«زمن العار».. الطبقة الوسطى تملأ الشاشة

المسلسل يتجاهل عوالم الطبقة الثرية. أرشيفية

الوقت ليس مبكراً للحديث عن عمل درامي يستحق التوقف عنده، والإشارة إلى جميع العاملين فيه بأنهم قدموا صورة واقعية للحياة التي يعيشها أبناء الطبقة الوسطى، ففي مسلسل «زمن العار» لمخرجته رشا شربتجي، ويعرض على قناتي دبي وشام، لا وجود للطبقة البرجوازية والتي هي بشكل عام تحل أية مشكلة، ومهما كان نوعها، بالنقود حتى ولو كانت المشكلة عاراً اجتماعياً، على عكس الفقراء والكادحين الذين لا يملكون من المال ما يكفي حتى لشراء الخبز والكساء، فمفهوم العار عندهم مختلف كثيراً، لأنهم لا يتغنون إلا بالشرف والأمانة والنزاهة والعرض، فهو مسلسل الكادحين الذين يملأون الشاشة، على وسعها.

ففي الحلقات الأولى من «زمن العار» الذي تشارك في تأليفه نجيب نصير وحسن سامي، ويشارك فيه كوكبة من الفنانين السوريين في مقدمتهم النجوم بسام كوسا وتيم حسن وسلافة معمار، كانت الأحداث بطيئة لكنها متجاوبة مع إيقاع الحياة التي يعيشها متوسطو الدخل، وبدأت شربتجي تظهر ملامح الزقاق والأحياء المتهالكة في مواجهات صريحة مع سلالم القيم المتشابكة في الحياة العربية الراهنة، وكل المفاهيم المختلطة تحت لافتة الحداثة المعاصرة، ما يبني تساؤلات لدى المشاهد أمام السؤال الذي يقف عليه المسلسل ما العار؟ وأين يكمن هذا العار؟ وما منابعه ومصباته في حياتنا؟

فها هي شخصية بثينة «سلافة معمار» التي تجاوزت الثلاثين من عمرها، وفاتها قطار الزواج «اجتماعيا»، تكرس وقتها لخدمة والدتها المريضة، ولا تحلم إلا بصورة زفافها من زوج صديقتها الوحيدة، فهي لم ترَ غيره لأن اختلاطها مع الشارع بشكل عام محدود ومقتصر على شراء الفواكه والخضراوات واللحوم، وتركيز شربتجي عليها بشكل مكثف كان لافتا في الحلقات الاولى، حيث تتسارع علاقتها مع زوج صديقتها بأسرع من المتوقع، فبثينة التي لا يخلو وجهها من تعبير ساخر تصر على استخدامه كلما وضعت في حيرة بأن تحرك شفتيها يمينا ويسارا، وهي الوسيلة الوحيدة لديها على ما يبدو للاحتجاج، تأخذ قرارا سريعا بأن توافق على الزواج (صوريا) من زوج صديقتها جميل «تيم حسن» صاحب المطعم وسائق التاكسي، بعد أن أغراها بتلبية حاجاتها العاطفية وبأن لجسدها حقا عليها.

وتعيش بثينة في دوامة الأحلام التي لا تخلو من الرقصات واللمسات التي طالما رغبت في أن تشعر بها، العار هنا ليس المقصود على ما يبدو، في أن بثينة خانت صديقتها أو سلمت نفسها الى رجل تزوجها (صوريا)، بل هو فيما يبدو بكيفية استغلال هذا الرجل هذا العقد الصوري، فهو أصبح يلاحقها ويطالبها بحقه الشرعي، ويهددها بطريقة إيمائية، وهي البسيطة التي لا تجرؤ على النظر في عيني والدتها، كي لا تكـشف ما تخـبئه عـنها.

أما بالنسبة لمفهوم العار، فعلى الأغلب ستكون ملامحه أوضح في الأيام المقبلة، وعلى الأغلب ستمثل بثينة النقطة الرئيسة والأضعف ليصب جميع الشخصيات المشاركة، ومنهم المرتشي والخائن والظالم عارهم عليها.

أما بطل العمل الرئيس يوسف «بسام كوسا»، الذي يؤدي دور بائع كتب، ومثقف، فأحيانا يبيع أفكاره لمثقفين مشهورين، لأجل لقمة العيش على أرصفة شوارع دمشق العتيقة. وأجلت شربتجي تسليط الضوء عليه مبدئيا بشكل واسع، لكنها أوضحت انه يمثل الوضع الاقتصادي الذي يعيشه الشعب العربي بشكل عام فهو الاب لطفلين والذي لا يرضى أن يطرد أمه (منى واصف) من بيته من أجل زوجته التي لا تحلم إلا بأن تصبح شبيهة لهيفاء وهبي، وأن ترتدي ما ترتديه الفنانات، وهي المتزوجة من رجل كادح لا يحتمل عقله مثل هذه الترهات، لأنه لا يفكر إلا في شراء منزل أوسع ليرضي جميع الأطراف.

دور كوسا والعار الذي يحمله على ما يبدو هو العجز في تحقيق الأماني، ولو كانت بسيطة، وهو العجز في تأمين مؤخر انهاء زواجه، فحبكة دوره من الناحية الدرامية لم تظهر بعد، وعلى ما يبدو ستكون الأيام المقبلة كفيلة بإظهار مفاجآت كثيرة في ما يخص تعريف معنى العار الحقيقي.

ويشارك في المسلسل، إضافة إلى الممثلين الذين سبق ذكرهم، عدد من نجوم الدراما السورية، وأبرزهم منى واصف، خالد تاجا، سليم صبري، سمر سامي، مكسيم خليل، ديمة بياعة، نادين تحسين بيك، وسواهم، ويشرف على العمل درامياً مروان ناصح، وفنياً بسام كوسا.

تويتر