معرض القرآن الكريم .. روعة النصّ وجمال الخطّ
يتميز معرض القرآن الكريم الذي تقيمه «مجموعة فرجام الفنية» في قرية البوابة في «مركز دبي المالي العالمي»، بالمزاوجة بين روعة النص القرآني والإبداع في كتابته وتذهيبه، إذ يضم المعرض أكثر من 100 نسخة يتجلى فيها جمال الفنون الإسلامية، وبراعة الخطاطين وحرفيتهم العالية ودقتهم في خدمة المصاحف والمخطوطات الإسلامية.
وينقل المعرض الذي افتتحه، أخيراً، سمو الشيخ ماجد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس إدارة هيئة دبي للثقافة والفنون «دبي للثقافة»، ويستمر حتى نهاية شهر أكتوبر المقبل، زائره إلى عبق التاريخ الإسلامي، عبر مجموعة من أندر وأجمل الخطوط التي كرست لإنتاج مصاحف تحاكي بشكل مباشر القرن الذي كتبت فيه، وعلى الرغم من عدم نسبة مصاحف كثيرة الى خطاطيها بسبب قدمها، فإن سنوات إصدارها كانت اكبر دليل على تاريخها القديم، فنسخ القرآن الكريم تأخد الزائر في رحلة تاريخية بين المناطق التي شهدت الإسلام، كمنطقة بلاد الرافدين التي يعرض منها مصحف كريم يعود الى القرن الثالث الهجري، وهو الأقدم من بين المجموعة المعروضة، لينتقل بعدها الى مخطوطة قرآنية كتبت بالخط الكوفي على ورق الرق ويعود موطنها الى ايران في القرن الثامن الهجري، وهي مكتوبة بيد أحمد بن السهرفردي.
«فرجام»تعدّ «مجموعة فرجام» من أهم مقتنيات الفنون الإسلامية ذات الملكية الخاصة وأرقاها في العالم، إذ تضم نخبةً من القطع الفنية الفريدة والنادرة التي تعود إلى عهود الإسلام المختلفة، وتشمل المجموعة أعمالاً تاريخيةً من المنطقة الشاسعة الممتدة بين إسبانيا في العهد الأندلسيّ وإمبراطورية المغول في الهند. وتشمل المعروضات نسخاً من القرآن الكريم، ومخطوطات أثريةً، وكتباً مصورةً في العلوم والرياضيات والشعر؛ ولوحات ومُنمنمات، ومشغولات معدنيةً مزخرفةً، ومشغولات مطليةً، وأخرى زجاجيةً، وقطعاً فخاريةً مصقولةً، ومشغولات خشبيةً، ومنسوجات مختلفة، وقطعاً نقديةً معدنيةً، ومجوهرات، وقطع سجاد، فضلاً عن أعمال فنية تعود إلى القرن الـ13 الهجري.المعرض يضم مقتنيات تجسد روعة الفن الإسلامي. |
ومن بين المقتنيات التي يضمها المعرض صفحتان من آيات الذكر الحكيم لقرآن قاجار، الذي يعتبر من النوادر التاريخية لأنه مخطوط بيد امرأة هي أم السلامة ابنة ملك قاجار فتحلي شاه ، التي عرفت بتفننها في أنواع كثيرة من الخطوط، وجمال قلمها ووقعه على الرق، إضافة الى وجود مخطوطة كاملة من منطقة سافيد في إيران يضم سور القرآن، خطت في النصف الأول من القرن العاشر الهجري، ما يقطع الشك باليقين بضرورة وجود قواعد صارمة كانت تسن لاعتماد الخطوط في نسخ القرآن لتخرج بالشكل الفني المحبب إلى أي عين تراه.
أم السلامة
وتعد المصاحف المكتوبة بالخط الحجازي الأكثر قيمة، ليس لرسم حروفها، بل بسبب قرب ذلك النوع من الخطوط الى الفترة الأخيرة من حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث اعتمد الخطاطون آنذاك الخط الحجازي لرسم حروف القرآن الكريم، ولذلك يعتبر «الحجازي» الأقرب الى نفوس الأجيال، حسب مديرة المقتنيات والمعارض في مجموعة فرجام، إيميلي فوريه، التي قالت ان «مكانة القرآن الكريم لدى المسلمين وكل الاشخاص المهتمين بأنواع الخطوط، تلزمنا بأن نكون صادقين وقريبين من المشاعر في طريقة انتقائنا أي قطعة نريد عرضها».
واضافت ان «أهمية أي مخطوط قرآني موجود ترجع إلى ندرته ضمن عدد محدود جداً من المخطوطات، اضافة الى دوره في إظهار تطور الخط العربي كوسيلة لإنجاز المصاحف على مر العصور».
ومن أهم أنواع الخطوط الموجودة في مصاحف فرجام خط النسخ، الذي اعتمدته أم السلامة في صفحتين من القرآن الكريم.
وشهد لأم السلامة كثيرون بأن خطها كان جميلاً جداً مقارنة بخطوط كبار الخطاطين آنذاك، بل أثبتت على مستوى التطبيق و الانجاز أنها تتحسس الضرورة، وتؤمن إيمانا عميقا بضرورة حفظ القرآن من خلال الابداع الذي يلفت النظر، ومنه الخط وأنواعه، فكانت نتاجاتها رفيعة المستوى، ومبهرة لجميع من شاهدها.
كوفي
وتتجسد في بعض مقتنيات المعرض روعة الخط الكوفي الذي يعد من أكثر الخطوط التي نسخت بها المصاحف قبل القرن الرابع الهجري، حيث بدأ بالكوفة وانتشر بعد ذلك في كل العراق والمناطق المجاورة ومنها إيران، وظهر ذلك في أروقة المعرض في المخطوطة القرآنية التي كتبت بيد أحمد بن السهروردي في القرن الثامن الهجري، الذي يعتبر من اشهر الخبراء في ذلك الوقت بأنواع الخطوط وأصول المصاحف وتاريخها.
ويعتمد الخط الكوفي في رسم حروف الآيات القرآنية على إمالة حرفي الألف واللام نحو اليمين، وهو الظاهر للعيان في جميع المخطوطات الموجودة في المعرض التي كتبت بالخط الكوفي العريق، حسب تعليق فوريه التي ترى ان «الخط العربي والتفنن في رسم حرفه ميزة عرف بها الفن الاسلامي عالميا، واسم الجلالة والحركات التي استخدمها كل خطاط تؤكد الرغبة الكامنة لديهم في ابداع وتقديم ما هو أجمل».
وأضافت «القرآن الكريم يعد وسيلة المسلم لذكر الله والتعبير في الوقت نفسه عن الايمان بالدين الإسلامي، وحظي المصحف بعناية خاصة على مدى العصور، حيث ابتكرت أنواع واشكال كثيرة للخط، خصوصاً في القرن الرابع للهجرة في نسخ القرآن من بينها الحجازي والكوفي والثلث والمحقق والنسخ والريحاني»، مشيرة إلى أن المخطوطات القرآنية وخطوطها المختلفة كان لها دور بارز في تاريخ الفنون الإسلامية، إذ عبر الخطاطون والحِرَفيّون، ومنهم الوراقون والمجلدون والمزخرفون، عن براعتهم وإبداعهم وتفانيهم في نسخ وإخراج النصوص القرآنية بالشكل الأمثل. ونظراً لقدسية القرآن الكريم في العقيدة الإسلامية، لايزال عدد لا بأس به من هذه النسخ محفوظاً حتى يومنا هذا.
المصاحف المكتوبة بالخط الحجازي الأكثر قيمة في المعرض.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news