رمـوز من الحضارة الإسلاميّة في أبوظبي
بأجواء روحانية تليق بشهر رمضان المبارك، يستقبل معرض «الإسلام.. عقيدة وعبادة» زواره، ويمنحهم فرصة نادرة للتعرف إلى معالم مبهرة من الحضارة الإسلامية والفنون الإسلامية، عبر مجموعة من المقتنيات الفنية التي تم استقطابها من سبعة متاحف ومكتبات وطنية في تركيا، هي «متحف قصر توبكابي»، و«متحف الفنون التركية والإسلامية»، و«مجمع مولوية جالاتا»، و«مكتبة بيازيت»، و«متحف الأعراق البشرية في أنقرة»، إضافة إلى متاحف أخرى، ويعتبر المعرض الذي تنظمه هيئة أبوظبي والتراث في قصر الإمارات، ويستمر حتى 10 أكتوبر المقبل، الأول من نوعه الذي يقام خارج تركيا. وعبر سبعة أقسام متتالية؛ تم تصميمها بعناية بين ديكورات روحانية، تليق بما تزهو به المعروضات من قيمة فنية وأهمية دينية وتاريخية، وتعكس فهماً عميقاً من القائمين على تصميم الديكور لقيمة المعرض وأهميته، ما يولد قيمة جمالية جديدة، تضاف إلى جماليات المعرض وإبهاره، كما زاد من جماليات العرض الموسيقي الروحانية والأناشيد الدينية التي تستقبل الزائر وتملأ أجواء المكان بمشاعر الخشوع، خصوصاً أنه تم اختيار موسيقى خاصة لكل قسم من المعرض تتناسب مع محتوياته وموضوعه.
الخط العربي
بإبداعات الخط العربي وتجلياته؛ وبكلمات البسملة، يبدأ المعرض في إشارة واضحة إلى ما للغة العربية من مكانة، باعتبارها ملمحاً رئيساً من ملامح الهوية العربية ورمزا من رموز الحضارة الإسلامية، وما حظي به الخط العربي من احتفاء من الفنان العربي والمسلم على مر العصور، انعكست في تنوع خطوطه ومدارسه، وحرص الفنان على إدخاله في ما يصنعه من مقتنيات وأدوات تستخدم في الحياة اليومية، وتصاحب الزائر في هذا الجزء من المعرض معزوفات موسيقية خاشعة، بينما تتوسط القاعة طاولة عرض تجمع بين «قدوم» أي طبلة مزدوجة صغيرة الحجم من النحاس المطعم بالفضة تعود للعصر العثماني في القرن 15 ،وناي من الخيزران والفضة من العصر العثماني أيضا.
مقتنيات نادرة
القاعة التالية خصصت لعرض لوحات من كتاب «سيرة الرسول محمد» صلى الله عليه وسلم، وقام بتأليفه الشاعر الأرضومي مصطفى ضرير، بناء على تكليف من السلطان المملوكي برقوق 1382 ـ 1398 ،ونظرا إلى المكانة البارزة للكتاب في الثقافة العثمانية، أمر السلطان مراد الثالث برسمه، وانتهى العمل فيه في عهد السلطان محمد الثالث 1603 ،ويضم الكتاب ستة مجلدات بقي منها خمسة، ويضم ما يقرب من 700 منمنمة لعدد من الفنانين.
وتجسد اللوحات ذات الألوان الزاهية مواقف بارزة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى خلاف المعتاد في الفن الإسلامي، جسد الفنان شخصيات الصحابة والخلفاء الراشدين واضحة، بينما ظهرت شخصية الرسول الكريم وعلى وجهه غلالة تخفي ملامحه، كما ظهر جبريل وقد محيت ملامح وجهه وكذلك بقية الملائكة، ويتوسط القاعة أثر لقدم الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن المقتنيات التي يزهو بها معرض «الإسلام.. عقيدة وعبادة»، وترتبط بسيرة الرسول الكريم، وانتشار الإسلام، ومبادئ العقيدة والعبادات الإسلامية، وجمعت في قسم خاص بالمعرض، من بينها «قدم السعادة»، وهو قالب يظهر عليه أثر قدم النبي، وحلية السعادة ، وهي لوحة فيها وصف الرسول، كما ورد على لسان علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وكتبت في جوانبها أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، إضافة إلى نموذج من الذهب على شكل «قدم السعادة»، هناك أيضا «المهر النبوي»، وهو رسم رمزي لخاتم النبوة الذي كان بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وسيف «ذي الفقار» وهو سيف مزدوج الحد، كان يستخدمه الرسول في معاركه لنشر الإسلام، ثم أهداه إلى الإمام علي كرّم الله وجهه، ويعرض هو وسيف معاوية رضي الله عنه مؤسس الخلافة الأموية للمرة الأولى خارج تركيا، وتصاحب الزائر في هذه القاعة اصوات خاشعة تتلو صلاة منغمة على النبي صلى الله عليه وسلم.
مصاحف أِثرية
يضم القسم التالي من المعرض مجموعة من المصاحف الأثرية النادرة، صنعت من خامات مختلفة وفي عصور متفاوتة، واتفقت جميعها في مكانتها وأهميتها التاريخية والفنية العالية، وزينت جدران القاعة بلوحات من الخط العربي بمختلف أنواعه، وبأصوات التلبية والابتهال إلى الله؛ يستقبل القسم المخصص للمقتنيات المرتبطة بالحج في المعرض زائريه الذين سيجدون أنفسهم أمام مجموعة مبهرة من المقتنيات التي تعد كل منها عملا فنيا متكاملا يصعب تكراره، ومن هذه المقتنيات «المحمل الشريف» (صندوق يحمل على ظهر الجمل في مقدمة قافلة الحج)، وحُلَق باب الكعبة، ونقوش زخرفية على الكعبة، وقماش كانت تُكسى به «الروضة الطاهرة» (قبة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم)، و«مقام إبراهيم» (حجر عليه أثر قدم إبراهيم عليه السلام)، وصور لمكان ولادة فاطمة رضي الله عنها.
عبادات ورمزيّة
يضم القسم الخاص بالعبادات في المعرض مناشف وحجابات وقلنسوات وأطقماً من الأباريق والجفنات والمصابيح المعلقة والشمعدانات، وكلها تتمتع بجمال أخاذ وحرفية استثنائية، كما يتضمن المعرض رسومات مصغرة ومخطوطات وأعمالا فنية، إضافة إلى أعمال عديدة تصور نشأة الحرف العربي على مر العصور، إلى جانب مجموعة كبيرة من المقتنيات التي تعكس صورا من الحياة اليومية للمسلمين في عصور مختلفة، ونماذج للأدوات المختلفة التي كانوا يستخدمونها للمعيشة والمأكل والملبس، في مشاهد بصرية تبرز بساطة هذه المقتنيات وجمالياتها في الوقت نفسه، بالإضافة إلى المنمنمات والمخطوطات والتحف التي تم حفظها عبر قرون طويلة من تاريخ الإسلام في العهود الأموية والعباسية والعثمانية.
وحمل القسم الأخير من المعرض عنوان «الرمزية في الإسلام»، وتضمن مجموعة من المعروضات ذات القيمة الفنية البارزة، من بينها «باب الجنة» الذي يتميز بحرفية ودقة عالية في حفر الورود الدقيقة التي غطته بالكامل، وشاهد ضريح، وتابوتاً خشبياً مجوفاً، وكلها مزخرفة. |
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news