان راحتهم، أوضح مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس الشيخ عزام الخطيب أن «الدائرة قامت بالتنسيق مع المؤسسات المقدسية المختلفة والكشافة وشباب القدس لإعداد برامج يومية للوعظ والإرشاد، كما قامت بإدخال اللوازم الطبية كافة إلى المراكز الصحية لتوفير الرعاية الصحية للمصلين، كما تم زيادة أعداد الكشافة هذا العام للحفاظ على أعلى درجة من النظام وللمساعدة في ضبط الأوضاع، بالإضافة إلى زيادة أعداد العاملين في النظافة». كما ستعمل دائرة الأوقاف بالتنسيق مع المؤسسات الداعمة على توفير الوجبات الساخنة اليومية، والتي من المتوقع أن تصل ذروتها ليلة القدر بأكثر من 100 ألف وجبة. أما صلاة التراويح فما أن يرفع المؤذن صوته بإقامة الصلاة حتى يسارع الجميع رجالاً ونساءً، أطفالاً وشيوخاً إلى الاصطفاف في صفوف متتالية تبدأ من داخل المسجد الأقصى حتى تصل إلى أبواب الحرم القدسي الشريف الخارجية، ويجهز كل مصل نفسه لأداء صلاة العشاء ثم صلاة التراويح، حيث يلتقي الأهل والأصدقاء في أجواء إيمانية وفرحة بهذه الليالي المباركة.
مدفع رمضان
وما يميز أذان المغرب في رمضان القدس صوت تعود عليه المقدسيون منذ مئات السنين وهو صوت مدفع رمضان حتى أصبح إرثاً يحافظ عليه، حيث يقع المدفع في المقبرة الإسلامية في شارع صلاح الدين وسط المدينة، وقد دأب المواطن المقدسي رجائي صندوقة على ضرب المدفع منذ ما يزيد على 30 عاماً. وأشار صندوقة إلى أنه يتعرض لضغوط كبيرة خلال عمله، حيث يتوجب عليه الحصول على تصريح من قبل بلدية القدس وخبير المتفجرات والأمن والشرطة قبل شهرين من موعد رمضان، منوهاً بأنه كان يستخدم مادة البارود في ضرب المدفع حتى أواخر الثمانينات خلال الانتفاضة الأولى، وبعد ذلك أصبح يستخدم القنابل الصوتية.
ويصف مشاعره واهتمامه بضرب المدفع قائلاً «أعتبر ضرب المدفع ثروة كبيرة على الرغم مما أعانيه من تعب وإرهاق طيلة أيام الشهر الكريم، وأتمنى تناول طعام الإفطار في منزلي كبقية الناس والشعور بالأجواء الرمضانية، فيومياً أتوجه إلى مقبرة باب الساهرة قبل نصف ساعة من موعد الإفطار، وفجراً أتوجه للمقبرة لضرب مدفع أذان الفجر على الرغم من الظلام ووحشة القبور، وفي الأعياد أقوم في أول أيام العيد بضرب المدفع سبع مرات بعد صلاة العيد إيذاناً بحلول العيد».
يا نايم.. وحد الدايم
المسحراتي الحاج إبراهيم سنقرط يعمل منذ عام 1981 في هذه العادة الرمضانية لأنها «عمل خيري تقرب العبد إلى الله حيث ينبه الناس للقيام إلى صلاة الفجر والسحور سنة رسول الله»، وأضاف سنقرط «أستخدم الطبل وأردد العبارات المختلفة مثل (يا نايم وحد الدائم، وقوموا على سحوركم أجا رمضان يزوركم) لإيقاظ الناس، حيث أجول في مناطق باب الساهرة وشارع صلاح الدين وواد الجوز». وأوضح أنه منذ ليلة القدر يبدأ بجمع العيديات من الناس الذين كان يوقظهم، وذكر أن جده كان يعمل مسحراتياً في الخليل منذ أيام الإنجليز، وقال «نحن عائلة تمتاز بقوة القلب والإيمان فلا نخاف من عتمة الليل وهدفنا مرضاة الله».
فعاليات وأمسيات
واحتفالاً بحلول الشهر الكريم كونت 10 مؤسسات مقدسية ائتلافاً من أجل رمضان للقيام بفعاليات عدة خلال أيامه ولياليه، حيث كانت أولى الفعاليات تنظيم مسيرة أطفال الفوانيس التي انطلقت مساء الجمعة «ليلة ثبوت رمضان» من سوق القطانين قرب المسجد الأقصى المبارك مروراً بشارع الواد وصولاً إلى باب العمود، حيث حمل الأطفال المشاركون الفوانيس المضيئة ورددوا أهلاً رمضان.. رمضان كريم، وفي مقدمة المسيرة كانت فرقة البيارق المقدسية تعزف وتنشد للأطفال. وأوضح منسق الائتلاف المقدسي ومدير جمعية الرازي للثقافة والمجتمع جميل دويك، أن مثل هذه المسيرات هدفها استرجاع الماضي لتأكيد إسلامية القدس وعروبتها في وجه التهويد الذي تعيشه هذه الأيام، وأضاف «في الائتلاف سنثبت أن القدس مدينة عربية من خلال الفعاليات التي ستقام في المؤسسات».
التكية تطعم الفقراء
ومن الأشياء المميزة في القدس لاسيما في رمضان الشوربة الساخنة المقدمة من التكية «خاصكي» سلطان العاملة منذ مئات السنين حيث يزداد عدد الوافدين إليها من الصائمين، من فقراء وغيرهم للحصول عليها. والتكية التي تقع بين شارع الواد وخان الزيت تقدم وجباتها الساخنة يومياً خلال رمضان وغيره، على الرغم مما تعانيه من قلة الموارد المالية حيث تعتمد على المحسنين والميسورين.
أسواق القدس
أما الأسواق المقدسية فهي حتى ساعات الظهيرة تكون هادئة، لكن أصحاب المحال يستعدون لفترة ما قبل الغروب، حيث تزدحم الأسواق والطرقات.. ويحاول الجميع إنهاء مشترياته والتواجد في بيته قبل أذان المغرب، أما محال الحلويات والمطاعم وبائعو العصائر يسابقون الزمن لإعداد ما لذ وطاب من اجل بيعها للصائمين. وفي باب العامود أشهر أبواب المدينة القديمة تختلط الأصوات. باعة على البسطات يرغبون المارة في بضاعتهم، وأبواق السيارات والحافلات في الشارع المحاذي حيث يريد السائقون السير بسرعة، وأصوات سماعات محال بيع الأشرطة والاسطوانات بالقرآن والأناشيد الدينية، لتهدأ مع أذان المغرب.
القطايف.. سيدة الحلويات
وعندما يحل شهر رمضان لا يغيب عن البال حلوى القطايف، حيث يقبل الناس على شرائها بكميات كبيرة كما قال المواطن سامر زلاطيمو، ويضيف «ارتبطت القطايف بشهر رمضان حيث يكثر بيعها والإقبال عليها خصوصاً في أوائل وأواخر الشهر، ففي أوله يكون الناس مشتاقون لها، وفي أواخره يودعونها حيث تعتبر سيدة الحلويات». وقال زلاطيمو «تحتاج عجينة القطايف إلى خبرة عالية ليكون طعمها لذيذاً، وتتكون العجينة من الطحين والسميد والخميرة والسكر وكربونات الصوديوم»، وإضافة إلى القطايف تشتهر من المأكولات الرمضانية «البرازق والهريسة والكنافة والكلاج»، ومن المشروبات شراب الخروب والسوس واللوز والليمون.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news