الجسمـي وطارش والحليان نجوم رمضان
بعد مرور 24 يوماً من شهر رمضان الذي مثل من وجهة نظر متابعين أحد مؤشرات النضج في الدراما المحلية، تغيرت خارطة نجوم هذا الشهر محلياً مرسخة وجوهاً جديدة في الصدارة، لاسيما في ظل غياب مؤثر لـ«حاير طاير» الذي اعتاد أن يطل على المشاهد كل عامين ببطله الأول جابر نغموش، ما أتاح الفرصة لتألق نجوم آخرين في أعمال كوميدية مهمة، كان من أبرزهم الفنان أحمد الجسمي الذي يشارك في ثلاثة أعمال مختلفة هذا العام، هي «دروب المطايا» و«الجيران» و «عجيب غريب»، وفي الوقت الذي كان الأخير محور تألق الفنانة رزيقة طارش التي تقوم أيضاً ببطولة «حنة ورنة»، فإن المسلسل نفسه رسخ قدرة الفنان مرعي الحليان على أداء شخصية الوافد الآسيوي، وبشكل خاص الإيراني الذي يتكلم العربية بصعوبة، من خلال شخصية «عباس» التي يؤديها للعام التالي على التوالي.
وعلى الرغم من أن الثلاثي الجسمي وطارش والحليان ليسوا وافدين جدداً على ساحة التألق الدرامي في رمضان، وسبق أن قدموا أعمالاً شديدة التميز خلال شهر رمضان في السنوات القليلة الماضية، مثل «الدريشة» و«جنون المال» و«أزهار مريم»،و«حظ يا نصـيب» وحتى في «حاير طاير» نفسها، وأعمالاً تعود إلى كاتب «عجيب غريب» الإماراتي جمال سالم، إلا أن طبيعة الأدوار وشعبيتها ومساحة الكوميديا بشكل خاص فيها جعلهم يقفزون بسـهولة إلى صدارة المشهد الدرامي المحلي الذي ظل حكراً قبل ذلك على أسماء بعينها إلى جانب نغموش، مثل حبـيب غلوم وسـميرة أحمد.
سيت كوم إماراتي
وبمزيد من التحديد، فإن العمل الكوميدي «عجيب غريب» كان حسب متابعين كثيرين والجمهور بمثابة البديل الموفق لـ«حاير طاير»، على الرغم من الاختلاف الجذري بين العملين، والتباين الشديد بين مسلسل متعدد الأجزاء يستوعب عشرات الفنانين، وآخر يميل بشكل كبير إلى البساطة في محتواه الدرامي وأسلوب تصويره، من خلال أسلوب وصفه القائمون عليه بأنه «أول مسلسل سيت كوم إماراتي» وهو «عجيب غريب» .
الشخصية المحورية في العمل، وهي شخصية الأب «غريب» الذي يؤدي دوره الفنان أحمد الجسمي كانت شديدة الثراء الدرامي، من خلال قدرتها على التبدل والتلون بشكل مثل أحد موازين القوة في العمل في حلقات منفصلة في فكرتها ومحورها، لكنها متصلة من حيث كونها، تدور حول أسرة «غريب» الإماراتية التي اضطرتها ظروف مادية متمثلة في خسارة معظم مواردها المالية في الأسهم إلى استئجار شقة سكنية في عمارة تقطنها أسر من جنسيات مختلفة.
هذا الثراء الذي تمتعت به شخصية «غريب» انسحب على بقية الشخصيات الرئيسة في العمل، حيث تمكنت الفنانة ملاك الخالدي التي تؤدي دور ميثاء «زوجة غريب» من مسايرة تحولات الشخصية الرئيسة، على نحو غير مسبوق في أعمال الخالدي التي ربما يكون هذا العمل بمثابة إعادة اكتشاف جديد لقدراتها الدرامية الحقيقية.
وفي داخل الإطار الأسري نفسه، تغلبت الممثلة الشابة مروة راتب أيضاً على إحباطات نقدية كثيرة كانت قد شككت سابقاً في قدراتها على تنفيذ أدوار محورية، بعد أن حملتها ندوة نقدية مسؤولية فشل إحدى المسرحيات المشاركة بمهرجان دبي لمسرح الشباب في دورته الماضية، بسبب ضعف أدائها التمثيلي، الأمر الذي واجهته حينها بموجة من البكاء الذي كان مفتاحاً لأن يختارها الجسمي الذي كان رئيس لجنة تحكيم المهرجان حينها، أحد الوجوه الشابة للعمل الجديد.
ونجحت مروة راتب بالفعل في محو الصورة السلبية التي أحيطت بدورها المسرحي، وقدمت في «عجيب غريب» دور الفتاة الدلوعة المعارضة دائماً لسطوة الأسرة، لكنها كانت أقل إقناعاً من شقيقتها في المسلسل، وهو الدور الذي تم إسناده للصاعدة أمل محمد التي ربما ساعدها حجم الدور الذي أسند لها سابقاً في مسلسل «الوجه الآخر» في الوصول إلى مزيد من الحرفية في الأداء إلى الحد الذي يجعل حضورها دائماً متفوقاً على راتب، على الرغم من تمتع الأخيرة بمساحة أكبر في المشهد الدرامي.
تألق أكبر
وإذا كان دور كل فرد من أفراد أسرة «غريب» يبدو شديد الأهمية، فإن للجيران أيضاً دوراً كبيراً على صعيد المشهد الإيراني، وبشكل خاص الأسرة الإيرانية التي واصل من خلالها الفنان مرعي الحليان تألقه في دور «عباس» الإيراني، وهو الدور نفسه الذي سبق وتألق فيه الحليان، وعمل الكاتب جمال سالم على تطويره، بشكل جعل عباس أحد المفاتيح الكوميدية الرئيسة للعمل التي تنتهج لذاتها طابعها الخاص، مفجرة طاقات الحليان الكوميدية، وبشكل خاص في ما يتعلق بمنحى تقليد شخصية لها ملامح مسبقة في ذهن المتلقي، وهو ما يطلق عليه الشخصية النمطية.
وكما أتاح «غريب» بتلونه الدرامي إمكانات أكبر لتألق ملاك الخالدي التي أدت دور الزوجة، كان الأمر بالنسبة لـ«عباس» مع زوجته الإيرانية أيضاً التي قامت بدورها الفنانة صوغة، والتي أدت أيضاً دوراَ مهماً في إقناع المشاهد بأنه أمام اسرة إيرانية حقيقية، وفي الوقت الذي تألق فيه الحليان في عمل آخر هو مسلسل «دروب المطايا» الذي تعرضه أبوظبي الفضائية، تألقت صوغة أيضاً في مسلسل آخر هو «الجيران» على شاشة سما دبي. وكان حضور اللهجة المصرية في هذا العمل من خلال شخصية أحد الجيران وهو الدكتور حودة الذي أدى دوره الفنان نصر حماد، ليكون أيضاً مفتاحاً سهلاً للمخرج من أجل الخروج بحل كوميدي للكثير من المشاهد، فيما كان للهجة نفسها حضور آخر من خلال شخصية حارس العمارة الذي يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في حياة سكان العمارة مخلفاً مشكلات ومواقف إشكالية كثيرة.
وكانت الفنانة رزيقة طارش أحد الحلول الكوميدية الجاهزة دائماً، من خلال دور الجدة العجوز خفيفة الظل، وهو الدور نفسه الذي دأبت طارش على الإبداع فيه في المرحلة الأخيرة، لكنها تؤديه بمساحة أكبر في «حنة ورنة» على شاشة سما دبي الفضائية. وعلى الرغم من أن حظوظ هذا المسلسل في الإجادة الفنية تبقى أقل بكثير من «عجيب غريب»، إلا أنه يبقى أيضاً نمطاً كوميدياً مختلفاً، لاسيما لجهة الرمز والفانتازيا اللذين يشكلان جوهر العمل، من خلال اللعب على أوتار زمنية متداخلة، على نحو يقترب بأجواء العمل بين العقود المتتالية، من دون فواصل مستعيداً أجواء الفريج في فترة ما قبل ظهور النفط .
"قوم الغش"
في سياق متصل، علمت «الإمارات اليوم» أن «عجيب غريب» مرشح بقوة أن يتم اعتماده مسلسلاً متعدد الأجزاء على شاشة قناة دبي الفضائية، بعدما أشارت إحصاءات نسب المشاهدة التي تجريها مؤسسة دبي للإعلام إلى التقبل الجماهيري للعمل، ما سيجعل الجسمي ورفاقه نجوماً ربما حاضرين سنوياً على «دبي الفضائية»، على الأقل خلال السنوات القليلة المقبلة.
تبرير