المتوكّل طه: التعايش مع الاحتلال هزيمة
وصف رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين الشاعر المتوكل طه مدينة القدس بأنها «مهددة ومحاصرة بعدد من الأسوار، منها أسوار الإسمنت وأسوار الدبلوماسية». وقال إن «المواطن المقدسي إلى الآن غير معرف قانونا بما يفيد حقه في المواطنة وامتلاكه بيتا». وأضاف إن «المحتل الإسرائيلي استطاع أن يسور المدينة المقدسة بعدد من الأسوار، لم تشهدها مدينة في التاريخ من قبل، إذ أقام أسوارا من الإسمنت وأسوارا من الأسلاك الشائكة وأسوارا من المستوطنين».
واعتبر طه أن الأكثر قسوة هي «أسوار الصياغات الدبلوماسية والتواطؤ الدولي التي تسمح للمحتل بأن ينفرد بالقدس، وأن يسورها». وشدد على أن السور الدبلوماسي يفصل القدس عن محيطها وشعبها الفلسطيني، وأن مفهوم السور أو الحاجز «ليس أمنيا على الإطلاق»، لكن له أبعاد اقتصادية اجتماعية ونفسية أكثر خطورة، إذ يفكك الفلسطينيين إلى كتل بشرية صغيرة، يسهل التحكم فيها والسيطرة عليها.
وقال طه في مؤتمر «القدس وثقافة المقاومة» الذي يقام في مقر اتحاد كتاب مصر في القاهرة إن «المحتل يستبق الزمن، لكي يتمكن من فرض الواقع والوقائع، قبل أي تسوية يتم التوصل إليها فرضا أو طوعا»، وأوضح أن «التنازلات ستكون على حساب الطرف الفلسطيني الأضعف».
وأكد طه في كلمته التي ألقاها في الموتمر أن أن «أحياء عربية في القدس اختفت، أو معرضة للاختفاء أو التهويد». وتساءل عن جدوى التطبيع في مثل هذه الظروف، وقال إن «التكيف والتعايش مع الاحتلال هو شكل صاعق من أشكال الأزمة ومن أشكال الهزيمة أيضا، والمحتل يعتقد أن على الطرف العربي أن يقدم حسن النية، وأن تكون العلاقات كلها على حسابه».
واستعرض طه علاقات أطراف «في المنطقة» بإسرائيل، قائلا إن بعضها على علاقة ما بالمحتل منذ أكثر من 60 عاما و30 عاما و10 أعوام، ولكن المحتل يهددها ويبتزها ويستغلها، ويخونها أمام جماهيرها، كما يهددها بالجواسيس، وبخلخلة الأمن الاجتماعي والصحي والاقتصادي وإثارة قضية الأقليات الدينية».
وقال رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين إن التطبيع ربما يستمر فترة، ولكنه سينتهي، «لأنه ضد رؤيتنا لأنفسنا وحقوقنا ومشروعنا من جهة، ولأنه ضد البنية النفسية للمحتل ذاته الذي لا يطيق أحدا ولا يتعايش مع أحد». ولفت الانتباه إلى أن القدس التي يعلن عنها عاصمة للثقافة العربية 2009 لا يستطيع أحد أن يصل إليها أو يقيم فيها نشاطا، «فهل نتكيف أو نتعايش مع القدس محتلة.. العرب يحتفلون بثقافتهم في مدينة محتلة لا يمتلكون القدرة على الوصول إليها». وتساءل «أليس في الأمر بعض فانتازيا؟».
وأكد طه أن القدس «تشهد اليوم أقوى وأعمق هجمة استيطانية إحلالية في تاريخها الحديث، إذ يقوم المحتل الإسرائيلي فعليا بإفراغ أحياء كاملة من القدس من مواطنيها الأصليين، القدس تختطف من تاريخها وهويتها.. المحتل ينفرد بالقدس، حفرا ونبشا وهدما وإضافة وحذفا». وقال إن «التعايش مع المحتل يعني عمليا العيش مع الحق المنقوص والإرادة المنقوصة، المحتل لا يقبل أن يتعايش مع أحد إطلاقا، فالمحتل الإسرائيلي بالذات له من العقد النفسية المؤسسة على عقد الاضطهاد وعقدة الضحية وعقدة التميز والعرق الخاص، ما يحوله إلى كيان لا يرى إلا نفسه».
وشدد أدباء ومثقفون عرب في حفل افتتاح المؤتمر، أول من أمس، على حق الفلسطينيين في المقاومة، باعتبارهم شعبا تحت الاحتلال»، وقال رئيس اتحاد كتاب مصر محمد سلماوي «الحق لا بد أن ينتصر في النهاية»، مستعيرا كلمة صلاح الدين الأيوبي الذي حرر القدس من الصليبيين قبل نحو ثمانية قرون.
وقال الروائي بهاء طاهر إن «تحرير القدس لا يكون بمهرجانات الخطابة التي لا تجدي، وإنما باستنهاض الهمم، كما فعل صلاح الدين الذي سبقته مرحلة تاريخية مظلمة، شهدت تحالفا وتطبيعا بين إمارات إسلامية والصليبيين، إلى أن نجح في توحيد الصفوف، وهو شبيه بما حدث في حرب أكتوبر ،1973 حين أغلق اليمن باب المندب ومنع العرب البترول عن المتحالفين مع إسرائيل وتعاونت جيوش مصر والشام».
تكريم
تسلمت، خلال حفل الافتتاح، أسرة المفكر المصري الراحل عبدالوهاب المسيري درع «جائزة القدس» التي أعلن عن فوزه بها قبل شهرين من وفاته في يوليو .2008 ويمنح اتحاد الكتاب والأدباء العرب الجائزة سنويا لشخصية ثقافية عربية بارزة. وتسلم وزير الثقافة المغربي بنسالم حميش «جائزة نجيب محفوظ للكاتب العربي» التي يمنحها اتحاد كتاب مصر سنويا، لكاتب عربي من خارج مصر على مجمل إنجازه الابداعي والفكري. وأعلن اتحاد كتاب مصر في بيان أنه منح الجائزة لحميش، القاص والروائي البارز، «تقديرا لما قدمه في الإبداع الشعري والروائي والبحثي والفلسفة والتاريخ» . وتبلغ قيمة الجائزة 10 آلاف دولار، وهي أعلى الجوائز التي يمنحها اتحاد كتاب مصر، وفاز بها في السنوات الماضية الروائي السوري حنا مينه والشاعر الفلسطيني سميح القاسم والشاعر السوداني محمد الفيتوري. وتسلم المصري محمد عبدالمطلب «جائزة رجاء النقاش للنقد»، وقيمتها 10 آلاف جنيه مصري «نحو 1812 دولارا»، وتمنحها أسرة الناقد المصري الراحل رجاء النقاش، بالتعاون مع دار الشروق. وفاز بالجائزة في دورتها الأولى في 2008 الناقد المصري عبدالحميد ابراهيم. قضايا |